اقتصاد -
2016.11.01
حمدي حشاد: الاقتصاد التونسي وضريبة المناخ
من الملاحظ مؤخرا أن التغير المناخي وآثاره قد أصبح الشغل الشاغل لكل وسائل الاعلام، لكن البعد العالمي الذي فرضته وامتداد أثاره لتشمل جميع المجلات الحيوية وفي كل دول العالم المتقدمة والنامية منها، جعل من هذه الظاهرة وبامتياز محور انشغال العالم، فتواتر الكوارث الطبيعية كالجفاف الشديد والمجاعة و الأعاصير التي ضربت بنغلاديش ومنطقة الكاريبي وموجة الحر الشديدة في شمال إفريقيا وأستراليا, وغيرها من المظاهر كلها مؤشرات على حدوث خلل في المنظومة المناخية. كل هذه الأحداث دفعت مجلس الامن الدولي إلى عقد أوّل اجتماع له لمناقشة هذه الظاهرة ومدى تداعياتها حيث صرح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أنّ التغير المناخي يتسارع بوتيرة كارثية، مما سيهدد السلم والأمن الدوليين بشكل أساسي على المدى القريب. وقد ذكر الخبراء أن ما يحدث هذه الايام هو أكبر تغيير في الغلاف الجوي منذ 65000 سنة.
وعلى الصعيد الوطني يشار إلى أن مجلس نواب تونس وقّع في أوائل شهر نوفمبر على إتفاقية باريس للمناخ بالإجماع، حيث لم ينجح برتوكول "كيوتو" في إلزام الدول الصناعية الكبرى خاصة الولايات المتحدة وروسيا وكندا وغيرها بخفض الانبعاثات الكربونية في الغلاف الجوي، بل بات البروتكول أشبه بسوق سوداء تعرف بسوق الكربون حيث تعرض فيه الدول الفقيرة حصتها المتبقية من الانبعاثات الغازية التي لم تبلغ الحد المسموح به عالمياً للبيع لبعض الدول المتقدمة التي تسعى لعدم خفض انبعاثاتهاعبر شراء حصص دولٍ أخرى، تونس كانت عضواً بارزا في هذه السوق السوداء حيث تورطت عن طريق النظام السابق ببيع حصتها بمبلغ 5 مليون يورو لألمانيا.
أثر التغيرات المناخية في الاقتصاد التونسي
قدّرت دراسة أعدتها وزارة البيئة التونسية سنة 2012 تتناول قيمة الخسائر الاقتصادية المنتظرة لتونس كلفة الأضرار التغيرات المناخية على القطاع الفلاحي بما يناهز 4 مليار دينار إلى حدود سنة 2030 مع انخفاض النمو الزراعي بنسبة تتراوح بين 0.3 و1.1 بالمائة سنويا إلى حدود سنة 2030، و هذا ستكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد التونسي الذي يعاني أصلاً من حالة ركود وتراكم المديونية الخارجية، حيث قدرت كلفة الأضرار الناجمة عن ارتفاع مستوى سطح البحر بسبب التغيرات المناخية بما يناهز 3.6 مليار دينار إلى غاية سنة 2050، كذلك 700000 هكتار من الأراضي الساحلية مهددة بالغرق بشكل مباشر. أما بنسبة لتأثير الوضع إجتماعي فلقد أشار التقرير البنك الدولي حول تونس إلى أنّه من المنتظر أن يحال 39000 شخص على البطالة القسرية لأسباب مناخية.
تطرح تونس خطة للتأقلم مع المتغيرات المناخية تبلغ كلفتها 40 مليار دينار ستعتمد تونس على تمويلها من صناديق التمويل الخضراء المدعومة من كبار الدول الملوثة كالصين و الولايات المتحدة. لكن تبقى هذه الخطة لحدود كتابة هذه الأسطر غير مفعلة، كونها تعتمد بشكل أساسي على موارد خارجية و رهينة حرص الحكومة التونسية على المطالبة بهذه المستحقات في المحافل الدولية على غرار قمة المناخ المقبلة بمراكش.
حمدي حشاد
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
- اكتب تعليق
- تعليق
أصداء المؤسسات