مواقف وآراء -
2016.05.21
المنظومة البنكية : مواطن الخلل والحلول الضرورية
تتعرض المؤسسات المصرفية في تونس الى نقد شديد من سائر المتعاملين معها، وهذا النقد يوجهه لها المواطن البسيط الذي يعيب عليها انها لا تقبل اقراضه الا بشروط مجحفة، وبفوائض مرتفعة كما يوجهه المستثمر للبنوك التي يتعامل معها ، فيعيب عليها عدم قدرتها على تمويل المشاريع الهامة بصفة فردية ، وعدم مصاحبته للخارج لاكتساب اسواق جديدة، وتخلفها كذلك عن توفير منتوجات بنكية جديدة وبالتالي تخلف القطاع البنكي عن المساهمة الفعلية في تنمية الاقتصاد التونسي.
ازدادت الخدمات البنكية في تونس تدهورا في السنوات الاخيرة ، اذ صنف مؤتمر دافوس المنظومة البنكية بتونس في المرتبة 92 من جملة 189 بلد في حين كان ترتيب تونس سنة 2010 في المرتبة 32 مما يؤكد ان القطاع البنكي يشكو اخلالات كبيرة تهدد سلامته.
تحليل واقع ا لمنظومة البنكية في تونس يفرض علينا ان نعود الى تاريخ نشاة المؤسسات المصرفية بالبلاد والتي بلغ عددها اليوم 22 بنك يضاف اليها 7 بنوك غير مقيمة ، وهو عدد مرتفع جدا بالنظر الى حجم اقتصاد البلاد ، فهنالك بنكين يستاثر كل واحد منهما ب15 % من رقم المعاملات وهما بنك تونس العربي الدولي وا لبنك الوطني الفلاحي ، في حين ان هنالك ما لا يقل عن 10 بنوك لا تتجاوز حصتها من هذه السوق 1% .
ما هي اسباب ارتفاع عدد المؤسسات البنكية
تفسير اسباب تعدد المؤسسات البنكية بتونس هو مرتبط بمجريات الاحداث السياسية منذ الاستقلال، لقد بقي بنك واحد متواجد من الحقبة الاستعمارية وهو البنك التونسي الذي بعث في سنة 1884، وقد سعت الدولة منذ الاستقلال الى بعث بنوك وطنية على غرار الشركة التونسية للبنك والبنك القومي الفلاحي وذلك قبل تاسيس البنك المركزي نفسه، وذلك لاستكمال السيادة النقدية، ثم جاءت فترة التجربة الاشتراكية فواصلت الدولة جهودها ببعث بنوك وطنية اخرى على انقاض فروع البنوك الاجنبية التي كانت تعمل بتونس ، فتكون الاتحاد الدولي للبنوك ستة 1964 وبنك الجنوب سنة 1962 بالاضافة الى بنوك تمويل عمومية اهتمت بالقطاعين الفلاحي والسياحي ، وبمجئ المرحوم الهادي نويرة للوزارة الاولى وعدول الدولة عن التجربة الاشتراكية وقع السماح للقطاع الخاص ببعث بنوك خاصة على غرار بنك تونس العربي الدولي سنة 1976 والمصرف العقاري والتجاري التونسي سنة 1971 والذي اصبح يحمل تسمية بنك الأمان لاحقا . وعندما تحمل المرحوم محمد مزالي مسؤولية الوزارة الاولى سنة 1980 سعى بالاشتراك مع السيد منصور معلى الى بعث 5 بنوك استثمار مع دول الخليج وليبيا.
حيث كانت الدولة التونسية تساهم ب50 بالمائة من راس مالها ، كما شهدت تلك الفترة تاسيس البنك العربي بتونس وذلك سنة 1982 بطلب من منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت جل ايداعاتها المالية بالبنك العربي بعمان الذي هو على ملك احد الاثرياء الفلسطنيين والى جانب هذه البنوك عرفت تلك الفترة بعث بنوك غير مقيمة كباست بانك وبنك أ ب س وهو بنك بحريني وبعض البنوك الليبية الاخرى.
لكن انطلاقا من سنة 2000 دخلت تونس بعمق في مرحلة فرضتها العولمة فتحولت كل بنوك الاستثمار الى بنوك شمولية على غرار ما حصل بفرنسا كما تم احالة نسبة تفوق عن النصف في راس مال بعض البنوك الى اطراف اجنبية على غرار بنك الجنوب الذي اصبح التجاري بنك والاتحاد الدولي للبنوك وحتى الاتحاد البنكي للتجارة و الصناعة وكل هذه البنوك تستند في الواقع الى بنوك اجنبية ذات ثقل على الساحة المالية الدولية دون ان تستفيد تونس من ذلك.
