الظرفية الاقتصادية والمالية في تونس
تراجع الإنتاج الصناعي
سجل الإنتاج الصناعي تراجعا في شهر أفريل الماضي للمرة الثالثة منذ بداية السنة. وتشير آخر الإحصائيات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء خلال الأسبوع المنقضي إلى أن مؤشر الإنتاج استقر خلال شهر أفريل في حدود 29،92، مقابل 94،7 خلال شهر مارس و 96،2 في بداية السنة.
وواضح أن الانتاج الصناعي ظل على حال من الفتور منذ الصدمة التي أصابته في سنة 2008 في ظل الأزمة الاجتماعية في الحوض المنجمي، وبداية الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، وحالة الارتخاء التي صار إليها النمو الاقتصادي في أوروبا منذ ذلك الوقت. وزادت الظاهرة اتساعا وتفاقما بعد التغيير السياسي الذي حصل في جانفي 2011 وشمل كل الأنشطة الصناعية بدون استثناء.
وسجل إنتاج الصناعات المعملية انخفاضا بنسبة 2،7% في شهر أفريل 2016 قياسا بالشهر الذي قبله، وهو انخفاض مرده أساسا إلى تراجع إنتاج الصناعات الغذائية(ـ 3،6% من شهر إلى آخر و ـ 4،6% على كامل السنة) والصناعات الكيميائية (ـ 4،6%﴾ وصناعات النسيج والملابس (ـ 5،2%).
وجاء تراجع الإنتاج الصناعي كنتيجة لانهيار قطاع الفسفاط، و لما يشهده قطاع الطاقة من ارتباكات. ولم ينفك إنتاج هذين القطاعين الهامين في تراجع منذ سنة 2008؛ فقد استقر مستوى مؤشر المناجم في أفريل 2016 في حدود ـ50،7 % من مستواه في أفريل 2008، أما مؤشر الطاقة، فبلغ ـ 13،2%. ولتدهور استغلال الفسفاط انعكاس مباشر وحتمي على قطاع الصناعات الكيميائية الذي انخفض مؤشره إلى حد ـ 13،6% قياسا بمستواه في أفريل 2008.
المصارف التونسية في مواجهة تدني الإيداعات وأزمة المدفوعات الخارجية
تشير الاحصائيات النقدية لشهر ماي الماضي الصادرة خلال الأسبوع المنقضي عن البنك المركزي إلى تزايدالصعوبات التي تواجهها المصارف التونسية بسبب تعمق الأزمة الاقتصادية وتأزم المدفوعات الخارجية. وتعاني البنوك التونسية للشهر الثاني على التوالي من تراجع الإيداعات تحت الطلب بنسبة ـ 0،2% قياسا بأفريل ،بعد انخفاض بـ ـ 2،3 % في أفريل قياسا بمارس. وبلغت نسبة نمو الإيداعات لأجل 0% خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة وهي نفس النسبة المسجلة خلال نفس المدة من سنة 2015. ونَحَتْ إيداعات الادخار نفس المنحى تقريبا إذ انخفضت بـ ـ 0،2%. وتعتبر ظاهرة الانخفاض هذه مؤشرا على هبوط مستوى ثقة المودعين تجاه البنوك وذلك في علاقة بما رافق التصويت على قانون البنوك الجديد من أخذ ورد وبانتشار حال من الحيرة والشك بسبب تدني قيمة الدينار. وأفضى تقلص الموارد على هذا النحو إلى انخفاض في السيولة البنكية نظرا لتفاقم الحاجة إلى موارد إضافية من الخزينة. وأمام هذا الوضع وفي غياب أي هامش للمناورة يمكن الاعتماد عليه للتنفيس على البنوك، اضطر البنك المركزي اضطرارا إلى الزيادة في كمية السيولة التي يدفع بها إلى الاقتصاد والتي بلغت في شهر جوان الماضي مستوى قياسيا (6،3 مليار دينار ). وسجلت الكتلة النقدية بمفهومها الواسع (ن4) زيادة بنسبة 6,9٪ على كامل السنة بعد الدفع بكميات جديدة من النقد لمواجهة حاجيات الدولة من السيولة النقدية (+ 36,5٪).
ارتفاع مخزون النقد اليدوي السنوي المتداول
سجل قائم الأوراق النقدية والمسكوكات في التداول منذ بداية السنة زيادة بنسبة 9,5٪ نتيجة ارتفاع النفقات المعتادة للأسر بعنوان الموسم الصيفي وشهر رمضان واحتفالات عيد الفطر. كما تعكس هذه الزيادة قدرا من الحذر والحيطة تجاه البنوك يدل عليه تناقص الإيداعات بجميع أصنافها.
تراجع الصادرات بسبب هشاشة سلسلة النقل والإمداد (اللوجستية) التونسية
يصدر البنك الدولي مرتين في السنة تقريرا حول تقييم بعض الدول بحسب مستوى الأداء التجاري من حيث مردود الخدمات الديوانية وجودة البنية التحتية ونسق إنجاز عمليات التزويد.
في نسخة 2016، يأتي التقرير على ذكر 46 بلدا إفريقيا من بينها تونس المصنفة في المرتبة 22، والجزائر في المرتبة الثامنة (75 عالميا) والمغرب في المرتبة 12 (86 عالميا).
ويرى البنك الدولي أن "أداء اللوجستية ضمن العلاقات التجارية الدولية والمحلية يعتبر أحد مفاتيح النمو الاقتصادي والقدرة التنافسية لأي بلد، فإذا كانت سلاسل النقل والإمداد (اللوجستية) التي تربط الأفراد والمؤسسات بالأسواق جيدة وناجعة، وتؤمن ترويجا للبضاعة بقدر هام من الجودة، فإن ذلك يسهم في دعم الصادرات، ويعزز الإنتاجية، ويكون عامل ازدهار ورقي اجتماعي.
يوسف قدية
- اكتب تعليق
- تعليق