عزيز بن سليمان، المدير العام المساعد لشركة مشْغل الٲثاث: صاحب المائة ألف مكتب، ومليون كرسي ... وأكثر"
عزيز بن سليمان، 33 سنة، أصغر رئيس مؤسسة يُدْرِجُ شركته مَشْغَل الٲثاث (Meubles Intérieurs) ببورصة تونس. عزيز، أخذ عن أبيه حاتم بن سليمان، المهندس المعماري المعروف الذي إهتمّ في بداية مشواره (سنة 1988) بالأثاث المنزلي، قبل أن يتخصص في صناعة الأثاث المكتبي؛ وقد نجح في إحياء هذه الصناعة وتأمين دوامها.
عزيز بن سليمان هو حفيد المناضل الديمقراطي الدكتور سليمان بن سليمان، رفيق بورقيبة في الكفاح قبل أن يعارضه ويواجهه. الحفيد لم تستهوه السياسة، إنما اقتفى خطى الوالد، فحرص على الأخـذ بأسباب التجديد والابتكار والتسيير.
بلغ رأس مال شركة مَشْغَل الٲثاث في 30 جوان 2016، 360 213 4 د.ت بعد أن كان لا يتجاوز 000 5 د.ت سنة 1988. وبلغت مداخيل الشركة في نهاية 2015 قيمة 14,1 مليون د.ت، مقابل 607 11 مليون د.ت في نهاية سنة 2013، أي بمعدل زيادة سنوية تقدر بـ10%.
ويؤكـد عزيز بن سليمان أن " دخول صندوق استثمار في مثل ٲفريك اينفاست (AfricInvest) كفاءةً كان كسبا مُهِمًّا للشركة. لقـد أسهـم ذلك إلى حـد كبير في إضفاء قدر لا يستهان به من الصرامة على إدارة الشركة وتسييرها، وفتَحَ أمامها آفاقا واسعة؛ بل ومهَّدَ لنا السبيل إلى التواجد في ساحل العاج، والتفكير في إرساء علاقات شراكة جديدة. لقد توفقنا إلى استثمار مساهمة أفريك إينفاست في رأس المال على أفضل وجه، وهو اليوم يُسند أسهمه إلى مشاركين جدد، من خلال ادراج مشغل الاثاث بالبورصة".
ويضيف عزيز: " مَنْ مِنَ التونسيين لم تُتَحْ له فرصة الجلوس، ولو مرَّةٍ واحدة في حياته، على أريكة أو كرسي من صنع شركة مشغل الاثاث ؟ والتحدي القادم هو يجرب كل افريقي منتجات الشركة".
ويحدِّثُ عزيز بن سليمان عن مسيرته المهنية، وعن التحديات التي واجهته. كان يعلم أن قَدَرَهُ هو إحياء هذه المؤسسـة العائلية وتأمينُ دوامها، فاستعد لذلك كأحسن ما يكون الاستعداد. ما إن حاز على شهادة البكالوريا حتى التحق بإحدى مدارس التجارة العليا، هي مدرسـة الدراسات التجارية العليا بمدينة نيـس الفرنسية.
يقول عزيز في هذا الصدد: " لقد عملت على الحصول على معارف عامّة وواسعة تشمل مجالات إدارة المنشآت وشؤون التسوق والمال والموارد البشرية واستراتيجيات التسيير".
وبمجرّد حصوله على شهادة التخرج سنة 2006 حتى إلتحق بالمؤسسة العائلية. وتعلم المهنة عابرا كلَّ المراحل ومراكز العمل بدءا بالورشة.. رافق سائقي شاحنات التزويد في حَلِّهِمٍ وتِرْحالِهِمْ؛ تدَرَّبَ على شؤون اللوجستيك والشراءات قَبْلَ الإلتحاق بمكتب الدراسات. وكانت المحاسبة والمالية آخر محطة في هذه المسيرة الطويلة. لقـد لمس الوالد حاتم، 66 سنة، براعة إبنه في عديد الأعمال داخل الشركة، ووقف على سعة إطلاعه وقدرته الفائقة على الإبتكار والاهتداء إلى أشكال مستنبطة من الأثاث، لا سيما عندما يتعلق الأمر بتأثيث فضاءات مهنية كبرى وتصوير نماذج جديدة. ولم يتردد الوالد حاتم في تسليم ابنه مقاليد الأمور، فقلًدَهُ منصب مدير عام مساعد.
توسُّعٌ وابتكار
انضاف إسم عزيز إلى لقب العائلة في اقتران قوي بماركة " Meubles Intérieurs". لم يأل عزيز جهدا في سبيل تنشيط فِرَقِ العمل وفي تحسين المؤشرات المالية. ولم يَمُرَّ وقت طويل حتى زادت الشركة توسعا، فأُحْدِثَتْ وحدتا إنتاج إحداهما في تونس العاصمة والأخرى في باجة، وتم فتح قاعات عرض ثلاث منها في الخارج (طرابلس والجزائر العاصمة وأبيدجان)، ونالت المؤسسة مزيدا من التألق والإشعاع.
