ثــــورة الـــزنـــــج :المسرحيّـــــة التــــي أغضبـــت بـــــورڤــيــــــبــــة
كانت علاقتي بالحبيب بورﭭيبة بوصفه رئيس الجمهورية على ضربين إثنين: علاقة غير مباشرة طويلة المدى وعلاقة مباشرة لم تستغرق أكثر من نصف ساعة على وجه التّقريب.
هذا لا يعني أنّي لم أعرف الزّعيم الحبيب بورﭭيبة من قبل.ألم تكن صورته المعنوية وتأثيراته ومواقفه النّضالية وتصريحاته السّياسية النّارية حينا والذّكيّة والمراوغة والمخاتلة حينا قد رافقت يقظتي الطّفوليّة وتواصلت سنوات مراهقتي وشبابي؟ كان تحرير تونس من الاستعمار هو الغاية السّاميّة لديه. ومن أجل تحقيقها عرف السّجون والمنافي، وظل صامدا إلى النّهاية السّعيدة.
لطالما صوّرتُه بقلم الرّصاص، وكنت أحبّ التّصوير، وقد اعتبرته في قرارة نفسي بطلاً كأبطال الأساطير والرّوايات جاءوا لإنقاذ المضطهدين بفضل قوة السّاعد وقوة التّفكير والانتصار على الأشرار في نهاية المغامرات. صوّرتُه بلحية المنفى في برج البوف نقلاً عن الصّحف الّتي كان يقرأها أبي، لا تشبه في شيء على كلّ حال اللّحية الّتي يتظاهر بها الإخوانجيّة في الشّوارع اليوم، لحيته لحية الكفاح من أجل الحريّة حريّة تونس، لحية تليق به، وبنضاله المستميت، وبتونس المكافحة المقاومة الشّهيدة. وبالشّعب التّونسي الصّامد أمام الاستعمار وعدوانه، لحية تضفي على وجهه نورًا وبهاءً واحترامًا. وقد كسبت تلك الصّورة قلوب الكثير من التّونسيين... يومئذ. ورأيته على أعلى الباخرة الّتي أرست بالميناء، وأنا واقف مع أخي الأكبر سيدي محمّد على الرّصيف تحت شمس محرقة في ذلك اليوم الأغر، يوم فرح الشّعب التّونسي برجوع زعيمه إلى أرض الوطن مظفّرًا منصورًا، وهو يلوّح بمحرمته البيضاء لتحيّة الجماهير المتغاصرة المتزاحمة الّتي جاءت لاستقباله. وقد قالت الصّحافة يومئذ إنّه كان يبكي بدموع السّعادة بما كان يشاهده من الآلاف المؤلّفة من البشر الزّاحفين إليه من البرّ والبحر. وأتذكّر إن لم تخني الذّاكرة أنّ المكان الّذي احتللناه على الرّصيف كان قريبًا جدًّا من المكان الخاصّ ببعض المسؤولين. وأشهد أنّي رأيت الوزير الطّاهر ابن عمّار ببدانته المعروفة وببدلته الغامقة وبشاشيته الإسطنبولية يحييّ الزّعيم النّازل بالسّلّم إلى الرّصيف بحركات عريضة متكرّرة، رافعًا ذراعيه وساعديه ويديه جميعًا نازلاً بها جميعًا مثنى وثلاثا ورباعا، ووجهه متهلّل وأساريره جذلانة إلى أن وصل أمام السّلّم... فكان الفرح العارم بالقدوم.
عشنا سنتين 1956 و1957 في رَغَدٍ من الحبور والسّعادة بالحريّة. وكأنّ النّاس كانوا يحلمون، يمشون كأنهم كانوا مُحلِّقين في الاطمئنان كعصافير الصّباح، وقد هزّتهم انتصارات الزّعيم وتَعْتَعَتْهم، وما هم بسكارى!...
ولعلّ تونس لم تعرف مثل ذلك الاطمئنان وتلك السّعادة والسّكينة العميقة الشّاملة، وبعد سنة 1956 إلى هذا اليوم. وقد خُيّل للتّونسيين أن باب العرش قد انفتح على مصراعيه...
