رجاء... تجنّبوا أن تكون الحكومة القادمة حكومة متربّصين

الآن... وقد بَدَأَ ضَرْبُ الأخماس للأسداس من أجل إخراج "حكومة الوحدة الوطنية" إلى الوجود، أعتقد أنه من المُهِمّ، على رأي أحد وزرائنا الأوّلين السابقين، ألا تكون الحكومة الجديدة، على غرار الحكومات السابقة، حكومة مُتَرَبِّصِين حتى لا يستمرّ انخرام الوضع  السياسي وتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي ما فتئت تونس تغرق فيها شيئا فشيئا منذ 14 جانفي 2011.

والمقصود بالتربّص هنا التربّصُ بِمَعْنَيَيْهِ، أي بمعناه التونسي المتداول الذي يُطْلِقُ صفَةَ المتربّص على من يخضع لفترة تدريب، وبمعناه الأصلي الذي يُعَرِّف المتربّص بالمراقب والمترصّد والمتأهّب لإيقاع الأذى بخصمه، والانقضاض عليه والفتك به...

وفي تقديري فإن العشرات من الوزراء الذين أتت بهم عثراتُ مرحلة ما بعد "الثورة" ينطبق عليهم إمّا المعنى الأوّل أو المعنى الثاني أو كلاهما...

وبالفعل فإن البعض من أعضاء حكوماتنا المتعاقبة كانوا  ومازالوا أَشْبَهَ، في إدارة شؤون وزاراتهم، بالمُتَرَبِّصِين الذين "أُسْقِطُوا بالمظلّات" على العمل الحكومي دون أن تكون لهم أيّ خبرة سابقة به وبتسيير الشؤون العامة، وهذا ما ينطبق على من جاءوا، فجأة، إلى حكم البلاد والعباد إما من غَيَابَاتِ السجون والمنافي، أوْ من غِيَابَاتٍ طويلة فيما وراء الصحارى والبحار، وهو ما جعلهم يصرفون الجزء الأكبر من وقتهم في محاولة استيعاب ما يجري حوْلهم، غير أنّهم بمجرّد أن يبدؤوا في إدراك حقائق الواقع التونسي يُضْطَرُّون إلى الانصراف ليحلّ محلَّهم وزراء مُتَرَبِّصُونَ جُدُدٌ يَدُورُونَ بِدَوْرِهِم في نفس الحلقة المفرغة.

أما البعض الآخر من الوزراء في حكوماتنا ثلاثيّةِ ثم رُباعيّةِ التّركيب الحزبي فإنّهم يصرفون معظم وقتهم في التربّص ببعضهم البعض وحتى برئيسهم، إما لأنهم يطمعون في التربّع على كرسيّ رئاسة الحكومة، أو لأنهم يريدون لأنفسهم وزارات أهم من وزاراتهم، ولأحزابهم عددا أكبر من الحقائب الوزارية...

وداهية الدواهي أن العديد من هؤلاء وأولئك الوزراء متربِّصُون بالمعنيين، ولذلك فإنّ وجودهم في الحكومات يعطّل سير عمل الدولة ويعقّد  الأزمة التي تعاني منها البلاد، والمشكلة أنهم لا يدركون أنهم حين يتربّصون ببعضهم البعض انما يتربصون بحاضر تونس ومستقبلها...

فرجاء... تجنّبوا أن تكون الحكومة القادمة، كسابقاتها، حكومة متربّصين؟؟؟

محمد ابراهيم الحصايري