أحمد ونيّس: في انتخاب تـرامـب قطيـعة في الدينـامية الليبرالية الأمريكيـة
في حديث خصّ به ليدرز العربية إثر فوز دونالد ترامب في السباق نحو البيت الأبيض، أعرب السيد أحمد ونيّس الديبلوماسي ووزير الشؤون الخارجية الأسبق عن استغرابه لهذه النتيجة وهو الشعور الذي تأكّد، في تقديره، من خلال التحاليل داخل الساحة الأمريكية والخطوات التي اتخذتها أطراف، شركاء للولايات المتحدة في أوروبا وآسيا وغيرها، وكذلك من خلال ردود الفعل في الأسواق الماليّة والبورصات العالميّة. واعتبر أنّ صعود ترامب إلى دفّة الحكم يمثّل قطيعة في الدينامية الليبرالية الأمريكية..
أيّ قراءة لفوز ترامب الذي كان مفاجئا للعديد من الملاحظين؟
نعيش الآن تراجعا للتطوّر السياسي والأخلاقي للمجتمع الأمريكي، هذا التطوّر الذي كان شهده بعد ارتقاء الأقليات فيه إلى السلطة وإلى مواقع اتخاذ القرار. كنّا نأمل أن يتواصل ويتدعّم هذا التطوّر العميق الذي كان يدلّ على تفتّح المجتمع الأمريكي على مختلف مكوّناته وعلى العالم بعد انتخاب باراك أوباما الذي ينتسب إلى إحدى هذه الأقليات التي لم تكن تنعم بمنزلة كان من المؤمّل أن تتواصل وتتعزّز بانتخاب سيّدة، وهي هيلاري كلينتون، في سباق الرئاسة، لكنّ هذه الدينامية قد انكسرت. نخشى إذا تراجعا للتنمية السياسية والتنمية الليبرالية للمجتمع الأمريكي ومردّ ذلك عاملان:
العامل الأوّل يكمن في القاعدة الانتخابية المناصرة لترامب طوال الحملة والتي ظلّت ثابتة بنسبة 40 بالمائة تقريبا. هذه القاعدة لم تنهار على الرغم من هفواته وزلاّته وتصريحاته التي كشفت عن قلّة معرفته بالملفّات الهامّة في مجال العلاقات الدوليّة، إن لم نقل إنّها كانت تعكس جهلا لها. بقيت هذه القاعدة المتكوّنة من البيض البروتستانت المنحدرين من أصول إيرلندية مصرّة على موقفها، رغم اقتناعها بأنّ مرشّحها لم يكن أحسن من يمثّل رغباتها لأنّها تؤمن بمنطق القوّة والشدّة والغلبة، وبمرتبة عليا تمنحها حقّا مشروعا في ممارسة السلطة انتزعتها منها الأقليات. رجع هؤلاء بقوّة وقد أحيى فيهم خطاب ترامب هذه النزعة وغذّاها.لقد لعب المرشّح الجمهوري على هذا الوتر الحسّاس ووعد أنصاره بتمكينهم من استرجاع مكانتهم، على حساب الأقليات التي أصبحت تطمح إلى المساواة أمام الدستور والقانون وفي الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.»نحن الأسياد»، كان ذلك الشعارالمرفوع.
نسبة قليلة من الوسط الذي مثّل القاعدة الانتخابية للحزب الديمقراطي تحوّلت إلى اليمين المتشدّد، ممّا منح الفوز لترامب.
ويتمثّل العامل الثاني في اللوبي اليهودي. إسرائيل هي عدوّة الخطّ التحرّري الليبرالي الذي يتماشى مع التحوّلات العالمية التي عشناها في العشر سنوات الأخيرة، والتي أعادت التوازن السياسي في الساحتين الدوليّة والأمريكيّة. ليس من مصلحة إسرائيل أن تظلّ الولايات المتحدة الامريكية في هذا الخطّ الذي تأكّد بانتخاب أوباما والذي كان سيتواصل بوصول هيلاري كلينتون إلى البيت الأبيض. يُفسّٓر فوز ترامب بتلاقي مصالح إسرائيل الضيقة ومصالح البيض البروتستانت وكذلك بتضافر العامل الأوّل والعامل الثاني. اليوم أصبحنا نخشى على موازين القوى في العالم من الاختلال بعد أن بدأت تعتدل فى منحى جديد. وتحسّبا لتراجع بلاده عن الانخراط في التوازنات العالمية، وانطلاقا من إيمانه بتقاسم المسؤوليات. على الصعيد الدولي، سارع باراك أوباما بالتوقيع على اتفاقية مؤتمر باريس بشأن تغيير المناخ COP 21 في 3 سبتمبر 2016 في الصين، لأنّه كان يخشى أنّ القاعدة البرلمانية بعده يمكن ألّا ترخّص بالتوقيع على هذه الاتفاقية، كما كان الشأن في عهد بيل كلينتون، حيث تمّ التوقيع على اتفاقية كيوتو، غير أنّ التصديق عليها لم يحصل. لذلك رأينا باراك أوباما ينزل بكلّ ثقله في الحملة الانتخابية إلى جانب زوجته لمساندة هيلاري كلينتون، إذ قلّ وندر أن يفعل ذلك رئيس مباشر للسلطة.
ما هي تداعيات صعود ترامب على القضية الفلسطينية؟
الخوف كلّ الخوف من عودة الخطّ الإسرائيلي إلى الهيمنة بما ينطوي عليه من خطر جسيم على وضع القدس. سيكون موضوع القدس أوّل تهديد، والله نسأل أن يحمينا من التهديدات الموالية بالنسبة إلى القضية الفلسطينية. كما يخشى أن يقع الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن في قبضة إسرائيل.
في كلمات، ما هي أبرز دلالات فوز ترامب؟
هو في نظري قطيعة في الدينامية الليبرالية للولايات المتحدة الأمريكية.
حاوره عبد الحفيظ الهرقام
- اكتب تعليق
- تعليق