أخبار - 2017.04.17

غينـــيـــا الــــتـــي انتظـــرت تـونــس طــويــلا

غينـــيـــا الــــتـــي انتظـــرت تـونــس طــويــلا

غينيا- كوناكري- من موفد ليدرز الخاصّ التوفيق الحبيّب. في أقلّ من ستّ ساعات، تحملك الخطوط التونسية إلى العاصمة الغينية كوناكري لتجد نفسك في قلب إفريقيا الغربية المطلّة على المحيط الأطلسي. غابة خضراء غنّاء ترويها أكبر خزّانات مياة القارّة الإفريقية، غير بعيدة عن خطّ الاستواء، وسط ستّة بلدان مجاورة مهمّة (غينيا بيساو والسينغال ومالي والكوت ديفوار وسيراليون وليبيريا). تمتدّ غينيا على مساحة 244 ألف كم 2 (ضعف مساحة البلاد التونسية) وتعدّ ما لا يقلّ عن 12.6 ملايين نسمة، يتجمّع 3 ملايين منها في العاصمة كوناكري وأحوازها.

ولئن تعتبر غينيا من الدول الأقلّ ثروة مالية في العالم إذ لا يفوق الدّخل الفردي السنوي فيها 470 دولارا في السنة، فإنّها تحظى بمعادن ثمينة إذ تعتبر أوّل بلد في العالم لمخزونات البوكسيت (40 مليار طن) واستخراجه وهي المادة الأساسية لتصنيع الأليمنيوم، وتبقى الزراعة والأخشاب والصيد البحري ضمن الأنشطة الاقتصادية التقليدية ولكنها مقبلة على تطوّرات واعدة.

سياسيا، مرّت غينيا بفترات حاسمة منذ استقلالها عن فرنسا في 20أكتوبر 1958 وتولّى أحمد سيكوتوري رئاستها طيلة 26 سنة إلى غاية وفاته سنة 1984. وقد كانت القطيعة مع فرنسا والتوجّه الاشتراكي من أهم مميّزات تلك الفترة ثمّ حاول خلفه الرئيس لانسانا كونتي تدارك ما فات البلد وسار على خطاه الرئيس موسى داديس كامار (2010-2008) دون أن يضمن للبلد ما كان ينشده شعب غينيا من استقرار ونموّ اقتصادي إذ تتالت الهزّات إلى حدّ انتخاب الأستاذ ألفا كوندي رئيسا للجمهورية سنة 2010 والذي تمّ تجديد ولايته سنة 2015، وهو حاليّا الرئيس المباشر للاتحاد الإفريقي.

ترحاب كبير

أوّل رحلة للخطوط التونسية إلى كوناكري عشية يوم 27 مارس 2012 كان مهرجانا تونسيا غينيا بهيجا إذ حرص رئيس الدولة، الأستاذ ألفا كوندي على استقبال وزير النقل، أنيس غديرة، والصناعة والتجارة، زياد العذاري في قصر سيكوتورية مباشرة بمجرّد حلولهما معبّرا لهما عن سعادته الكبرى بهذه المبادرة التي اعتبرها تاريخية وقال: «لقد انتظرناكم طويلا وهاكم اليوم بيننا، ألف مرحبا» ومن مقــرّ الرئاسة انتقل الوزيران لمقابلة رئيس الوزراء مامادي بولا، الشاب الحازم الوافد من القطاع الخاصّ والذي فاجأ الجميع بإشرافه من الغد شخصيّا رفقة عدد من الوزراء الغينيين على افتتاح ملتقى الأعمال والشراكة الاقتصادية.

وحرص أكثر من 50 رئيس مؤسسة تونسية هامّة على مواكبة افتتاح الخطّ الجوي الجديد والمشاركة في هذا الملتقى الذي تضافرت لإنجاحه جهود الخطوط التونسية ومجلس الأعمال التونسي وكونفيديرالية المؤسسات المواطنة التونسية وقد تمّ خلاله التوقيع مع نظرائهم على عديد الاتفاقيات والعقود التجارية وربط صلات واعدة.