وفي سياق موازي شهدت العشرية الاخيرة بعث بنك التضامن وبنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
تصنيف البنوك التونسية :
ان التشتت الذي عرفته السوق المالية التونسية جعل البنوك في تونس ذات مشاكل مختلفة ووضعيات متباينة ويمكن ان نصنف البنوك العاملة بتونس في مجموعات 6, فهنالك :
المجموعة الاولى: التي تضم البنوك الوطنية الكبرى الثلاث وهي بنوك مرت بوضعيات صعبة نتيجة ضعف الموارد المالية الذاتية لسوء الحوكمة خلال فترة ما قبل سنة 2011 يضاف لذلك ارتفاع مصاريف التصرف وكثرة العاملين بها وتاخرها عن انجاز منظومة معلوماتية متطورة ، فاضطرت الدولة الى اعادة رسملة الشركة التونسية للبنك وبنك الاسكان باعتمادات فاقت عن 900 مليون دينار بينما طلبت من البنك الوطني الفلاحي بيع الاسهم التي يملكها براس مال الشركة التونسية للتبريد والجعة وقدرها 13 في المائة كبيع اسهمها بشركة سنبار وبشركة الهواء السائل Air liquide.
هذه البنوك تحسنت اليوم وضعيتها المالية خاصة وانها تتمتع بشبكات تجارية هامة وحرفاء اوفياء من الشركات الوطنية و المؤسسات العمومية ولكنها مدعوة الى تحسين قواعد الحوكمة حتى لا تقع من جديد في المحضور، وتقبل على اعطاء قروض وتسبيقات هامة للمؤسسات الوطنية التي تشكو صعوبات كبرى ا والى الصناديق الاجتماعية تحت تاثير الدولة التي تملك الاغلبية بمجلس ادارتها لذلك وجب ان يكون المسؤول الاول في هذه البنوك على وعي كبير حتى لا تعود هذه البنوك لما كانت عليه من قبل وهو امر قد يبدو صعبا للضغوطات التي تمارسها الدولة في بعض الحالات على اصحاب القرار بهذه المؤسسات، ويمكن ان نلحق بهذه المجموعة بنك التضامن وبنك تمويل المؤسسات المتوسطة وا لصغرى التي تحاول القيام بدور هام في اقراض الباعثين الشبان لكن حجم اموالها الذاتية هو محدود للغاية وهو ما يفرض الترفيع في راس مال بنك التضامن كما يلحق بهذه المجموعة البنك الفرنسي التونسي الذي يتبع الشركة التونسية للبنك وهو بنك مر بوضعية صعبة نتيجة سوء الحوكمة من جهة والنزاعات القضائية التي عاشها من جهة اخرى.
اما المجموعة الثانية:فتهم البنوك الخاصة ذات الاغلبية التونسية على غرار بنك تونس العربي الدولي والبنك التونسي وبنك الامان فقد عرفت هذه البنوك تطورا كبيرا وهي تضم في تركيبة راس مال البعض منها، مساهمات اجنبية تمكنها من التفتح اكثر على الاسواق الخارجية ، لقد تمكنت هذه البنوك من تجديد منظومتها الاعلامية وحققت ارباحا هامة و نذكر في هذا المجال بنك تونس العربي الدولي الذي حقق في سنة 2015 ربحا يقدر ب150 مليون دينار اي ما يعادل تقريبا 18 في المائة من امواله الذاتية ويبدو ان هذه المجموعة اصبحت قادرة على ان تستوعب في المستقبل بنوكا وطنية اذا ما عرضت لاحقا للبيع.
اما المجموعة الثالثة: فهي تهم البنوك الخاصة ذات الاغلبية الاجنبية على غرار الاتحاد البنكي للتجارة والصناعة والاتحاد الدولي للبنوك والتجاري بنك ومصرف ا ب س وقد ورثت هذه البنوك وضعيات مالية صعبة لذلك كثفت نشاطها على المدى القصير على القطاعين التجاري والاستهلاكي وتمكنت من تحسين وضعيتها المالية ، ولكنها لم تجلب لتونس اموالا من الخارج بالرغم من انها مدعومة من بنوك دولية كبرى، لقد استطاعت هذه البنوك ان تحسن وضعيتها المالية مدخلة تقاليد جديدة اهمها ان الفروع البنكية التابعة لها اصبحت تضم 3 اشخاص لا غير مع متابعة لصيقة للمؤسسات الكبرى.
