الصحبي الوهايبي: في الشّحم والحِمْية
قــد لا تتفطّن إلى الشّحم الذي تراكم فوق بطنك وعلى كتفيك وردفيك وحول رقبتك إلاّ وقد اندلقت كرشك أمامك وضاقت عليك ملابسك، فما تزال بين مصدّق ومكذّب، تحاول أن توهم نفسك أنّك على خير ما يرام وأنّ العيب في الملابس التي تنكمش كلّما مسّها ماء، وقد لا تتفطّن إلى ذلك كلّه إلاّ وقد ثقلت حركتك وعجزت ركبتاك عن حمل لحمك وشحمك، فتحاول أن توهم نفسك أنّه فِعل البرد هذه الأيّام. حذار! لا يغرّنّك ما ترى في المرآة، فهي تكذب أحيانا كثيرة. هناك خلائق قبيحة، كريهة، ترفض المرايا أو تتعفّف أن تعكس صورتها، لذلك قـد لا تتبيّن السّلطة، أعني السّلطة في المطلق، صورتَها في المرآة أو هي تـرى شيئا يشبههـا ولا يشبهها ولكن شُبّه لها بفعــل الجرائد والتّلفزات والإذاعات والتّصفيق والشّهيق والنّهيـق. لقـائل أن يقول ولكنّ الشّحم ضروريّ للمحرّك حتّى لا تتآكل مكوّناته بفعل الاحتكاك.
يا أخي، هل ترى محرّكا؟ إنّنا نسمع هديره ولا نراه. ثمّ ألا تعلم أنّ الشّيء إذا بلغ حدّه انقلب إلى ضدّه؟ أي أنّ كثرة الشّحم والتّشحيم تكبّل المحرّك وتقتله. يمثّل الشّحم ما بين عشرة وخمسة وعشرين بالمائة من كتلة جسم الإنسان. أمّا بالنّسبة للحكومات النّائمة، عديمة الحركة فقد تبلغ تلك النّسبة الثّمانين بالمائة وربّما أكثر. لذلك اصْرْفْ نظرك عن شفط الشّحوم في مثل هذه الحالات، فقد تظلّ تشفط وتشفط حتّى لا يبقى من الجسم إلاّ العظم، وقد لا تجد تحت الشّحم عظما. لا تقلْ إنّ الغمّ يذيب الشّحم وإنّ السّلطة مُغتمّة مهمومة هذه الأيّام لكثرة ما تألّب عليها من الأزمات. ولا تَقُلْ: «لا بدّ للسّلطة من حمية غذائيّة أساسها كثير من العدل والحرّيّة والشّفافيّة مع قليلِ القليل من التّجاوزات»، فأنت لا تستطيع أن تهجر، سريعا، نظاما غذائيّا دسما إلى آخر، خفيفٍ، صحيٍّ، سليمٍ، دون مضاعفات قد تؤثّر على معدتك ومصرانك الغليظ بالخصوص. لنفترض، مجرّد افتراض أنّك فقدت شحمك واستعدت عافيتك وجسمَك الرّشيق بقدرة قادر، فماذا ستفعل بملابسك القديمة؟ لنفترض أنّك تبرّعت بها لمكاتب التّضامن الاجتماعي أو بعتها في أسواق الرّوبافيكيا التي عمّت المدن والقرى والأرياف. فماذا تفعل السّلطة بملابسها القديمة؟ ثمّ أليس أجدى أن تبحث في أصل العلّة قبل أن تذهب في البحث عن حلول قد تُحيي وقد تُميت؟ كيف تكوّن كلّ ذلك الشّحم على كرش السّلطة وعلى أكتافها وحول أردافها؟ وحتّى لا تهتمّ أو ترهق نفسك بالتّخمين والتّفكير في وزنك وشحمك ولحمك، فقد وضع أهل الخبرة صيغة حسابيّة بسيطة، سَمَّوْها مؤشّرَ كتلة الجسم، تدلّك إلى ما زاد أو نقص من وزنك، وتُحسب على النّحو التّالي:
مؤشّر كتلة الجسم يساوي وزن الجسم بالكيلوغرام، يُقسم على مربّع الطّول بالمتر. أسوق مثالا لذلك، وزني 80 كيلوغراما وطولي 1،78 متــرا، فيكون مــؤشّر كتلتي هو: 80 على(1،78 ضارب 1،78) = 25،25 فإذا كان مؤشّرك دون 19 فأنت هزيل، نحيف، مهضوم الجانب في العمل وفي المطبخ، وإذا كان ما بين 19 و 25 فأنت صاحب وزن قويم، تأكل جيّدا وتعمل جيّدا، حقّك مكفول في المطبخ وفي العمل كحال النّاس في الدّول السّويّة التي تحترم نفسها وتحترم شعوبها؛ وإذا كان ما بين 25 و 30 فأنت تأكل كثيرا وتعمل قليلا، كحال السّلطة في البلدان الغنيّة التي ليس عليها حسيب أو رقيب، وإذا تجاوزت 30 فأنت سمين، بدين، تأكل ولا تعمل كحال أكثر النّاس في هذه البلاد.
أمّا مؤشّر السّلطة ويسمّونه مؤشّر النّزاهة، فيُحسب على النّحو التّالي: مؤشّــر النّزاهة يساوي عدد الوعود المُخلفة التي لم تُنجز، يُقسم على عمر السّلطة بالسّنوات.
فإذا كان المؤشّر دون 2 فإيّاك أن تصدّق فتلك سلطة فاضلة، لا وجود لها؛ وإذا كان ما بين 2 و10 فإيّاك أن تصدّق أيضا فتلك ليست دولة عربيّة، وإذا كان أكثر من 10 فقد استفحل شحم السّلطة ومرضها ولن ينفع فيهما حمية أو شفط. تسألون كم يساوي مؤشّر السّلطة في هذه البلاد؟ استعملوا الحاسوب فهي ليست عمليّة بسيطة تُحسب على أصابع اليدين!
الصحبي الوهايبي
- اكتب تعليق
- تعليق