مصطفى بن جعفر: من الٲجدر ٲن يَمضي الباجي قايد السبسي في سحب قانون المصالحة
في ردّه على سؤال وجّهته له مجلة ليدرز حول انتظاراته خلال النصف الثاني من المدّة الرئاسيّة للباجي قايد السبسي، قال مصطفى بن جعفر، رئيس المجلس الوطني التأسيسي ومؤسّس حزب التكتل، إنّ لديه أمنيات ثلاث يريد نقلها إلى رئيس الدولة:
ٲوّلا: أقرّ دستور 2014 توزيعا جديدا للسلط بين رأسي السلطة التنفيذية، فأسند لرئيس الجمهورية صلاحيات جليلةً بصفته ضامنا للدستور وحَكَما على الساحة السياسية، فقطع بذلك مع ما كان سائدا في عهد النظام الرئاسي السابق على مستوى مجمّع السلط بين يدي رئيس الجمهورية. وقد تعزّزت وظيفة التحكيم المُخوَّلة لرئيس الجمهورية على أساس انتخابه بالاقتراع العام الحرّ والمباشر. وقد اختار الباجي قايد السبسي منذ انتخابه في سنة 2014 أن يُبْقِي على العادة القديمة، فنصَّب نفسه طرفا "أساسيا" في السلطة التنفيذية، متجاوزا الحدود التي وضعها الدستور. لقد تمّ التشويش على الإشارات التي أرسلتها الثورة، ما تسبّب في تعطيل المسعى الرامي إلى تطوير الذهنيات وتعويدها على أساليب حكم جديدة. لكن النتائج كانت عكس ما كان متوقّعا. هذا الحنين إلى وجود رئيس ذي نفوذ واسع دفع التونسيين إلى تحميله مسؤولية كل ما يلاقونه من معاناة وصعوبات. وكان أجدر به باعتباره رئيسا للتونسيين جميعا أن يبْقَى في منزلة عليا. كما كان أحرى به، وهو الضامن للدستور، أن يبادر إلى إزالة كلّ الشكوك وذلك بملازمة اليقظة تجاه كل التجاوزات التي ارتكبت في حق الدستور وهي كثيرة لسوء الحظ. فلا مجال على الإطلاق لمؤسّساتنا أن تعمل بشكل جيّد دون التعجيل بإرساء المحكمة الدستوريّة ودون اختيار أعضائها بشكل يُؤمِّن استقلاليتها الكاملة، وتلك شروط لا غنى عنها على الإطلاق.
ثانيا: أطلق رئيس الحكومة مؤخرا بتشاور مع رئيس الجمهورية حملة أو بالأحرى "حربا على الفساد"، وهذا شيء إيجابي ما من شكّ في ذلك. لكن قد يحسن برئيس الدولة أن يتفاعل أكثر مع هذه المبادرة، وأن يبدي مزيدا من الاهتمام بها دعما لها وتعزيزا لصدقيّتها. كما يكون من المنطقي أن نمضي في سحب "قانون المصالحة الاقتصادية"، هذا المشروع الذي تنهال عليه سهام النقد من هنا وهناك. فلو قرّر الرئيس العدول عن محاولة تمرير هذا المشروع بالقوّة لأثبت بشكل باتّ استعداده للاستماع إلى صوت المعارضة، ولأرسل إشارة تنمّ عن تواضع أثيل في انسجام تام مع أصول الديمقراطية الصحيحة، ولجَنَّبنا تبعات نقاشات عقيمة لم تنقطع منذ أكثر من سنتين زادت من انقسامات البلاد.
ثالثا: لقد انخرط رئيس الجمهورية بقوة في المجهودات الرامية إلى البحث عن حلّ سياسي للأزمة المعقدة جدّا التي تتخبط فيها ليبيا منذ ستّ سنوات أو أكثر. ولم نبخل عليه بالدعم والمساندة بالنظر إلى ما يترتب عن مثل هذا الحلّ من نتائج إيجابية بالنسبة إلى كافة دول المنطقة واستقرارها ونموها. وكان من المفروض أن تسعى الدبلوماسية التونسية من هذا المنطلق وفي نفس السياق إلى الحدّ من التوترات التي تشوب العلاقات بين الجزائر والمغرب. الباجي قايد السبسي رجل محنك، يتوفر على نسيج من العلاقات المتميّزة على مستوى القيادات في البلدين ويحظى بثقة كل الأطراف، فهو مهيّء تماما لكي يدفع بالمغرب الكبير إلى الأمام من جديد وينجز ما ظلّ حلما يراود الأجيال.
- اكتب تعليق
- تعليق