أخبار - 2016.05.30

تونس : الظرفية الاقتصادية (الأسبوع من 23 إلى 29 ماي 2016)

تونس : الظرفية الاقتصادية  (الأسبوع من 23 إلى 29 ماي 2016)

الدين العام في تفاقم

ازداد حجم الدين العام خلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2016 بمقدار 6،3 مليار دينار بالنسبة إلى ما بلغه في نهاية الثلاثي الأول من سنة 2015، بحيث ارتفع إجماليه إلى 47،4 مليار دينار، وهو ما يضاهي نسبة 54،4 ٪ من الناتج الداخلي الخام. هذا يعني أن أكثر من نصف ما يتوفر للبلاد من ثروات هو عبارة عن أموال لا تسخر في سبيل نشر النماء وتحقيق الرخاء وتوفير أسباب العيش الكريم للتونسي، إنما تصرف بالعملة الصعبة في جانب مهم منه لسداد ما يتخلد بذمة الدولة التونسية من ديون. جزء من الأموال التي تتحصل عليها تونس في شكل قروض مهما كان مأتاها يستعمل في إنجاز مشاريع تنموية تسهم بقدر ما في نمو البلد وإنعاش اقتصاده وهو سبيل بالتالي إلى إنعاش الإقتصاد وخلق الثروات وتقليص البطالة؛ لكن هنالك جزء آخر تضطر الدولة إلى تسخيره من أجل الحيلولة دون تفاقم عجز الميزانية العامة في ظل تراجع الإنتاج وركود الاقتصاد، ويخصص جله لسداد مرتبات الموظفين ولتوفير بعض الحاجيات الاستهلاكية الخ..هذا الجزء من الأموال التي تأتي في شكل قروض ظل في ارتفاع مستمر خلال السنوات الأخيرة على حساب الجزء الآخر.

بلغ إجمالي الدين المتخلد بذمة الدولة التونسية إلى حد نهاية الثلاثي الأول من سنة 2016 مقدار 47،44 مليار دينار تونسي، وهو متأت بمقدار الثلثين  (63،9٪) من مصادر تمويلية أجنبية. وقد تجاوز دين تونس الخارجي الذي يتم سداده بالعملة الصعبة، أي بالدولار الأمريكي وبالأورو أساسا، عتبة 30 مليار دينار، فيما بلغ حجم الدين الداخلي الذي يسدد بالعملة المحلية 17،1 مليار دينار. وظل الدين الخارجي منذ سنة 2010 في ارتفاع مطرد على نسق يفوق نسق ارتفاع الدين الداخلي؛ فقد بلغت نسبته في موفى الثلاثي الأول من سنة 2010، 22،7٪ من الناتج الداخلي الخام، وارتفعت هذه النسبة إلى حد 35،2٪ في نهاية الثلاثي الأول من السنة الجارية. أما الدين الداخلي فقد تطور على التوالي بـ 15،8٪ و19،9٪.
وقد بلغت المبالغ التي دفعت لسداد الدين العام خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية 1،54 مليار دينار بعنوان خدمة الدين، و914 مليون دينار لسداد أصل الدين الذي حل أجل إرجاعه، و626 مليون دينارـ  أي ما يمثل 21،9٪ من المداخيل المتأتية من صادراتنا من السلع ـ بعنوان فوائض الدين.

ويعزى تورم خدمة الدين (+ 10،3٪ ) إلى سداد فوائض الدين (+29،5٪). ومثل الدين الداخلي نسبة 61،8٪ من الدفوعات بعنوان الفوائض خلال الثلاثي الأول من سنة 2016، وذلك رغم أن نسبة هذا الدين الداخلي ضمن إجمالي الدين العام لا تتجاوز 36،1٪.

ميزانية الدولة / المداخيل في تراجع والنفقات في تزايد

سجلت مالية الدولة خلال الفترة الممتدة بين جانفي ومارس 2016 بدخول الغاية تراجعا حادا كما يتجلى ذلك بوضوح من خلال التقرير المتعلق بـ’’ النتائج الوقتية لتنفيذ ميزانية الدولة حتى نهاية شهر مارس 2016’’ الصادر عن وزارة المالية. فقد تراجعت مقابيض الدولة في جملتها بنسبة ـ4،3 ٪ وذلك لعدة أسباب كانخفاض المقابيض الجبائية (ـ2،0٪) وتراجع المداخيل  المتأتية من أملاك الدولة (أو المقابيض غير الجبائية : ـ38،6٪). وفي المقابل، سجلت نفقات الدولة ارتفاعا حادا خلال نفس المدة قدرت نسبته بـ30،9٪ وهو ما فاقم عجز الميزانية (دون احتساب مداخيل الخصخصة التي وفرت للدولة مداخيل بقيمة 397 مليون دينار ودون احتساب الهبات﴾الذي بلغ رقما قياسيا يقدر بأكثر من ملياري دينار (2027،4 مليار دينار على وجه التحديد).
وسجلت النفقات المستوجبة في صلة بسير دواليب الدولة الإدارية ارتفاعا بنسبة ذات بال (+26،1٪) وذلك جراء جملة من العوامل كتطور النفقات بعنوان الأجور (+17،0٪) وهي نفقات مثلت نسبة 54،7٪ من إجمالي نفقات الدولة خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية، وكتضاعف المنح والتحويلات المخصصة لدعم أسعار المنتوجات الأساسية (+104،7٪) وكالنفقات بعنوان فوائض الدين العام (+29،5٪).

لقد زاد عجز ميزانية الدولة تورما بسبب هذا الفارق الشاسع بين ما يدخل صناديق الدولة من موارد وما يبارحها من نفقات، وهو الذي دفع إلى اللجوء أكثر فأكثر وفوق ما حددته التقديرات الأصلية إلى التداين الداخلي.

تدهور ميزان الدفوعات خلال الفترة جانفي ـ أفريل

ازداد عجز العمليات الجارية بمقدار مليار دينار بين الفترة جانفي ـ أفريل 2016 ونظيرتها خلال 2015. وتشير المعطيات التي تضمنتها خلية الظرفية الإقتصادية والدراسات ومتابعة الإصلاحات المالية لوزارة المالية إلى تفاقم لافت للعجز المسجل على مستوى العمليات الجارية خلال الأشهر الأولى من السنة الحالية. وقد استقر هذا العجز بالنسبة إلى الأشهر الأربعة الأولى من السنة في حدود 3،04 مليار دينار مقابل 2،02 مليار دينار خلال نفس الفترة من السنة الماضية. ويعزى تفاقم العجز على هذا النحو إلى تدهور المداخيل السياحية (ـ 46،6٪) وانخفاض تحويلات التونسيين المقيمين في الخارج  (ـ10،9٪) وذلك في ظل تفاقم العجز التجاري من فترة إلى أخرى.

كما سجل ركود شبه كلي لدخول رؤوس الأموال الأجنبية بسبب تراجع الاستثمارات الخارجية المباشرة (ـ22،4٪) والتأخير الحاصل على مستوى تعبئة التداين الخارجي، وارتفع العجز العام لميزان الدفوعات على نحو لافت كذلك  إذ بلغ ـ3،0 مليار دينار في موفى الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2016 مقابل +751 مليون دينار في نهاية نفس الفترة من السنة الماضية.

 يوسف قدية

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.