اما المجموعة الرابعة:فهي تضم البنوك الخمسة التي كانت في الاصل بنوك استثمار في حين ان المجموعة الخامسة تضم بنوك اسلامية وهي بنك الزيتونية وبنك البركة ويمكن ان يلحق بهما بنك الوفاق الذي تحصل على ترخيص ولكنه لم يشرع بعد في نشاطه البنكي مع الاشارة الى ان بنك الزيتونة ما زال الى الان تحت الائتمان العدلي.
في حين ان المجموعة السادسة تضم بنوك غير مقيمة وهي بنوك متكونة من راس مال اجنبي ليبي او اماراتي او بحريني وتلعب دورا هاما في التجارة الدولية والقطاع الصناعي الغير المقيم.
هذه المجموعات الستة تتواجد في سوق ضيقة فلم تسعى الى تنويع انتاجها البنكي بل اغلبها تمارس انشطتها بنفس الاليات وتلقى بعض المزاحمة في التجارة الدولية من بنوك دولية فتحت فروعا لها بتونس.
تصنيف هذه البنوك الى مجموعات 6 هو ضروري لمعرفة حاجيات كل مجموعة وعلى البنك المركزي ان ياخذ هذا المعطى بعين الاعتبار كما ان القول بانه بالامكان توحيد البعض منها او ادماجها في الوقت الحالي وان كان ضرورة ملحقة لبعث بنك او بنكين هامين على المستوى الاقليمي فانه ليس باليسير وقد يحتاج هذا الامر الى مزيد من الوقت.
مشاكل المؤسسات المصرفية :
بالرغم من تباين وضعيات المؤسسات المصرفية فان هنالك وصعوبات تخص سائر البنوك ويمكن تبويبها في خمس عناصــر :
اولا:
ان كل هذه البنوك يعاب عنها انها لم تساهم بالقدر الكافي في تمويل الاقتصاد التونسي، صحيح ان هنالك بنوك وطنية اعطت قروضا هامة لفائدة اشخاص معينين دون ضمانات كافية تحت تاثير تدخلات كانت تحصل في الماضي ولكن عندما نطلع على حجم القروض الجملية التي اعطيت للقطاع الخاص نجد ان حجمها يتراوح بين 60 في المائة و70 في المائة في اقصى الحالات من جملة الناتج الوطني الخام الذي هو في حدود 90 مليار دينار وتبلغ هذه النسبة بالمغرب 90 في المائة و بتركيا 100 في المائة وبالبلدان الاوروبية 120 في المائة فهذا التردد الذي لازمه القطاع المصرفي بتونس طيلة 10 سنوات في اسناد القروض يقول المختصون انه قد افقد البلاد على مدى 10 سنوات استثمارات تقدر بحوالي 20 مليار دينار اي بخسارة تقدر ب380 الف موطن شغل.
هذا التردد في تمويل المشاريع الذي لازمه اغلب البنوك ناتج عن مقاربة اتبعتها هذه المؤسسات التي تصر في الاحوال العادية على ضمانات تصل الى 177 في المائة من حجم القرض ولكنها تبدو سخية مع اطراف اخرى اقرضتها دون ضمانات كافية.
ثانيا
انعدام وجود مزاحمة حقيقية فبقيت اغلب البنوك تقدم نفس المنتوج بنفس السعر تقريبا وهو ما منع البنوك الجديدة من تحسين وضعيتها المالية بل ان اغلب البنوك التونسية لا يتجاوز اليوم ربحها 10 في المائة من اموالها الذاتية وذلك نتيجة لضيق السوق من جهة ونتيجة الى ان البنوك تخضع الى جباية قدرها 35 في المائة عن الارباح المسجلة شانها في ذلك شان المؤسسات البترولية وقطاع الاتصالات وقد سعت هذه البنوك الى تجاوز هذا الوضع لذلك نجدها تقبل الودائع بفائض قدره 3 في المائة وتقرض الغير بفائض قدره 8 في المائة وذلك بالنسبة لصغار الحرفاء اما بالنسبة لكبار الحرفاء فان الفارق بين الايداع والاقتراض يتجاوز 3 في المائة في حين ان الفارق بفرنسا لا يتجاوز حاليا ال1 في المائة فارتفاع كلفة الاقتراض لا تشجع المواطن او المستثمر على اللجوء الى الاقتراض من المؤسسات البنكية ويمكن تفسير التماثل الكبير بين المؤسسات المصرفية في نسبة الفائض عند الايداع وعند الاقتراض بهيمنة البنك المركزي الذي اصبح يفرض رقابة شديدة على البنوك ولا يسمح لها بالمرة ان تكون حرة في تحديد الفائض.