روعة الطبيعة

عبق الغابة الاستوائية الفوّاحة وسحر الطبيعة الغناّء يستهويانك في غينيا، ويأسر الألباب جمال الجزر الواقعة قبالة العاصمة، بما تزخر به من طيور وزهور وأشجار وتتميّز به من مناظر طبيعية فريدة من نوعها، فيما يتنافس أهالي البلد بطيبتهم المعهودة على إكرام الضيف والترحيب به.

لماذا اختــارت الخــطوط التــونسية فتــح خطّ مبــاشر؟

شكّل فتح خطّ جوّي مباشر برحلتين في الأسبوع نحو كوناكري مفاجأة في نظر العديد من الناس ولكنّه ينبني في الواقع على رؤية استراتيجيّة أقرّتها الشركة لتوسيع شعاعها نحو دول إفريقيا جنوب الصحراء. فبعد داكار وباماكو وأبيدجان ونيامي ارتأت «التونسية» أن توسّع شبكتها إلى العاصمة الغينية مع استغلال فرصة الربط بينها وبين داكار ضمن رخصة الحرية الخامسة.

ويقول الرئيس المدير العامّ إلياس المنكّبي إنّ هذا التوسّع التدريجي الذي شمل حاليّا ستّ عواصم من خلال 14 رحلة في الأسبوع جمليا سوف يمتدّ قبل موفّى سنة 2020 إلى ثماني عواصم أخرى وهي كوتونو الخرطوم (2017) ودوالا ونجامينا وكينشاسا أو برازافيل (2018) ثمّ أكرا ولاغوس (2019) وليبرفيل (2020). ويؤكد علي الميعاوي المدير العام المساعد التجاري من جهته أن الخطوط التونسية لها من القدرة والكفاءات لإنجاح هذه الخطوط، مع الاعتماد على إيجار طائرات إضافية، بما يجعلها تسترجع مكانتها الريادية وتساهم في خدمة الاقتصاد التونسي سواء من خلال نقل رجال الأعمال والتونسيين بالخارج والسواح والطلبة والمرضى أو البضائع وحتى المنتوجات الفلاحية وغيرها.

التونسيّون في غينيا

لم تخل كلّ هذه التظاهرات من حضور متميّز للتونسيين المقيمين في غينيا. ولئن لا يتجاوز عددهم السبعين أو الثمانين فهم يحظون بتقدير كبير لدى الأوساط الرسمية والأهالي فمنهم من قدم منذ أكثر من 30 عاما على غرار السيدة دنيا كتاري حرم الغدامسي التي تمتلك مؤسسات تعليمية فيما يتولّى ابناها مهدي وأمين الغدامسي الإشراف على وكالة اتصال تغطّي عديد دول المنطقة وكذلك السيدة آسيا المطّوسي التي تمتلك نزلا راقيا وتدير عديد الشركات في قطاعات مختلفة ومن التونسيين من استقرّ في غينيا منذ بضعة سنوات فقط، وهم يعملون في مجالات التجارة الدّوليّة وإنشاء الطرقات والمشاريع الكبرى والهندسة والدراسات وغيرها، إلى جانب عدد آخر من الاستشاريين والخبراء.

ومطلب التونسيين الأوكد هو فتح فرع قنصلي في كوناكري على الأقل يعفيهم من مشقة السفر إلى داكار وتكاليفه لتجديد جوازات سفرهم والحصول على خدمات أخرى.

عزيمة التحدّي

أكدّت الخطوط التونسية من خلال فتح هذه الوجهة الجديدة استعادتها لمقومات نجاحاتها وقدرة فرقها الشابّه على إنجاح الاحتفاليات بأدقّ تفاصيلها الاتصالية والتسويقية وأفضل الأساليب المتّبعة في مجال العلاقات العامة.

وقد تجنّدت كافة المصالح المركزية وكذلك مكتب داكار بروح الفريق الواحد لتذليل كلّ الصعاب وكم هي كثيرة، وتوفير كلّ الظروف لإطلاق هذا الخطّ في أقلّ من سنة فقط منذ الاتفاق المبدئي وفتح مكتب في أهمّ شارع وسط العاصمة وتأمين كلّ الخدمات بالمطار. دموع الفرح كانت تبلّل وجنتي أمل بورقيبة، المديرة المركزية للاتصال والعلاقات الخارجية وهي تغادر كوناكري في رحلة العودة معتزّة بهذا الإنجاز، فخورة بما بذله الجميع...

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.