لماذا ضرب الإرهاب فرنسا مرّة أخرى؟
هل أصابت لعنة الإرهاب فرنسا حتّى يصبح هذا البلد مسرحا لهذه الآفة الخطرة،؟ فما إن يفرغ من تضميد جراحه بعد ضربة موجعة كتلك التي وجهت له ذات ليلة من ليالي نوفمبر الماضي في قاعة الباتكلون في قلب العاصمة باريس حتّى يتقبّل ضربة أخرى، لا تقلّ وحشية ولا ضراوة. شخص استبد به الجنون يدهس بشاحنة ، وعلى طول كلمترين، جموعا من الناس انتشروا على طول كورنيش مدينة نيس الساحرة ، على الساحل الأزوردي، لمشاهدة الألعاب النارية، بمناسبة الاحتفاء بذكرى 14 جويلية. الإرهابي قتل في ما قتل فرنسيين وأجانب وأشخاصا أبرياء آخرين من بني جنسه، لا يميّز بين طفل وكهل وشيخ وامرأة، ولا يفرّق بين جنسية وأخرى؟ ما الذي دفعه إلى ارتكاب هذه الجريمة الشنيعة؟ هل هي عقد نفسية وحقد أعمى أم دوافع عقائدية ؟ هل أنّ فرنسا بصدد دفع ضريبة باهظة نتيجة خوضها حربا ضدّ الإرهاب، خارج حدودها، وضدّ داعش بالخصوص، هذا التنظيم الذي تبنّى عملية 13 نوفمبر؟ هل أنّ الأمر يتعلّق بردّة فعل إزاء مشاركتها في الهجوم الأطلسي على ليبيا ؟ هل أنّ سبب ذلك قصور في التعامل مع قضية الهجرة وإدماج المهاجرين، اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا، في الوسط الفرنسي؟ أم أنّ الأمر يتّصل بظاهرة لم تبح البحوث العلمية بكلّ الأسرار بشأنها وهي ظاهرة التطرّف، والسؤال الذي كثيرا ما يطرح هو : هل أنّ هذه الظاهرة مرض عقلي؟
لا شكّ أنّ هذه الأسئلة الحائرة حاضرة بقوّة في إذهان المسؤولين الفرنسيين، وعامّة أفراد الشعب الفرنسي، إن نقل في ذهن كلّ إنسان ، آلمته هذه الفاجعة وخلّفت في نفسه جرحا غائرا.
إزاء هذه التطوّرات الخطرة، لم يعد لفرنسا من خيار سوى الاستمرار، بأكثر عزم وإصرار على محاربة الأرهاب بكلّ الوسائل، وهو ما أكّده اليوم السياسيون الفرنسيون من مختلف الاتجاهات، فضلا عن تنسيق الجهود وتعزيز قدرات الأجهزة الاستخباراتية، على الصعيد الداخلي ودعم التعاون مع بقية البلدان المنخرطة في الجهود الدولية من أجل تفكيك الشبكات
الإرهابيّة والقضاء عليها.
- اكتب تعليق
- تعليق