محمد ابراهيم الحصايري: وَاتُونِسَاهْ... أو لا تَنْهَ عن خلقٍ وتأتي مثله

محمد ابراهيم الحصايري - إنّ "تدهور التوازنات الأساسية، وخاصّة على مستوى كلّ من العجز الجاري وعجز الميزانية خلال السنوات الأخيرة في ظلّ سياق من النمو الفاتر وما ينجم عنه من تزايد اللجوء إلى التمويلات الخارجية المخصّصة في جزء منها للنفقات الجارية للميزانية، يعكس نزعة المجتمع التونسي إلى مستوى عيش يتجاوز طاقته، وهو نمط معيشي غير قابل للاستمرار، ويتنافى مع أيّ منطق اقتصادي"...

هل تعرفون من قائل هذا الكلام؟

إنه محافظ البنك المركزي، وقد جاء كلامه هذا في مقدمة تقرير البنك  السنوي لعام 2015 الذي حث فيه السلطات العمومية على اتخاذ مجموعة من الإصلاحات الهيكلية والمبادرات المتناسقة للارتقاء بفعالية الاقتصاد، وذلك خاصة من خلال "العمل بطريقة براغماتية وتشاركية مع جميع الأطراف الفاعلة على إرساء نهج توافقي يهدف إلى توفير هامش تصرف على مستوى الماليّة العمومية وعلى صعيد القطاع الخارجي من خلال التعبئة الأمثل للمقابيض وتخصيص أفضل للنفقات والنهوض بجاذبية البلاد بالنسبة إلى الاستثمارات الأجنبية الضرورية لتغطية الحاجيات من التمويل وإرساء الهياكل والآليات المناسبة للتصرف الفعّال في الدين العمومي واحتواء مواطن ضعف القطاع المالي"...

وهو لم يكتف بذلك بل شدّد على "وجوب اعتماد سياسة اتصال متناسقة وناجعة لإنجاح عمل السلطات، بالنظر إلى احتمال عدم التفهّم من قبل جانب من الرأي العام والشركاء الاجتماعيين بشأن إكراهات سياسة الانضباط على مستوى الميزانية والإصلاحات الضرورية."

وكمساهمة تطبيقية منه في العمل بالاجراءات التي دعا إلى اعتمادها، والأخذ بالسياسة الاتصالية التي نادى بتوخّيها في مخاطبة العموم، بادر مجلس إدارة "بنكه" الذي "نال استقلاله" في أفريل الماضي، إلى إقرار الترفيع في مرتبه ومرتبات كبار معاونيه أكثر من خمس مرات دفعة واحدة...
ولست أدري إن كان البنك العالمي وصندوق النقد الدولي سيرحّبان بهذا القرار، لكنني أدري أنه يؤكد أن "سرطان الجشع" تمكّن من البعض حتى بات يريد الاستحواذ على أكبر قدر من "كعكة" الوطن المغلوب على أمره، وأمام هذا السلوك المَرَضِيِّ لا نملك إلا أن نصرخ: واتونساه... وأن نقول لمحافظ البنك المركزي:

لا تَنْهَ عن خلقٍ وتأتي مثلَه
عـــارٌ عليك إذا فعلت عظيم

م.ا.ح