أزمات الشدّة
عرفتْ السّنوات السّتُّون التّونسيّة أزمات الشّدّة، وصَدَمات العنف والحدّة، فبسط في الأثناء الحزب الحرّ الدّستوري التّونسي بديوانه السّياسي سلطانه المهيمن على أغلب طبقات المجتمع وعلى جميع أنحاء البلاد، وحتّى على بعض النّفوس الضّعيفة والهزيلة. على أنّ الشّبّان الّذين أفاقتهم السّياسية الوطنية وكذلك الخارجية الدّولية، والتّعليم والمعرفة ونسبيّة حريّة الصّحافة قد كانوا يطرحون ألف سؤال حول حال تونس ومصيرها، واكتشفت مؤامرة الخونة والمجرمين، ومُنع الحزب الشّيوعي، وسكتت اللجنة التّنفيذية للحزب القديم كما كان يقال بعد إفحامها بكرامة الاستقلال على مراحل ومحطّات فيها المدّ والجزر. زد على ذلك أنّ المجتمع بدأ يفرز مجموعات قليلة العدد والتّأثير من الزّيتونيين الغاضبين، والماركسيين، والعروبيين، والنّاصريين، والاشتراكيين وبرامجهم وأهدافهم متشدّدة تارة وطورًا متسامحة من نوع اشتراكية إسكندينافية... وعلى كل، فقد أُفرغ الاتحاد العام التّونسي للشغل من محتواه الفكري الاجتمـاعي وكنّا نقـــول: «...فرحات حشّاد يتقلّب في قبره... وياليته ظلّ حيًّا ولم تقتله اليد الحمراء الاستعمارية... موته خسارة لتونس وللمغرب وللعرب كافة!»
لئن أصغى الشّبّان المثقّفون إلى خطب الرّئيس الحبيب بورﭭيبة وقبلوا أفكاره قبولاً حسنًا في أغلب الأحيان إلاّ أنّهم كانوا يمرّرونها على محكّ النّقاش والنّقد المرّ فيما بينهم طبعًا، اعترافًا بفضل الزّعيم واعتزازًا به، وبتونس الصّاعدة نحو التّطوّر والرّقيّ في جلّ المجالات أو يكاد الصّعود! ولكم أحببناه حين ناقش معمّر القذافي، وحين صرخ: إنّي فقير لا أملك سوى كسوة واحدة، وحين أعطى للمرأة صكّ الحريّة والكرامة والإنصاف على بياض، وحين عمّم التّعليم بالمجّان، والصحّة بالمجّان، وحين أزال الأكواخ، وحين نادى الفلسطنيّين إلى السّلاح، إلى النّضال، إلى المقاومة المسلّحة ضدّ العدو الّذي تسانده الدّول العظمى. على أنّه ارتكـــب أغلاطًا فادحـة لا يغتفرها له إنسان ولو كان على غاية التّسامح. فقد تشفّى من أواخر أبناء وبنات السّلالة الحسينيّة المالكة، وتشفّى من الأعيان ومن شيعة بن يوسف، واضطهد الشّيوعيين، وأغلق جامع الزّيتونة ممّا تسبّب في قيام نبتة شاذّة غريبة في جنان تونس، وهدّم الكثير من أبواب المدينة، وقلب حومة باب سويقة رأسًا على عقب، وحطّم نهج سيدي البشير، وكاد يهدّم المدينة العربية العريقة.
