أخبار - 2017.06.01

وقالت الأحزاب للشاهد : فاذهب أنت وربّك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون

وقالت الأحزاب للشاهد : فاذهب أنت وربّك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون

يوم 23 ماي 2017 أطلق رئيس الحكومة إشارة الحرب على الفساد. فرحت العامّة بهذا الأمر وساندته بأغلبية كبيرة. ودعت منظّمات من المجتمع المدني جموع المواطنين إلى مؤازرة يوسف الشاهد والوقوف بساحة القصبة يوم 26 ماي لدعم هذه المبادرة الجريئة. لكن لم يستجب لهذا الخطاب إلا النزر القليل وتخلّف الكثير من السياسيين والمعارضين.

بدأت الحرب على الفساد بإيقاف ثمانية رجال أعمال تحوم حولهم شبهات فساد كبيرة حسبما جاء في وسائل الإعلام الوطنية. شكّل هذا الخبر حدث الاسبوع فتناقلته شبكات التواصل الاجتماعي وسرى كالنار في الهشيم وعمّت الفرحة قلوب المواطنين ولكنها الفرحة لم تدم طويلا كعادة الهبّة التونسية . وسرعان ما استعاد الناس وعيهم فبدأت الشكوك تحوم حول الحدث وتطوف بأسبابه وتلوب بغاياته حتى انطفأ لهيبها وخمدت الهبّة وسكنت ريحها ولا ندري لماذا يصيبنا الفتور ويذهلنا التحمّس في مثل هذه الأمور؟

دعت بعض منظمات المجتمع المدني المواطنين إلى الحضور بكثافة يوم 26 ماي في الساعة الخامسة مساء بساحة القصبة للتعبير عن مساندتهم للحكومة  وشدّ إزرها في حربها على الفساد الذي استقوى على الدولة ونخر اقتصادها وهدّد أمنها وجرّها إلى أوضاع خطيرة تنبئ بمستقبل عسير إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة تهدف إلى إيقاف هذا النزيف الخطير وتفكيك منظومة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية التي كانت المطلب الأساسي لثورة جانفي 2011.

وعلى الرغم من أنّ التعاطي مع رجال الأعمال المورّطين في ملفات الفساد مثّل النقطة السوداء في سجلّ الحكومات السابقة وما بعد الثورة ويعدّ من أهمّ أسلحة المعارضة عند نقد عمل الحكومة ومن أبرز المواضيع التي تتناولها النقاشات الدورية في الحصص التلفزية وعلى أعمدة الصحف اليومية، فإن الحضور في القصبة كان مخيّبا للآمال ولم يستجب للدعوة إلا القليل فما هو السبب يا ترى؟

من البديهي أن تتخلّف الأحزاب عن هذا الموعد فهي تتجنّب الخوض بعمق وجديّة في هذا الموضوع لعلاقتها الوطيدة بالمال السياسي الذي بدونه لا يمكن لها أن تنافس على المراتب الأولى في الانتخابات ولا يمكن لها حشد المواطنين أو استقطاب الموالين. ومعروف في كلّ أقطار الدنيا أنّ أكبر نسبة للفساد تستأثر بها الأحزاب السياسية وهذا ما قد يفسّر غياب مساندتها لهذه المبادرة التي أطلقها رئيس الحكومة. وهو أمر طبيعي في بلادنا. أما أن تتخلّف مكوّنات المجتمع المدني أو بالأحرى المنظّمات غير الحكومية والجمعيات التي يبلغ عددها أكثر من 18000منظمة وجمعيّة بعد الثورة فهذا أيضا أمر غريب في بلادنا. ولو حضر ممثّل واحد عن كلّ منظمة لغمرت حشود الناس القصبة وضواحيها.​ كما لا نلقي باللائمة على المواطن الحرّ والشباب المتحمّس والصامد الذي لا يغيب عن الاحتجاجات والاعتصامات مطالبةً بالتنمية والتشغيل فهو قد لا يتحرّك إلا في المناطق المهمّشة بعيدا عن القصبة. وقد لا يتحرّك إلا بإيعاز من الأحزاب والمنظمات غير الحكومية التي تسنده في كلّ تحرّكاته لأنّه فقد الثقة في الحكومة.

قلّة من المواطنين المثقّفين وبضع مئات فقط من نساء ورجال هبّوا إلى مساندة الحكومة في حربها على الفساد.من كان في الموعد النسبة الصامتة القليلة من المجتمع المدني التي تنفع البلاد، إلى جانب عدد قليل من النواب ومن ممثلين عن بعض أحزاب المعارضة ولكنّ الأغلبية كانت من الخوالف الذين قالوا لرئيس الحكومة: " يا شاهد هذه الحرب لن ندخلها ما دامت لا تخدم مصالحنا فأذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون".​

محمد النفطي

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.