لقد تولت الشركة تهيئة المقر الجديد للبنك التجاري Attijari Bank وترتيب أجزائه وتأثيثه، وكان ذلك بمثابة أحد الرهانات الكبرى التي كسبَتْهَا. ويشتمل المقر على ثمانية طوابق ويقع في المركز العمراني الشمالي، ويُشَغِّلُ البنك ألف أجير. وقد سبق لمؤسسة بن سليمان أن قامت بتدخلات مماثلة لفائدة مكاتب البنك الإفريقي للتنمية بتونس العاصمة ومصرف الزيتونة والبنك المركزي التونسي وجزء مهم من المقر الجديد لبنك الإسكان، إلى جانب عدد من السفارات ومن مراكز الاتصال ومن قاعات العرض لبعض وكلاء شركات السيارات الخ. كما كانت لها تدخلات ناجحة في الخارج. فقد انخرط فرع الشركة في أبيدجان الذي يديره إطار موفد من تونس العاصمة في شراكة مع طرف من ساحل العاج، وهي شراكة ستكون بمثابتة مثال يحتذى به في منطقة غربي إفريقيا التي تعتبر سوقا واعدة على قدر كبير من الأهمية. وستكون دبي الوجهة الجديدة في إطار عملية التوسع في الخارج، وستغطي كامل المنطقة حيث يزداد الطلب على المنتوجات من الطراز العالي. وللشركة في هاتين المنطقتين حظوظ وفيرة من حيث المنافسة باعتبار جودة المنتوج ومستوى الأسعار .
ويؤكد عزيز بن سليمان في هذا الصدد: " لا بد من الاستجابة إلى جميع تطلعات الحريف سواء أتعلق الأمـر بشكل المنتوج وبما يتيحه من سبل الراحة، أو بالجودة وبالثمن وآجال تسليم البضاعة. وتعتبر قاعة العرض بسكّرة، التي تغطي مساحة 100 2 متر مربع، من أكبر قاعات عرض الأثاث المكتبي في افريقيا ... لدينا مستشارين أكفاء وباستطاعتهم تحديد حاجيات الحرفاء وتوجيههم ومساعدتهم على تهيئة فضاءاتهم على الوجه الأفضل وتقديم اقتراحات عملية في هذا الشأن وذلك باستعمال برمجية أوتوكاد".
ويستطرد قائلا : " لنا من الثقة في منتوجاتنا ما يدفعنا إلى تأمين ضمان عليها يَسْري مفعوله على خمس سنوات " وهو امتياز حصري ينضاف إلى امتيازات أخرى عديدة تعتبر من أهم عوامل نجاح الشركة وتفوقها. والأهم في كل ذلك يبقى متمثلا في قدرة المؤسسة على استباق رغبات الحرفاء وتطلعها القوي إلى الارتقاء بمستوى المنتوج.
الأولوية للتكنولوجيا
شركة مشغل الاثاث حريصة تماما على تعبيد طريق المستقبل. ترى، كيف سيكون الأثاث المكتبي في المستقبل؟ يجيب عزيز بن سليمان على هذا السؤال بالقول: " سيكون تكنولوجيا أكثر فأكثر. كثير من الناس يفضلون العمل وُقُوفا، وفي هذه الحال، لا بد أن يكون المكتب على قدر من الارتفاع وأن يُعَدَّلَ بحسب الارتفاع المطلوب إما للكتابة، وإما للاشتغال على الحاسوب. وستكون الكراسي والمقاعد مهيأة بشكل يوفر أكبر قدر من الراحة؛ كما ستتاح لكل شخص حرية اختيار مستوى ارتفاع المتكأ وعرض المكتب، وله أن يختار كذلك موضع تركيز الفانوس.
ولا بدّ من الإشارة هنا إلى الأهمية البالغة التي تكتسيها الشراكة التي أبرمتها الشركة مع واحد من أشهر صانعي الأثاث المكتبي في العالم وهو Herman Miller صاحب ماركة آيرون (Aeron) الشهيرة، هـذا المقعد الأكثر رواجا في العالم والذي " لا يشبهه مقعد آخر، لا يمكن البتة الاستغناء عن مكتب آيرون هذا ؛ فليس له نظير على الإطلاق من حيث راحة الاستعمال والامكانيات الوظيفية والآنثروبومترية والبيئية ومدى التكيف على أفضل الوجوه مع متطلبات العمل العصري وتطلعات المستعملين" .
ويرى عزيز بن سليمان أن هرمان مولار لم يقف عند حد تغيير طريقة الجلوس على المقعد، إنما تجاوز ذلك إلى تصور المقعد ذاته. وها أن هذا المقعد أصبح اليوم متوفرا في تونس يُرَوَّجُ في أسواقها.
وهنالك مجال آخر بإمكان شركة مشغل الاثاث أن يكون لها فيه قصب السبق وحظٌّ من الإدماج ليس بالقليل وهو رقمنة البيوعات؛ فلم تعد هنالك حاجة إلى الإنتقال إلى قاعات العرض لاختيار الأثاث، فكل شيء قابل للإنجاز عن طريق شبكة الانترنت. يؤكد عزيز في هذا المضمار الحاجة إلى التكيف وِفْقَ ما تُتِيحُهُ التكنولوجيا الحديثة ويقول: " ما دامت هنالك إمكانية متاحة للتطور ومواكبة ما يجد من ابتكارات في عالم التكنولوجيا، لماذا نتأخر في توفير ما يحتاج إليه حرفائنا من معدات مكتبية، الشيء الذي دفعنا إلى إضافة التجهيزات المكتبية والمعلوماتية إلى مجموعة منتوجات الشركة، إلى جانب بعض الاحتياجات الأخرى كالورق والمعدات التكميلية التي لا تخلو من فائدة. يعني ذلك أن طريق المستقبل أصبحت ممهدة تماما".
وسيساعد إدراج الشركة في البورصة على الحصول من السوق المالية، وبشروط ميسرة، على الأموال الضرورية لتنمية نشاطها...
- اكتب تعليق
- تعليق