محمد ابراهيم الحصايري: وهل هذا أوان هذا الكلام... يا سيادة الرئيس؟
في الحديث الذي أدلى به إلى جريدة "القدس العربي" والذي نشرته الجريدة يوم الاربعاء 12 أكتوبر الجاري، قال رئيس الجمهورية جوابا على سؤال عن رؤيته للمشهد العربي الراهن إن "وضعنا سيء جدا ولا يوجد لديّ أمل بأن يتغيّر، لكن ربما يحصل ذلك بعد عشرات السنين. الجامعة العربية انتهت لكن رغم ذلك وقع فيها تغيير وأتوا بأمين عام جديد، كان وزير خارجية مصر سابقا وهو انسان جيد ولديه برنامج ورؤية لكن القضية تتطلب عشرات السنين وليس عاما أو عامين. العرب غائبون في الحرب الدائرة في سوريا. لم يفعلوا شيئاً. الدول العربية ليست مؤهلة للدخول في عمليات دولية وهي لا تسيطر على أوضاعها الداخلية. الجامعة العربية انتهت والتغيير للأفضل يتطلب عشرات السنين"…
ومع أنني أوافق رئيس الجمهورية على هذا توصيفه للوضع العربي ولواقع جامعة الدول العربية، فإنني لم أجد مهربا من أن أتساءل: وهل هذا أوان هذا الكلام يا سيادة الرئيس؟
أَفَلَيْسَتْ تونس هي التي تضطلع، منذ شهر سبتمبر الماضي، بالرئاسة الدورية لجامعة الدول العربية؟ وإذا كان رئيس الجمهورية يعتقد أن الجامعة انتهت فلماذا تقبل تونس الاضطلاع برئاسة مؤسسة منتهية؟ وما دامت قبلت الاضطلاع بهذه الرئاسة، فهل ستحاول قدر الإمكان أن تصلح بعض ما أفسده الدهر من أمر الجامعة أم أنها ستكتفي كما فعل الرئيس بنعيها؟
وبالمناسبة، وما دام رئيس الجمهورية استشهد بالحالة السورية كمثال على غياب جامعة الدول العربية... فإنني أريد أن أسأل عما فعله هو، إن على الصعيد الثنائي أو على الصعيد العربي، من أجل سوريا، على الأقل للتكفير عن الموقف الطائش الذي كان سلفه ورّط به تونس في مأساة الشعب السوري؟...
ثم إنني لا أجادل فيما قاله رئيس الجمهورية عن حاجة العرب إلى سنين طويلة وعديدة لتغيير وضعهم المتردّي، ولكن ألا يعتقد سيادته أنه من الضروري أن تبدأ مسيرة التغيير على الفور أو على الأقل في أقرب وقت ممكن؟ وأن تونس بما عرف عن سياستها الخارجية من رجاحة وحصافة يمكن أن تكون إحدى رائدات هذه المسيرة والمساهمات في التعجيل بخطوتها الأولى...
ولعله من حقنا أن نحلم بذلك لأننا نعتقد أن "حكومة الشباب" التي أطنب الرئيس في إطرائها في حديثه إلى جريدة "القدس العربي"، ينبغي أن تتحلى بأكبر قدر من الطموح وسعة الأفق، وأن تعمل، بالتوازي مع معالجة مشاكل البلاد الداخلية، على أن تسترد تونس مكانها ومكانتها على الصعيدين الإقليمي والدولي من خلال تحركات ومبادرات ولو صغيرة تسهم بها، ولو بنزر يسير، في إصلاح بعض الشؤون المغاربية والعربية وغيرها...
محمد ابراهيم الحصايري
- اكتب تعليق
- تعليق