أخبار - 2018.04.08

الزبـيّـــر التركي : شخصيّــة كيّـفـتــهـا اهتمــامات متنوّعــة

الزبـيّـــر التركي : شخصيّــة كيّـفـتــهـا اهتمــامات متنوّعــة

الزبير التركي حظي بحياة ثريّة، حافلة بأنواع الثراء الثقافي والحضاري، وإن كان الإبداع الفنـّي هو المُهيمن على سائر أعماله.
ولا شكّ أنّ فنّه وحياته في ترابط وثيق ؛ وأنّ كليهما انبثاق من انتمائه الحضاري، ومن صَبابة إلى الثقافة لم تفارقه.
ولا شكّ، أيضا، أنّه كان، بين أترابه وزملائه، من أقربهم إلى البيئة التونسيّة، ومـن أشدّهـم لصوقا بتقاليدها ؛ وفي نفس الوقت، كان من أعمقهم حداثة، فيما يرسم من صُور النّاس، ينتزعها من الذاكرة، فتـُصبغ عليها يده الساحرة تلك الطلاوة التي بها يُعرف، لأوّل نظرة، أيّ عمل من أعماله الفنـّية.

لقد لقد أخذ مبادئ الرسم عن أستاذه الأوّل، أخـــيـــه الأكبـــر، ســي الــهادي –شفاه الله – الذي «علّـمه السحر»، والذي يُعدّ من أساطين هذا الفنّ، سواء الكلاسيكي أو التجريدي.

كان الزبير –كما يحلو لأحبابه أن يدعوه– يحلم أن يَبلغ قامة كبار زعماء الفنّ الأوروبي، في قوّة نبوغهم، وتنوّع توجّهاتهم الثقافيّة.

فقد كانت له اهتمامات متنوّعة، كيّفت شخصيّته، وزادت في ألق عبقريّته، متجاوزة لمجال الرسم الذي أحرز فيه سمعته، وبلغ فيه مبالغ كبار الرسّامين. 

فقد تميّز، منذ أوّل شبابه، بحرصه على اللحاق بـ»صَخـَب المدينة« وأنوارها، آخذًا بطرف من كلّ ما يخوض فيه معاصروه.

وكان له ولـَعٌ بصنوف العمل الثقافي، يقطع لكلّ منها حيّزا هامّا من وقته، خدمةً للثقافة وإشعاعها، وتعريفًا بما تسعى إليه.

فكان له إسهام، من قريب أو من بعيد، في مجالات منها، لإحساسه الفطري بأنّ وجوه الثقافة، مهما اختلفت وتنوّعت، تبقى مترابطة، متناصرة.

من ذلك أنّه كان مواكبًا للحركـة الأدبيّـة، توّاقًا إلى مجالسة الأدباء والشعراء ؛ فانعقدت له صلة حميمة بمن آلت إليه، طيلة أجيال، ريادتـُهم : محمود المسعدي – الذي أعطى «لوثة الأدب»، منزلةً لم يبلغها إلا ّ قلّة من الأفذاذ.

وكان للزبيّر ولعٌ بالعمل المسرحي، حين كان المسرح بزعامة مَن بقي اسمه مُضيئا في الذاكرة التونسيّة : علي بن عيّاد : فأقـْدما معا، على إخراج مسرحيّة لم تكن تبدو مضمونة النجاح : «مراد الثالث»، لشاب كان في أُولى خطاه – الحبيب بولعراس – بناها، اقتداء بإحدى كُبريات المسرح الفرنسي، في ارتكازها على شخصيّة محوريّة تنطلق بعنفوان وخـُيلاء، ومآلها الدمار (Caligula). فكان له، فيما نالته هذه الرائعة من فوز، منذ عرضها الأوّل، إسهامٌ في جمال الإخراج، وبريق الشخصيات.

ولأنّه وقُر، في ضمير المجتمع، أنّ رمـــز الثقــافة التونسيّة، في مختلف عصورها، إنّما هو ابن خلدون، فاستشار الزبير المجاهد الأكبر في نحت تمثال المؤرّخ العظيم : فأضفى عليه من ملامحه الشخصيّة، عسى أن ينال، من خلاله، ما يصبو إليه كلّ مُبدِع، في الفنّ أو في الأدب، من خلود. 

الشاذلي القليبي
 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.