عــصـام العــامري: الأخطاء الطبية ظاهرة مسكــوت عنهـا
للمجتمع المدني دور مهمّ في التوعية بأخطار الهفوات والأخطاء والحوادث الطبية على الفرد والمجموعة وكذلك في إعانة الضحايا على التشكّي لدى الإدارة والقضاء لنيل حقّهم في الحصول على تعويض. إلى حدّ هذا اليوم، تظلّ هذه الظاهرة مسكوتا عنها في تونس على الرغم من تفاقمها، ولا يلقى النشطاء في المجتمع المدني الذين يسعون إلى الحدّ منها التّجاوب اللاّزم لدى الجهات المعنية، كما يشير إلى ذلك الدّكتور عصام العامري، رئيس الجمعية التونسية لإعانة ضحايا الأخطاء الطبية الذي يقول إنّ عمادة الأطبّاء التونسيين أوقفته سنة 2015 عن العمل بسبب نشــاطه الجمعيــاتي قبـل أن ينصفه القضاء.
يوضّح الدكتور عصام العامري أنّ الأخطاء الطبية ظاهرة عالمية لا تختصّ بها تونس وأنّ القانون قاصر في مواجهتها، ملاحظا أنّ الخطأ وارد في كلّ لحظة وأنّ العديد من الضحايا في تونس فقدوا حياتهم أو أصيبوا بتشوّهات أو إعاقات دائمة بسبب أخطاء طبيّة، غير أنّه يجزم أنّ كلّ من يدلي بأرقام بشأنها غير صادق، في غياب إحصائيات رسميّة دقيقة، وهو ما يستدعي في نظره تضافر الجهود لمحاصرة هذه الظاهرة. ويبيّن أنّ من أهداف الجمعية التي يرأسها والحاصلة على التأشيرة القانونية في ماي 2012:
- تعريف المواطن بمفهوم الأخطاء والهفوات الطبيّة ومضاعفات التدخّل الطبّي.
- التّعريف بالشّروط الأساسيّة للحكم على الخطأ الطبّي.
- النظر في مشاكل المتضرّرين من الأخطاء الطبية واقتراح الحلول القانونية لها، مع توجيههم لتتوفّر لهم الاستشارات الطبية سواء عند التشكّي للإدارة أو للقضاء.
- تنظيم ملتقيات تهدف إلى تحسيس الإطار الطبي وشبه الطبي بخطورة الأخطاء الطبية.
نقص التّكوين.. والجهل بقواعد النّظافة
ويعتبر الدكتور عصام العامري أنّ من أسباب الأخطاء الطبية نقص التكوين لدى عدد من الأطبّاء والجهل بقواعد النظافة في المستشفيات العمومية والمصحّات الخاصة، وضعف التواصل بين الطبيب والمريض، في حين أنّه من المفروض أن تكون العلاقة بينهما مبنيّة على الشراكة والثقة المتبادلة وعلى قاعدة أخلاقية ضمنية، أساسها «عقد الرعاية»، مشيرا، من ناحية أخرى إلى انعدام نظام وطني للإبلاغ عن الأخطاء والحوادث الطبية الخطيرة. كما يلفت رئيس الجمعية النظر، من الناحية المدنية، إلى غياب إطار تشريعي يخصّ مسؤولية الطبيب مع جعل فقه القضاء يتّجه إلى تطبيق القواعد العامة المتعلّقة بالمسؤولية العقدية والتقديرية، وخاصّة الفصلين 82 و83 من مجلّة الالتزامات والعقود والتي تقتضي توفّر ثلاثة أركان لقيام المسؤولية وهي الخطأ والضّرر والعلاقة السببيّة.
رعاية حقوق المريض.. وحماية الطّبيب
ويؤكّد الدكتور عصام العامري حرص الجمعية على رعاية حقوق المريض من خلال التشكّي الإداري أو التشكّي القضائي، مفيدا أنّه بإمكان الجمعية القيام بالحقّ الشخصي باسم ضحايا الأخطاء الطبية، طبقا للفقرة 2 من الفصل 37 من المجلّة الجزائية الذي نُقّح في السنة الماضية، حيث تمّ التنصيص على أنّ «للجمعيات القيام بالحقّ الشخصي فيما يتعلّق بأفعال تدخل في إطار موضوعها وأهدافها المنصوص عليها في نظامها الأساسي». ويشير من جهة أخرى إلى ضرورة التلازم بين ضمان حقوق المريض ومنحه تعويضا عن الضّرر في صورة حصوله وحماية الطبيب وتقدير عمله، مطالبا وزارة الصحة ومجلس نواب الشعب بإشراك الجمعية في صياغة مشروع القانون المتعلّق بحقوق المرضى وطرق التعويض عن الأضرار الناجمة عن الحوادث الطبية.
- اكتب تعليق
- تعليق