يوسف الشاهد - 2017: "لنمضي قدما على درب الإصلاح وتحقيق النماء"
يستقبل يوسف الشاهد سنة 2017 باستبشار وأريحية، لكن السنة الجديدة تبدو له في واقع الأمر صعبة شاقة، سوف لن يقصر جهده وعمله على ما هو يومي وعاجل على حساب ما هو استراتيجي. أولويات رئيس الحكومة واضحة تماما: الإصلاحات الكبرى والنماء في المقام الأول، بالإضافة إلى إضفاء قَدْر من التجانس على مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومن النجاعة والفاعلية القصوى على الأداء الحكومي بعد أن تقرر تعميم الرقمنة الألكترونية والإعلامية.
أشار الشاهد في حديث أدلى به لمجلة ليدرز إلى أنّ النية لا تتجه حاليا إلى إجراء تحوير وزاري وإلى أن السعي منصرف تماما إلى شحذ الجهود والعزائم وتعبئتها على جميع الأصعدة.
يأمل يوسف الشاهد أن تجري نقاشات وحوارات عامة مكثفة حول الإصلاحات الكبرى التي لا غنى عنها على الإطلاق في كنف تلك الروح التفاعلية التي برزت في سياق الإصلاح الجبائي والتي بدأت تطغى على المشهد في غمرة النقاش الذي دار حول مشروع قانون المالية 2017.
تطرق الشاهد في هذا الحديث إلى مسائل تتعلق بالملفات الكبرى والهامة ذات الصِّلة بالصناديق الاجتماعية وبالنشاط الهامشي بأنواعه وبتعويض المواد الأساسية وبالمؤسسات العمومية التي تواجه صعوبات جمة وبدعم القطاع الفلاحي وصرف الاهتمام إلى الأرياف وبإشكالية الماء وإشكالية الطاقة بأنواعها... مشيرا إلى أن كل هذه الملفات الكبرى ينبغي مقاربتها من منظور جديد لافتا إلى ضرورة اتخاذ قرارات جذرية بشأنها، وإقرار توافق كامل حولها.
دعا الشاهد أيضا إلى تعميق النظرة الشاملة إلى التنمية الاقتصادية خلال السنوات الثلاث القادمة 2017 - 2019. ولفت إلى ضرورة التعامل مع الأرقام بدقة ووضع كل الأمور في إطارها الصحيح. ومن رأي الشاهد أنّ التصدي لكل المظاهر المشينة يستوجب التدخل السريع والمتابعة الدقيقة واليقظة على كافة المستويات وخاصة على مستوى النصوص القانونية والآليات العملياتية.
تطرق الشاهد في هذا الحديث إلى مسألة التشغيل داعيا إلى مزيد الاستفادة من القروض الصغرى التي ستنضاف إلى الإحداثات التي ستتيحها الاستثمارات الجديدة المرتقبة العمومية والخاصة. وقد خُصٍّصَت اعتمادات ماليّة بـ 250 مليون دينار للقروض الصغرى، ما سيساعد على توفير قرابة 25 ألف مصدر دخل. ويؤكد رئيس الحكومة أنّ النجاح الحقيقي الذي كلّل ندوة تونس 2020 للاستثمار ينبغي تأكيده من خلال الإنجاز الفعلي للاستثمارات المعلنة والتفكير في مختلف الطرق التي ينبغي اعتمادها في توظيف وفِي استيعاب هذه الاستثمارات التي تقدر بـ 34 مليار دينار. ومن بين الأفكار المتداولة في هذا الشأن إنشاء صندوق مخصص للبنية التحتية يموّل عن طريق حصّة يوفّرها صندوق الودائع والضمانات، ويكون مفتوحا لمختلف المستثمرين باعتباره ناقلا للتمويلات. ويمكن لهذا الصندوق إذا ما أحكمت إدارته وِفْقَ مقاييس مهنية عالمية أن يُؤمن تعبئة الموارد الضرورية لإنجاز مشاريع كبرى في مجال البنية التحتية. وبمقدور هذا الصندوق استيعاب تمويلات بقيمة تتراوح بين 3 و 4 مليار دينار، وقد يكون من المفيد التفكير في استعمال أدوات أخرى مماثلة واعتماد مقاربات جديدة بالنسبة إلى قطاعات ومشاريع أخرى.. المهم في نظر الشاهد هو التوفق إلى خلق ديناميكية اقتصادية حقيقية ذات مردود اجتماعي داخل الجهات. وهنالك بوادر توحي حقيقة بانتعاشة ذات بال على مستوى الإنتاج في أكثر من قطاع. فقد سجل استخراج الفسفاط خلال نوفمبر المنصرم ارتفاعا بمقدار 500 ألف طن، وهو ما يبشر بإنتاج سنوي بـ 6 ملايين طن على أقل تقدير. ورغم أنّ وضع السياحة لا يسجل تطورا يذكر، فإنّ الأمور تدعو إلى التفاؤل. أما في المجال الفلاحي فان الغيث النافع غير المنقطع في الآونة الأخيرة يبشّر بموسم واعد لا بد من دعمه، كما لا بد من توفير كل الوسائل الضرورية ووضعها تحت تصرّف الفلاحين.