ثالثا
لئن عيب على المؤسسات البنكية الصعوبات التي تفرضها عند الاقراض بالنسبة للمستثمر العادي فانها اسندت قروضا هامة لبعض الاشخاص النافذين وهذه القروض لم يقع استخلاص جانب كبير منها فقد بلغ حجم القروض الغير مستخلصة سنة 2006 – 19,3 في المائة بينما انخفضت هذه النسبة الى حدود 15,7 في المائة ولكن خبراء صندوق النقد الدولي يشككون في هذه النسبة ويؤكدون انها تتجاوز العشرين في المائة من حجم القروض وبلغة الارقام فان حجم القروض التي اسندتها البنوك التونسية خلال العشر سنوات الماضية يصل حوالي 50 مليار دينار في حين ان حجم القروض الغير مستخلصة يتراوح بين 7 مليار دينار كقيمة رسمية و10 مليار دينار كقيمة حددها صندوق النقد الدولي ويمكن اعتبار القطاع السياحي هو القطاع الذي اضر اكثر من غيره بالبنوك اذ يبلغ حجم القروض الغير مستخلصة في القطاع السياحي حوالي الربع من حجم القروض الغير مستخلصة.
لكن هذا الحجم نجده اقل بكثير في المغرب حيث لا يتجاوز ال7 في المائة اما بتركيا فانه يقدر ب3 في المائة لذلك فان القانون الذي وقعت المصادقة عليه اخيرا والمتعلق بتفليس الشركات سيساعد على توخي اكثر صرامة ازاء المؤسسات المتقاعسة عن تسديد اقساط القروض التي يحل اجلها باعتبار ان اجراءات التفليس ستصبح اكثر سهولة.
رابعا
من بين المشاكل التي ادت الى تفاقم وضع البنوك هو الابتعاد عن قواعد الحوكمة الرشيدة في البنوك الوطنية اذ تم اسناد قروض بدون ضمانات كافية واليوم وبعد ان اعيد رسملة هذه البنوك على المسؤولين عليها عدم الانسياق امام الضغوطات لاسناد قروض لمؤسسات وطنية او حتى صناديق اجتماعية مهما كانت المبررات حتى لا يعود الوضع لما كان عليه من قبل .
خامسا
الى جانب الصعوبات التي عرفتها بعض البنوك فقد بان بالكاشف ان احتياطي البنوك بالنسبة للقروض المسندة لا يتجاوز 58 في المائة في حين ان هذا الاحتياطي يصل بالاردن الى 79 في المائة ويصر خبراء صندوق النقد الدولي على ضرورة الترفيع في راس مال البنوك التونسية وتحسين الاحتياطي خاصة ازاء الوضع الاقتصادي المتعثر وكثرة حجم القروض الغير مستخلصة .
قانون البنوك والمؤسسات المالية الجديد لا يستجيب لمشاكل البنوك الحقيقية :
في ظل هذا الوضع الصعب بادرت الدولة بتقديم مشروع قانون يتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية التي تمارس نشاطها بالبلاد التونسية وذلك بعد ان وقعت المصادقة على القانون الخاص بالبنك المركزي وقد تم التصويت في عجل على هذا المشروع وذلك منذ يوم 12/5/2016 وذلك استجابة لطلبات البنك الدولي الذي يستعد لاسناد تونس قرضا ماليا هاما واشترط جملة من الاصلاحات على المنظومة البنكية في تونس.
لو تعرضنا باختصار شديد الى مميزات القانون المتعلق بالبنك المركزي نلاحظ انه اكد استقلالية البنك المركزي ازاء السلطة التنفيذية ونص على ان اعضاء مجلس الادارة يقع تعيينهم من طرف المحافظ باقتراح من الدولة كما اكد ان البنك المركزي سوف لن يقرض الدولة مستقبلا وذلك تماشيا مع التشريع القديم الذي يعود الى سنة 2006 لذلك فان هذا القانون جاء يعطي للبنك المركزي استقلالية كبرى ازاء الحكومة ومنع اعطاء اي قروض للدولة كما ابقى على هيمنة كبيرة للبنك المركزي على سائر المؤسسات المصرفية.
اما قانون البنوك والمؤسسات المالية الذي وقعت المصادقة عليه فقد احتوى على جملة من التنصيصات التي تنظم القطاع البنكي واهمها ما يلي :
- ضبط الحد الادنى لبعث اي بنك جديد ب50 مليون دينار وبالتالي فان بنك التضامن وسيتي بنك والبنك الفرنسي التونسي وبنك الوفاء مدعوون الى الترفيع في راسمالهم لكن مع ذلك يبقى هذا السقف ضعيف للغاية لا يمكن من بعث بنوك قوية.