وكنّا ننزّهه عن تشجيع اللّئام وأسقاط النّاس والسّذج المغفّلين والقدامى في الخيانة والغدر والطمّاعين والجهّال والمستكلبين الوصوليين الّذين تسلّلوا إلى دواليب الدّولة وإلى الحزب حاملين معهم ذممهم الرّخيصة وقفافهم وهم يضربون البنادير. ومعلوم أنّ كلّ نظام سياسي على وجه الأرض وعلى مدى الدّهر ينتظم فيه أمثال أولئك في صفوف النّظام، وهم الكثرة الكاثرة من المجتمع، بغية أن يكتسب ذاك النّظام الشّرعيةَ المأمولة والدّوام إلى قيام السّاعة... وكنّا نقول نحن الشبّان في مجالسنا: ...لو ظلّ الحبيب بورﭭيبة زعيمًا مجاهدًا فقط لا غير واكتفى بزعامته، لو وضع حدًّا لزعامته غداة الاستقلال، وسَلَّم قيادة البلاد ورئاسة الجمهوريّة وريادة الإصلاح الجذري للمجتمع للآخرين السّياسيين وغير السّياسيين لبقي رمزًا نورانيًّا محترمًا، ومرجعًا مبجّلاً، لبقي معبود الجماهير حقًّا طوال حياته وبعد مماته، لا مهانًا مخذولاً من ابن علي! ... كًنّا نتأسّف ونتحسّر ونحزن بعد بورﭭـيبة... إزاء هذا الّذي كان المؤسّس لتونس الحديثة وللحداثة التّونسيّة وللفكر السّياسي التّونسي العبقري ! لكنّ استياءتنا المتكرّرة وخيبات آمالنا كانت أعظم... ونقول: بعد بورﭭـيبة المفكّر جاء دور القردة الجهّال!
غضب الرئيس على محتوى مسرحيتي
كان لا بدّ لي أن أقدّم بكلمـات رغم طولهـا النّسبــي ما حدث حول مسرحيتي «ديوان الزّنج» الّتي شاهدها الرّئيس الحبيب بورﭭـيبة في المسرح بقصر قرطاج. ولقد خيّم سوء فهم عن قصد أو عن غير قصد فيما يخصّ موضوع المسرحيّة أوّلا وبالذّات ثمّ فيما يتّصل بعلاقة الرّئيس بالمسرحيّة وبما شاهده فيها. مسرحيّة «ديوان الزّنج» من أشهر مسرحياتي. فلقد تصدّت لها الصّحافة الفرنسيّة والمغربيّة بالنّقد والانتقاد فضلاً عن الصّحافة التّونسية عند افتتاحها لمهرجان الحمّامات الدّولي ثمّ لدى توزيعها في مهرجان قرطاج وداخل البلاد وخارجها بحرص وتشجيع من وزارة الثّقافة وعلى رأسها يومئذ الأستاذ الشّاذلي القليبي ثمّ بعد زمن على رأسها الأستاذ محمود المسعدي.
لم تر وزارة الثّقافة ضرورةَ لدعوتي إلى مرافقة المسرحيّة الّتي كان يشرف عليها المرحوم المنصف السويسي بإدارته وإخراجه، لكي تقدّم « ديوان الزّنج» التي طلبها الرّئيس بعد أن قرأ مقالاً عنها في جريدة «لوموند» الفرنسية ينوّه بها، أو لعل تمّ اقتراحها عليه لمشاهدتها في مسرح قصر قرطاج الرّئاسي، لا أدري على وجه الحقيقة. لم أحضر عرض مسرحيّتي حينئذ، وكلّ ما سمعته عن العرض كان من الوزير محمود المسعدي نفسه ومن الفنّان المرحوم المنصف السويسي ومن بعض الممثّلين المشاركين في العرض.
