أخبار - 2018.02.22

جيل كيبل: الإسلام الديمقراطي جزء من الاستثناء التونسي (فيديو)

الاسلام الديمقراطي جزء من الإستثناء التونسي (فيديو)

في الجزء الثاني من الحديث يتطرّق جيل كيبل إلى مرحلة بعد داعش وإلى دور المرأة في التنظيمات الارهابية، إضافة إلى مفهوم " الإسلام الديمقراطي".

ماذا بعد داعش، خاصّة وأنّ الجهاديّين تم نقلهم إلى أفغانستان وشرعوا في القيام بعمليات جهادية هناك. فهل تُعتبر افغانستان الوجهة الجديدة للإرهابيين وهل هناك وجهات أخرى لمقاتلي الدولة الإسلامية؟

أفغانستان هي إحدى وجهات مقاتلي داعش ولكن هناك وجهات أخرى مثل جنوب السودان وليبيا وشمال مالي والساحل. أعتقد أنّ الضربة العسكرية في الموصل والرقّة كان لها تأثير شديد في تفكير الجهاديين، وخاصّة المنتمين إلى الجيل الثالث، الذي يجاهد باستعمال الانترنات ومواقع التواصل الاجتماعي ويوجّه هجماته ضدّ العدو القريب والبعيد. فمثلا، كتب الداعشي الفرنسي- الجزائري، رشيد قاسم الذي أهدر دمي ثلاث مرات، في وصيّته قبل أن يُقتل، أنّ الدولة الإسلامية ليست عادلة ومثالية كما تخيّلها لأنّ الكفاءات وأصحاب الخبرة يتمّ تهميشهم. في كلامه نقد لداعش وهذا يعني أنّ فكرة الجهاد بالنسبة إلى الجيل الثالث فشلت. وعندما نقرأ اليوم ما يكتب في مواقع التواصل الاجتماعي للجهاديين، نجد أنّهم في أزمة وأنّهم يبحثون عن نموذج جديد لعمليات جهادية. من الواضح أنّ القدرة على الارتباط إيديولوجيّا بشبكة ما، مازالت موجودة، ولكنها أقلّ ممّا كانت عليه أيّام الدولة الإسلامية. مشكلة أنظمة الأمن من 2010 - 2012 أنها لم تفهم إديولوجية داعش وكان تركيزها على المفهوم الزائف «للذئب المنفرد». ليس هناك «ذئاب منفردة» وإنما يوجد شباب يستقي أفكارا جهادية من الانترنات وينسّق أفراده لتنفيذ العمليات الجهادية مع شبان آخرين مؤمنين بنفس الإيديولوجيا. فمثلا التونسي الذي قام بالعملية الإرهابية في نيس، محمد الحويج بوهلال، لم يكن منتميا إلى أيّ تنظيم إرهابي، كما أنّه كان يرقص ويمارس علاقات جنسية مع مثليّين ويستهلك المخدّرات. وعندما حصلت أزمة في حياته، انتمى إلى شبكة جهاديين موجودين في نيس وهذا ساعده في تغيير واقعه من شخص هامشي إلى جهادي. مثل هذا الاستقطاب كان يحصل أكثر أثناء وجود الدولة الإسلامية، حيث أنّ وجودها كان يعطي دافعا قويّا للهامشيين، ولكن الواقع تغيّر الآن. من جهتها، أصبحت الأجهزة الأمنية، سواء في تونس أو فرنسا، أكثر خبرة بعد العمليات الإرهابية التي حصلت في هذين البلدين.

ماهو رأيكم في دور المرأة في التنظيمات الإرهابية، خاصّة أننا شاهدناها في الفترة الأخيرة تشارك في القتال والعمليات الانتحارية؟

للمرأة في التنظيمات الإرهابية، أوّلا، دور تقليدي، يعني أنّها زوجة وأمّ المجاهدين. وعندما تسافر امرأة من فرنسا مع زوجها للانضمام إلى دولة الخلافة ويموت هذا الأخير، فإذا كانت حاملا ينتظر المقاتلون إلى أن تلد ثم يتمّ تزويجها لأحدهم، لأنّ المرأة بالنسبة إليهم هي «مصنع لجيل المجاهدين». وكثير من النساء المنتميات إلى داعش لهن ثلاثة أو أربعة أطفال من رجلين أو ثلاثة. ولكن هذا الدور التقليدي ليس هو الدور الوحيد للمجاهدات. فهناك مجاهدة فرنسية اسمها ايميلي كونيق، هي معتقلة اليوم في سوريا عند الأكراد وكانت معروفة في فرنسا بانتمائها إلى منظمة تدعى «فرسان العزّة» (أول منظّمة جهادية في فرنسا ما بين 2010 - 2012.) كونيق كانت ترتدي النقاب، كما كانت داعية مهمّة جدّا في أوساط المرأة الفرنسية. ولكن رأيناها منذ شهرين في فيديو وهي محتجزة عند الأكراد، تتلو نصّا مملى عليها من قبلهم. وإن أبدت ندمها خلال الفيديو، فهذا لا يخفي أنّها لعبت دورا عقائديا وإديولوجيا مهمّا جدّا لدعم المقاتلين، وساهمت كذلك في بعض المعارك.

