أخبار - 2017.02.07

"نجمة" دافئة في سماء تونس

"نجمة" دافئة في سماء تونس

حضرت الحفل اللطيف الذي أقامه سفير فلسطين بتونس بالتعاون مع مركز الجامعة العربية، والذي تم خلاله الاحتفاء بإسناد الوشاح الأكبر "نجمة فلسطين" للأستاذ الشاذلي القليبي تقديرا من الرئيس محمود عباس "أبو مازن" ومن الشعب الفلسطيني لجهاد ومسيرة دامت أكثر من نصف قرن في تأييد القضية الفلسطينية العادلة.

كان الحفل بسيطا ومؤثرا حضره ممثلون عن رئيس الدولة التونسية، ورئيس الحكومة، ورئيس البرلمان، كما حضره، بحنين وتلهف، لفيف من قدماء إطارات وأعوان الأمانة العامة للجامعة العربية إبان إقامتها في تونس خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي..

توهّجت في ذهني أطياف متدافعة من ذكريات مجيدة في خدمة العمل العربي المشترك والقضيّة الفلسطينيّة بصورة خاصّة. فقد كانت "الحقبة التونسية" للجامعة العربية مرحلة انبعاث خصبة للعمل المشترك، تم خلالها وضع تصوّرات جديدة لآليّات العمل ومناهج الاتّصال وسرعة التّنفيذ. كما تمّ خلالها بذل محاولات جادّة، شاركت فيها الدول الأعضاء كافّة، لتطوير الهياكل الدستوريّة للجامعة ووسائل التّشاور وصياغة المواقف والتضامن بين الدول الأعضاء.

ولعل أهمّ ما اتّسمت به تلك المرحلة بروز نوع من الأمل في إمكانية بناء مصداقية فعّالة للعمل العربي المشترك على الساحتين العربية والدولية.

واجتهد خلال هذه الحقبة السيد الشاذلي القليبي ومساعدوه في شرح القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية بأساليب حديثة جعلتها، بشهادة الكثيرين، قريبة من ذهنية التحولات الأوروبية والعالمية بين مختلف الشعوب والقارات.

ورافق ذلك تطورات القضية المتدافعة إثر خروج المنظمة ورجالها من بيروت والانتقال الى تونس واندلاع حرب العراق – ايران وكذلك الحرب الاهلية اللبنانية وما تلاها من محادثات الطائف ونتائجها.

وقد ركّز القليبي خلال تلك الحقبة الملتهبة كل جهوده بصياغة دبلوماسية عربية مشتركة تنطلق من ثوابت التأييد العربي، الشعبي والرسمي، للقضية الفلسطينية، وتتوجّه لكسب تأييد الرأي العام العالمي على أسس من مقومات حقوق الإنسان والشرعيّة الدولية. فكانت البند الأساسي في محادثاته مع رؤساء الدول وزعماء الأحزاب السياسية شرقا وغربا، وكذلك مع قادة الرأي الفكري والسياسي والاعلامي في أهم المنتديات العالمية..

وأصبحت نتيجة لذلك دورية انعقاد القمة العربية وما يطرح على القادة العرب من ملفات جيّدة الإعداد سياسيا واقتصاديا، موعدا يسعى إليه الإعلام العالمي بالبحث والتحليل والاستقصاء.
كما أرسى خلال تلك الفترة "حوارات" التعاون والتفاهم مع دول إفريقيا وأروبا وأمريكا اللاتينية ودول آسيا. وتجلّى كل ذلك في مزيد من إشعاع القضية الفلسطينية شرقا وغربا واتّساع دائرة الاعتراف لشرعية الدولة الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بنفسه.

إنّ تكريم الأستاذ الشاذلي القليبي بتوسيمه بالوشاح الأكبر  "نجمة فلسطين" هو تكريم لتونس التي آوت منظمة التحرير والأمانة العامة للجامعة العربية في أصعب وأدقّ مراحل الكفاح، وهو تقدير للرجل الذي ناضل بالفكر والقلم ليعطي لقضية العرب المقدّسة الوهج العالمي والبعد الأخلاقي السامي لكفاح الشعب الفلسطيني من أجل تثبيت حقّه في وطنه ودولته المستقلة.
قد تكون هذه "النجمة" قليلة التوهّج في الزمن الغابر حاليا بسبب الغطرسة الإسرائيلية والتأييد الأمريكي الأعمى والانهيار العربي المتنامي، لكنّ جذوة النضال لن تزول ونور "نجمة القدس" لن يخفت أبد الدهر.

أحمد الهرقام
 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.