من تقرير أنشطة الأعمال إلى تقرير موديز توقيت مؤتمر الاستثمار قد يكون سببا في إفشاله
عدّلت وكالة موديز للتصنيف الائتماني هذه الأيام تصنيف تونس من مستقرة إلى "سلبية" لكنها أبقت على تصنيف البلاد عند Ba3. بسبب قوة المؤسسات التونسية و دعم المؤسسات الدولية للتجربة الديمقراطية في تونس مقارنة بالدول التي لها نفس التصنيف الائتماني. هذا التراجع من مستقرّة الى سلبية سببه أساسا تفاقم عجز الموازنة، وزيادة الديون كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بالدول المماثلة لها والحاصلة على نفس التصنيف. وقد كنت قد صرّحت منذ الأيام الأولى لحكومة الوحدة الوطنية أن خطاب رئيس الحكومة السيد يوسف الشاهد أمام البرلمان التونسي أن خطاب الصراحة المفرطة والتي أعلن فيه أن نسبة الدين العمومي الخارجي ليس ب54% بل 63% من الناتج المحلي الإجمالي، قد يدفع مؤسسات الترقيم السيادي الى تحيين مؤشراتها لتخفيض الترقيم السيادي لتونس. هذا الخطاب ذكّرني بخطاب رئيس حكومة اليونان عندما أعلن في بداية توليه الحكم عن رقم مفزع لعجز موازنة الدولة هو ضعف ما أعلنته الحكومة السابقة وهذا ما دفع وقتها مؤسسات الترقيم السيادي الى تخفيض ترقيم اليونان وصعّب عليها اللجوء الى الأسواق المالية العالمية مما جعلها تخضع الى أملاءات عديدة لصندوق النقد الدولي.
وتعتبر وكالة موديز من إحدى أهم وكالات التصنيف الائتماني في العالم بل أقدم مؤسسة عملت في هذا المجال. تقيّم موديز "الجدارة الائتمانية" للحكومات أو للشركات أو غيرها والتي تسعى لنيل التمويل من أسواق الأوراق المالية حسب قدرتها على الوفاء بالتزاماتها وسداد ديونها لمستحقيها في الآجال المتعاقد عليها.
هذا التراجع في التصنيف الائتماني يضاف الى تقرير آخر مهم وهو تقرير أنشطة الأعمال دوينغ بزنيس لمجموعة البنك الدولي والذي صنف تونس هذه السنة في المرتبة 75 بتراجع بمرتبتين مقابل تقدّم المغرب ب7 مراتب كاملة. وقد تراجعت تونس في هذا التقرير ب13 مرتبة كاملة في محور إحداث الشركات نظرا للتعقيدات الإدارية من كثرة الإجراءات وطول آجالها، ويأتي هذا التراجع في التقريرين قبل أيام من انعقاد مؤتمر الاستثمار والذي نعلّق عليه آمالا كبيرة في إعادة هيكلة تمويل التنمية نحو المزيد من مصادر التمويل غير المصاحب بالدين كالاستثمار الاجنبي. ولعلّ اختيار توقيت هذا المؤتمر في هذا الشهر بالذات يعدّ تسرّعا من طرف الحكومة التونسية وهي لا زالت تعاني من رفض العديد من الأطراف الاجتماعية لقانون المالية 2017 والذي قد يؤدي الى احتقان اجتماعي يكون رسالة سيئة للمستثمرين الاجانب حول سوء مناخ الاعمال في تونس. علاوة على ذلك فإن تراجع الاستثمار الاجنبي في التسع أشهر الأولى لهذه السنة ب19،4 % حسب وكالة النهوض بالاستثمارات الاجنبية، وهي التي تعد لمؤتمر الاستثمار، قد يشكّك المستثمرين الأجانب في قدرة الحكومة التونسية على خلق مناخ استثمار جالب للاستثمار الأجنبي وهي التي لم تقدر حتى على المحافظة على المستثمرين التونسيين. خاصة وأن العديد منهم قد غادروا البلاد بحثا عن مناخات استثمار أكثر اطمئنان وأكثر تحفيز ولعلّ الشقيقة المغرب هي الأقرب لتستوعبهم نظرا لقربها من تونس وتشابهه اقتصادها بالاقتصاد التونسي. كذلك فإن التمديد في حالة الطوارئ من طرف رئاسة الجمهورية من دون اصطحاب ذلك بخطاب توضيحي كان قد دفع بعض الدول الأوروبية الى تحذير رعاياها من القدوم لتونس وهذا قد يخيف المستثمرين الأجانب من الإقدام على الاستثمار فيها.
د. رضا الشكندالي
أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية
تونس في 24 نوفمبر 2016
- اكتب تعليق
- تعليق