- ضرورة الفصل بين خطة رئيس مجلس الادارة ووظيفة المدير العام ولا يمكن للاخير ان يكون عضوا بمجلس الادارة وذلك لاحكام قواعد الحوكمة والرقابة.
- اعطاء دور كبير للبنك المركزي في رقابة البنوك التي سوف لن يكون بامكانها بعث فرع جديد او اعتماد اي منتوج بنكي جديد دون ترخيص مسبق من البنك المركزي اذ ان اي خدمات جديدة يتعين ضبط شروطها بامر حكومي كما ان اي منتج مالي او خدمة مالية او عمولة جديدة تتطلب موافقة البنك المركزي .
- حصر مساهمات البنوك في مؤسسات اخرى بحيث لا يمكن لبنك معين ان يساهم اكثر من 20 في المائة بصفة مباشرة او غير مباشرة في حقوق الاقتراع لاي مؤسسة اخرى.
- لقد جاء مشروع القانون في البداية بحصر نشاط الصيرفة الاسلامية في البنوك الاسلامية ولكن الحوار الذي جري بمجلس نواب الشعب قد آل الى فتح عمليات الصيرفة الاسلامية امام سائر البنوك
- احداث صندوق ضمان الودائع البنكية الذي تساهم فيه البنوك ويكون في شكل مؤسسة عمومية وقد نص المشروع على ان هذا الصندوق يتولى في حدود سقف معين التعويض لكل مودع في حالة افلاس البنك.
لقد احدث بعث هذا الصندوق بلبلة كبرى لدى الراي العام الذي كان يعتقد عن خطا ان الدولة تضمن في البنوك وتقوم بالتعويض للمودعين عند افلاس البنوك وهو امر لم يكن مضمن باي نص قانوني ، وهو ما ادى اخر المطاف الى التنصيص على ان الصندوق يضمن عند افلاس البنك خلاص صغار المودعين في حدود 60 الف دينار بدون اي تنقيص اما ما زاد على ذلك فانه يقع ضبطه عند توقيف حسابات البنك الذي يقع تفليسه.
المهم ان التنصيص بهذا القانون على هذا الصندوق قد ادخل الحيرة لدى الراي العام الذي كان اكثر ثقة في المؤسسة البنكية ولو ان الدولة لم تكن تضمن فعليا في البنوك، وهو تنصيص جاء بتوصيات من البنك الدولي لتخفيف العبء عن الدولة شانه في ذلك شان التخلي عن السر البنكي لفائدة ادارة الضرائب والذي وقع اقراره في سنة 2014 .
في الخلاصة لم يات المشروع بما كان ينتظر منه من حوافز لدفع البنوك التونسية نحو الاندماج كما ان الرقابة اللصيقة التي فرضها المشروع على الانشطة البنكية من طرف البنك المركزي ستجعل المنافسة بين البنوك غير قائمة لانها ستبقى غير حرة في بعث منتوج جديد ولا في الترفيع او التخفيض في الفائض عند الايداع او عند الاقتراض كما انه لا وجود لحوافز صريحة لتقوية الاحتياطات النقدية للبنوك وهي احتياطات تتراوح اليوم بين 600 و 800 مليون دينار بالنسبة لكل بنك وتبدو هذه الوضعية عاجزة عن الوصول الى ارساء بنوك قوية.
كما ان هذا القانون لم يرسي مهنا جديدة كما هو الشان في اوروبا بالنسبة للصيرفي او وسطاء اخرين حتى يقع استيعاب الشباب الجامعي العاطل.
ان البنوك التونسية مدعوة الى ان ترتقي الى مواصفات اتفاقية بال 2 التي اكدت على جملة من الاجراءات ومن بينها ان الاموال الذاتية للبنوك يجب ان لا تقل عن 8 في المائة من المبلغ الجملي للقروض المسندة ولكن يبدو ان وضعية البنوك التونسية ما زالت بعيدة على ان ترتقي الى هذه المواصفات.
ان القانون الذي وقعت المصادقة عليه يوم 12 ماي 2016 من طرف مجلس النواب يشكو من عديد النقائص وهو ما يفرض متابعة هذا الموضوع لادخال تعديلات لاحقة عليه حتى يساهم في تحسين وضعية المؤسسات المصرفية التونسية .
الاستاذ عادل كعنيش
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
- اكتب تعليق
- تعليق
أصداء المؤسسات