خطاب "القطائع" الخمس
لو أردت أن أعطي عنوانا للخطاب الذي افتتح به رئيس الحكومة يوم السبت 21 ماي 2016 أشغال ندوة الولاة لقلت إنه "خطاب القطائع".
والـ"القطائع" جمع لكلمة "قطيعة"، وقد عدّد رئيس الحكومة في حديثه عن أداء الولاة أو بعضهم، أصنافا خمسةً من القطيعة...
أما القطيعة الأولى فهي بين الولاة وبين العمل الميداني، فبعض الولاة يرابطون فى مكاتبهم ولا يخصّصون الجزء الأكبر من عملهم للزيارات الميدانية...
وأما القطيعة الثانية فهي بينهم وبين المواطنين، فهم لا يلتصقون بالمواطنين ولا ينصتون إلى مشاغلهم عن قرب ولا يتوجهون إلى مختلف أنحاء ولاياتهم لمتابعة الشأن اليومى للأهالى....
وأما القطيعة الثالثة فهي بينهم وبين المجتمع المدني، حيث أن العلاقات مع مكوّنات هذا المجتمع ليست جيدة ولا بد من عقد لقاءات دورية معها ترسيخا لنهج الحوار البناء فى القضايا التى تهم الجهات.
وأما القطيعة الرابعة فهي بينهم وبين أعضاء مجلس نواب الشعب، حيث أن العلاقة بين الطرفين وصلت فى بعض الجهات إلى حد المطالبة بإقالة ولاتها لصعوبة التواصل معهم، وهو ما يتنافى مع ضرورة التفاعل الإيجابى مع نواب الشعب...
وأما القطيعة الخامسة فهي بينهم وبين أعضاء الحكومة، في حين أن العلاقة ينبغي أن تكون علاقة تواصل وتفاعل لإكساب العمل التنموى الجهوى النجاعة المرجوّة، ولمساعدة الولاة على ايجاد حلول للإشكاليات المستعصية على المستوى الجهوى عوض ترحيلها إلى المستوى المركزى.
وأعترف بأن هذا الخطاب أشعرني بقدر كبير من الإحباط، لا سيما وأن رئيس الحكومة بدا، أمام هذه الأنواع المنوّعة من "القطائع" وهذه الإخلالات الموصوفة، متردّدا، واكتفى بالتنبيه إلى أنه سيتخذ الاجراءات الضرورية فى شأن الولاة الذين لا ينزلون إلى الميدان ولا يلتحمون بالمواطنين من أجل الإنصات إلى مشاغلهم وحلّ مشاكلهم...
وهذا التردد الغريب في اتخاذ الاجراءات قد يؤشّر إلى أن هؤلاء الولاة الذين لا يريدون أو لا يستطيعون أن يكونوا قاطرة العمل فى ولاياتهم، يتمتعون بحصانة "حزبية" لا يملكها رئيس الحكومة نفسه مما يجعلهم في مأمن من أي جزاء...
وكم هو ضيّق أفق خروجك من أزمتك المشتدّة يا تونس الغالية...
محمد ابراهيم الحصايري
- اكتب تعليق
- تعليق