هناك اختلاف في دور المرأة في تنظيم القاعدة وفي الدولة الإسلامية، ألا ترون ذلك؟

صحيح، فالنساء أصبح لهنّ دور جديد في تنظيم داعش، بالإضافة إلى أنّنا شهدنا ظاهرة قدوم مجاهدات من بلدان أوروبية وهذا لم يكن موجودا زمن القاعدة.

علمنا أنّكم بصدد كتابة كتاب جديد تتحدّثون فيه عن داعش؟

كتابي هو في الحقيقة حول التاريخ المعاصر للعالم العربي منذ أكتوبر 1973 حتى مرحلة ما بعد داعش. أعتقد أنّ العالم العربي يوجد حاليا في مفترق طرق وأنّ الإديولوجيات والصراعات السابقة مثل  الصراع العربي-الاسرائيلي والإمبريالية تغيّرت، حيث ظهر أيضا الصراع العربي- العربي أي الشيعي والسني، والصراع السني – السني بين السعودية وقطر والصراع التركي – العربي. وحاليا هناك هيمنة إيرانية على المنطقة من مشهد إلى اللاذقية وضاحية بيروت الجنوبية حتّى البحر الأبيض المتوسط. كما يوجد جيش أمريكي يقاتل إلى جانب الأكراد السوريين في روج آفا. بالتالي، فإن المشهد في العالم العربي مختلف جدّا عمّا سبق. يجب فهم هذا المشهد الجديد، وهو التحدي الفكري الذي أطرحه على نفسي في كتابي الذي سيكون الأخير في مسيرتي.

لماذا الأخير؟

لقد أصبحت عجوزا! (يقول ضاحكا)

يجري الحديث الآن عن انتقال 6000 داعشي من الموصل والرقّة إلى منطقة الساحل الإفريقي، وقد لاحظنا في الفترة الأخيرة، أنّ الرئيس ماكرون مهتمّ جدّا بتشكيل قوّة مشتركة لدول الساحل الخمس لمواجهة هذا الخطر. هل تعتقد أنّ هذه التقديرات صحيحة وماهو رأيك فيما يمكن أن يحدث مستقبلا إن تأكّد وجود هذا العدد من المقاتلين؟ وهل يمكن أن تقوم دولة داعشية في منطقتنا؟

أعتقد أنّ ذلك صعب جدا في المستقبل القريب بسبب وجود قوات عسكرية متعدّدة الجنسيات موجودة على الأرض في مالي وموريتانيا والنيجر ستتصدى لأيّة إمكانية لبناء دولة جهادية جديدة. يجب التذكير أنّ الدولة الإسلامية استفادت في ظهورها من الفراغ السياسي في المنطقة ومن الصراع بين الشيعة والسنة في العراق ومن الحرب الأهلية في سوريا.

«الإسلام الديمقراطي» مفهوم تتبنّاه حركة النهضة في تونس، هل هو مفهوم حامل لتحوّل قيمي، حسب رأيك، وهل يمكن أن يفضي إلى مشروع سياسي يكرّس التوافق بين الإسلام والديمقراطية؟

«التوافق» كلمة تونسية مائة بالمائة. فالأغلبية في البرلمان التونسي هي لنداء تونس والنهضة. يمكن أن نعتبر أنّ «الإسلام الديمقراطي» يمثّل جزءا من الاستثناء التونسي. تحدّثت مع الشيخ راشد الغنوشي عن هذا الموضوع بالضبط وسألته إذا ما كان التقارب بين النهضة وبين أردوغان حول مسألة «الإسلام الديمقراطي» متواصل، في الوقت الذي غيّر فيه هذا الأخير نموذجه الديمقراطي وأصبح ينحو نحو الاستبداد. أعتبر أن الانتخابات البلدية القادمة في تونس ستثبت إذا كان هذا  التوافق بين الإسلام والديمقراطية سيتواصل.

حاوره عبد الحفيظ الهرقام والهادي الباهي
ومحمّد إبراهيم الحصايري وحنان زبيس

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.