إنّي أعلم منذ السّنوات السّتّين من القرن العشرين أنّ الرّئيس الحبيب بورﭭـيبة كان يعشق فنّ المسرح وفنّ التّمثيل والنّصوص الأدبية العالية ذات الصّبغة المسرحية الكلاسيكية. وهو رئيس الدّولة الوحيد في العالم العربي وفي القارّة الإفريقية الّذي ألقى خطابًا منهجيًّا وسياسيًّا عظيمًا في فنّ المسرح، لأنّه يعتبر المسرح مدرسة تثقيف وتعليم وأخلاق، بل مدرسة لتكوين المواطنين في النّضال والوطنيّة. وقد كان هو شخصيًّا موهوبًا في فنّ التّمثيل حسب المواصفات والأساليب الكلاسيكيّة المتّبعة في عصره، لكنّ فنّ التّمثيل لا يكتمل إلاّ بجمال الإلقاء وروعته، إلقاء «التّيرادات» الموجودة في مسرحيّة «شهداء الوطنيّة» مثلاً (التّرجمة العربية لنصّ الكاتب المسرحي الفرنسي روسطان «وطن». وقد كان الرئيس الحبيب بورﭭـيبة أمام كاميرا التّلفزة التّونسيّة ممثّلاً موهوبًا، مدهشًا في الحركات وفي سمات وجهه وفي إلقاء الكلام، وفي تعابيره النّفسية كالفرح والغضب. ولا يخفى أنّ الكاتب المسرحي كان في ذلك العصر ذا تأثير حاسم في فرقة التّمثيل وفي منهاج اختياراتها وفي مسؤوليّته عن الأفكار الّتي يعبّر عنها الممثّلون أمام الجمهور. لكنّ العصر تغيّر وتغيّر معه فنّ المسرح وفنّ التّمثيل وفنّ الكتابة واحتلّ مكانة المؤلّف القديمة المخرجُ. وصار المؤلّف في درجة ثانية.
لقد أحدثت مسرحيتي «ديوان الزّنج» صدمة للرّئيس الحبيب بورﭭـيبة على أكثر من صعيد. فالمسرحية تروي حوادث الثّورة المسلّحة الّتي قام بها الزّنج بزعامة علي بن محمّد ضد الخلافة العباّسية في سباخ مدينة البصرة بجنوب العراق، وانتصارهم عليها وتحرّرهم من الاستعباد. ويضمّ مجلس الثّورة الّذي يرأسه علي بن محمّد شابًا ثوريًّا اسمه رفيق. فهو لا يرى ـ خلافًا لرأي الزّعيم علي بن محمد ـ أن الثّورة لا تنتهي بانتهاء الاستعباد وبالحصول على الحريّة ـ وإنّما يرى أن تتواصل... ويؤيّد رأي الشّاب فيلسوفٌ عجوز خبر الدّهر والنّاس. ويحلّ فجأة وفدٌ رسميّ عن الخلافة العبّاسيّة ببلاد الزّنج، ليعترف باستقلال الزّنج وبحريّتهم. ويَسْتَتِبُّ السّلم والأمان بينهما، فيطلب علـي بن محمّد من الخلافة العبّاسيّة أن تسعف الزّنج بطوابير من المهندسين وصيارفة الأموال والبنّائين والصُّنَّاع والمشرّعين والفلاحين لأنّ الزّنج بقوا جهّالاً أُمِّيين لا يحسنون شيئًا، كما طلـب علي بن محمّد قرضًا ماليا لأنّ بلاد الزّنج لا تنتج شيئًا إلاّ الملـح، الملـح فقـط لا غير. فمُنِحَ الزّنـج حينئــذ ما يعادل ملايين الدّنانير العباسية الذّهبيّة لتنشيط حياة البلاد وبناء مدينة المختارة عاصمة الزّنج.
وبعد فترة زمنيّة عاد الوفد الرّسمي العباسي إلى بلاد الزّنج ليعاين ما تمّ إنجازه بفضل ما منحته الخلافة من مساعدة الإطارات العبّاسية المقتدرة لتكوين الزّنج وبفضل الأموال العباسية المسندة لاقتصاد بلاد الزّنج بغية عودة الرّوح والنّشاط. فيصرّح علي بن محمّد أنّ الزّنج لم يتعلّموا شيئًا. ويصرّح الوفد أنّ القرض قد ذهب في بطون الزّنج وتبدّد في لَهْوهم، وليس في صالح مشاريع النّهوض والثّورة. فيتّجه الشّاب رفيق عند ذلك نحو الزّعيم على بن محمد ويصرخ في وجهه: يا خائن!!! لأنّ علي بن محمّد هو الّذي أراد التّعاون مع عدوّ الماضي ولأنّ رفيقًا يرى أنّ الوفد العبّاسي قد فرض على الزّنج استعبادًا جديدًا لكن ليس من النّوع السّابق القديم... واستفحل الصّراع بينهما.