أما على الصعيد السياسي فإنّ الشاهد يعلم أنّ لا مفرّ من استكمال تركيز المؤسسات الدستورية التي لم تَر النور بعد والحرص على إجراء الانتخابات البلدية في أقرب وقت ممكن وفِي كنف الاستقلالية والحريّة والشفافية. كما لا تخفى عليه ضرورة القيام بتعبئة سياسية وبرلمانية حول حكومته. وسيعتمد في ذلك مقاربة تقوم على تكثيف الحوار والتشاور . وقد يضطر الشاهد إلى ملء الشغور الناجم عن إقالة وزير الشؤون الدينية عبد الجليل بن سالم في بداية نوفمبر الماضي ، لكنه لا يفكر في إجراء تحوير وزاري كما أكّد ذلك في حديثه إلى مجلة ليدرز.
ويعتبر رئيس الحكومة أنّ تعزيز الأمن والدفاع يشكّل أولوية عليا، وسيكتسي دخول مركز الاستعلامات الذي أحدث مؤخرا طور العمل أهمية بالغة. وهو ما ينبغي أن يدفع إلى تغيير النظرة إلى القوات الأمنية . لقد ظلّت هذه القوات مشغولة تماما بضغوط تسلط عليها يوميا ، لذلك لم تلق من الاهتمام ما يكفي ولم يقع التفكير في إعادة هيكلة تنظيمها وإعادة الاعتبار لها.
اهتمام الشاهد سينصرف كذلك إلى الثقافة وهو يعلم تماما أن هذا القطاع جدير بأن يدرج صلب اهتمامات الحكومة. لقد كان هذا الموضوع ضمن جدول أعمال مجلس وزاري انعقد مؤخرا وصادق على استراتيجية بعناصر جديدة خصص لها مبلغ مالي بقيمة 30 مليون دينار بغاية النهوض بالأنشطة الثقافية في الجهات وتهيئة دُورِ الفنون والتشجيع على الإنتاج الأدبي والفني. وقد انطلقت الاستعدادات حثيثة لتأمين إدارة مدينة العلوم بشارع محمد الخامس في قلب العاصمة والتي ستفتح أبوابها قريبا.
رئيس الحكومة مقر العزم على مواصلة زياراته للجهات، وسيقوم بزيارات إلى الخارج خلال النصف الأول من سنة 2017. سيحضر منتدى دافوس الاقتصادي الذي سينعقد خلال الفترة بين 17 و 20 جانفي كما سيقوم بزيارة إلى ألمانيا . ومن المرجح أن يشدّ الرحال إلى واشنطن خلال الربيع حيث سيتقابل مع قادة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي،، كما سيقوم بجولة في إفريقيا جنوب الصحراء من المقرّر أن تقوده إلى بوركينا فاسو والنيجر والسودان.
- اكتب تعليق
- تعليق