أخبار - 2016.05.09

وزير داخلية نسيج وحده

وزير الداخلية

تختلف شخصية الهادي  المجدوب اختلافا واضحا عن صورة جل الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة  الداخلية في الماضي البعيد وحتى القريب. طينَتُه غير طينَتِهِمْ.  فعبثا إذًا أن يحاول الباحث في شخصية الرجل أن يجد ما يوحي بأنها من ذلك "الوزن الثقـيل" كما يقال، وأنه قد أًعْطِيَ سطوةَ  ذوي النفوذ، ووُهِب حسن الكلام، وأن  في وجهه انقباضا، وفي خطوه رنينا، وفي هيْئَتِه بعض جبروت صحيحا أو مُفْتَعَلا كجبروت المُحارب القائد، وأن دأْبهُ أن يظْهَر للناس في صورة  الوزير المُلِمِّ بكل فُنُون الأمن، العليم بكل شيء (حتى بأحوالك أنت)، المـلم بكل شيء. الواقع أن الصورة التي يتقمصها الهادي المجدوب ـ 46 سنة، متخصص في القانون وخريج المدرسة الوطنية للإدارة ـ غير ذلك تماما؛ هي أقرب إلى صورة  قائد فريق يعمل في مجموعة ذات بعد  دولي، واضعا نصب أعينه جُملةً من الأهداف والاستراتيجيات والوسائل والنتائج والتقديرات، وعلى دراية تامة بالمشهد، وبالأطراف الفاعلة، وبما قد يطرأ من مخاطر ويُتاحُ من فُرص.

تسلّم الهادي المجدوب مقاليد القيادة  في جانفي الماضي بمباركة من مرشده من زمان، الحبيب الصيد... أمر لم يخطر له على بال ولم يكن يتوقع أن يصبح  في يوم من الأيام هو من يُعْهَد اليه بمهمة الإشراف على وزارة الداخلية بطُمِّ طميمـها، بعد أن تغيرت هندستها، وأصبحت مكرسة صلاحياتها لشؤون الأمن دون سواها. كان قبلئذ يشغل منصب كاتب دولة في وزارة الداخلية، مركزا اهتمامه على مسائل ذات صلة باللامركزية في ظل الصلاحيات الجديدة التي خولها الدستور للبلديات والولايات والجهات، ومجلة الجماعات المحلية، والقانون الانتخابي في إطار الانتخابات البلدية القادمة. وكان في حسبانه أن يبقى منشغلا بكل هذه المسائل دون غيرها. لكن رئيس الحكومة ارتأى شيئا آخر.

نشأت بين الهادي المجدوب والحبيب الصيد علاقات شخصية تعود إلى فترة طويلة خَلَتْ، خَبِرَ خلالها كلُّ واحد منهما الآخر . فما إن تخرج المجدوب من المدرسة الوطنية للإدارة في سنة 1997، حتى التحق بوزارة الداخلية، حيث تداولَ على الإدارات الكبرى مثل التفقدية وإدارة التقديرات والتحاليل، قبل أن يلتحق بديوان الوزير حينما كان الحبيب الصيد على رأسه. ثم شاءت الظروف أن يلتقيا مجدَّدا غداة الثورة. ولما عُيِّنَ  الصيد على رأس وزارة الداخلية من قِبَل الباجي قائد السبسي في مارس 2011, دعا صديقه الهادي المجدوب إلى الانضمام إليه وأوكل إليه رئاسة ديوانه. وأٍبْقِيَ عليه في هذا المنصب بعد تعيين علي العريض و بعده لطفي بن جدو على رأس الوزارة، وذلك تقديرا لحنكته وتجربته الواسعة. وبادر الصيد غداة تشكيل حكومته في فيفري 2015, إلى تعيينه في منصب كاتب دولة، ثم في منصب وزير للداخلية  في جانفي 2016.

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.