اهتزّ الرّئيس الحبيب بورﭭـيبة اهتزازًا عنيفًا حين رأى الممثّل الشّاب الّذي اضطلع بدور رفيق، وهو يصرخ في اتّجاه علي بن محمّد: يا خائن! اهتـزّ وغضـب، ونهـض من كرسيّـه ولاحــق عبد اللّطيف الحمروني الممثّل الّذي قام بدور المؤلّف، وهو يجري ليضربه بِبَكِيتَتِه (بعصاه)!!! وهو يقول حانقًا: «هذا المؤلّف يسبّني!... يصفني بالخيانة!!!» وكأنّ الأمر قد أشكل عليه، فحسب الرّئيس أنّ الممثّلَ هو المؤلّف كاتب مسرحيّة! وأحسّ بأنّه هو علي بن محمد رئيس ثورة الزّنج وأنّه هو زعيمها بلا منازع. فوقع بين دور علي بن محمّد وبين ما يتصوّره وهو تطابق تامّ.
هذا المشهد دراميّ بل مأساويّ بامتياز للأسف حين أذكره في يومنا هذا. فالحبيب بورﭭـيبة لا يستحقّ السِباب ولا الشّتائم ولا القدح في عِرْضه النّضالي ولا رميه بالخيانة رغم ما اقترفه من الأخطاء الشّنيعة. ولستُ مطلقًا ممّن يسبّونه اليوم ولا ممّن يطلبون عدم التّرحّم والدّعوة عليه بالكفر والإلحاد، غفر الله لهم، زاعمين أنّه لائكي! بينما هم يجهلون أو بالأحرى يتجاهلون معنى الّلائكيّة وممارستها في الدّولة الدّيمقراطية.
في الصّباح الباكر، كنت في مكتب الوزير محمود المسعدي. لقد كان على أهبة التّوجّه إلى قصر قرطاج وأنا معه لمقابلة الرّئيس الحبيب بورﭭـيبة. والحقّ أنّي كنت أترقّب ما سينزل بي من المصائب! بعد «الإنسان الصّفر»، وبعد «رأس الغول»، وبعد «ثورة صاحب الحمار» الّتي جَرَّت لي الويلات من النّظام ومن الحزب وديوانه السّياسي... والختام سيكون مع مسرحيتي «رحلة الحلاج» وبعد مرور سنتين هاجرت إلى المغرب الأقصى اتّقاء من شرّ الزّبانية الّذين تطوعوا لاتّهامي وكادوا يدخلونني إلى السجن.
وبَّخَنِي محمود المسعدي، وجعلني المسؤول عن كلّ ما حدث! ولكن، الّذي يوبخّني هل هو الكاتب الّذي عرفته شخصيًّا هو وزوجته السيّدة شريفة منذ طفولتي أم هو الوزير اليابس في موقفه الرّسمي الصّلب وهو يرمقني بعينه الزّرقاء الّتي تنكرني؟ هكذا تساءلت. امتنع عن الدّخـول في تفاصيــل ما حدث من كارثة بالأمس . رمرم ما جرى بكلمات سريعة وقال لي: «ستقول له ماذا »؟ أجبته: «... لكن موضوع مسرحيّتي لا يهمّه ولا علاقة له بمضمونها... فتونس بلد صغير وفقير، وليس له نفط ولا نحاس مثل بلدان العالم الثّالث... والمسرحية تخاطب البلدان المتخلّفة الكبرى ذات الموارد المالية الّتي لا تحصى ولا تعدّ»... أجابني باندهاش: « جوابك أدهى! .. كيف لا تهمّــه المسرحيّة؟... يهــمّـه كــــلّ شيئ!!! لا ترافقني... سأكلّمه عن محاولات الطّليعة الأدبيّة... والشّبّان الّذين يحاولون...»
لعلّ محمود المسعدي ينتظر منّي أن أقدّم اعتذاراتي إلى الرّئيس الحبيب بورﭭـيبة عمّا اقترفته من جريمة؟ من يدري؟ الله أعلم بخبايا الصّدور... على أنّ المسرح فنّ خطير على السّياسة والسّياسيين.
عز الدّين المدني
- اكتب تعليق
- تعليق