" وثائق بانما" أو عولمة الفضائح
بعد تسريبات "ويكيليكس" في أواخر سنة 2010، أصبح ما يسمّى بـ"وثائق بانما" (The Panama Papers) محطّ أنظار العالم بأسره ، منذ أن نُشر يوم الأحد تحقيق صحفي ضخم شاركت فيه أكثر من مائة صحيفة حول العالم استنادا إلى 11,5 ملايين وثيقة مسربة حصلت عليها.
140 زعيما سياسيّا من حول العالم هربوا أموالا إلى ملاذات ضريبية
تفيد الوثائق أنّ 140 زعيما سياسيا من حول العالم بينهم 12 رئيس حكومة حاليا أو سابقا، هّربوا أموالا من بلدانهم إلى ملاذات ضريبية. وأوضح "الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين" ومقره واشنطن على موقعه الالكتروني أنّ الوثائق تحتوي على بيانات تتعلق بعمليات مالية لاكثر من 214 الف شركة أوفشور (غير مقيمة) في أكثر من 200 دولة ومنطقة حول العالم.
وتم تسريب هذه الوثائق جميعها من مكتب المحاماة البانمي "موساك فونسيكا" الذي يعمل في مجال الخدمات القانونية منذ 40 عاما والذي لم يواجه طيلة هذه العقود الأربعة أيّ مشكلة مع القضاء.واضاف الاتحاد أنّ هذه الوثائق حصلت عليها أوّلا صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية قبل أن يتولى هو توزيعها على 370 صحافيا من أكثر من 70 بلدا من أجل التحقيق فيها في عمل مضن استمر حوالى عام كامل. ولم يوضح الاتحاد كيف تم تهريب هذه الوثائق.
ومن بين الشخصيات التي ورد ذكرها في التحقيق الدائرة المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولاعبا كرة القدم ميشال بلاتيني وليونيل ميسي، إضافة إلى شركات مرتبطة بأفراد من عائلة الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي يرفع لواء مكافحة الفساد في بلاده، والرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو.
وأطلق على الوثائق المسربة أسم "أوراق بنما" نسبة إلى شركة المحاماة البانمية التي تم تسريبها منها.
وأعلنت الحكومة البانمية أنّها "ستتعاون بشكل وثيق" مع القضاء اذا ما تم فتح تحقيق قضائي استنادا إلى الوثائق المسربة. وندد مكتب المحاماة بعملية التسريب التي طالته، معتبرا إياها "جريمة" و"هجوما" يستهدف بانما.
وأضاف أنّ عملية التسريب هي أيضا "هجوم على بانما لأنّ بعض الدول لا تروق لها مقدرتنا التنافسية العالية على جذب الشركات".
وبحسب التحقيق فإنه في ما يتعلق بالرئيس الروسي فإنّ الاشخاص المرتبطين به هربوا أموالا تزيد عن ملياري دولار بمساعدة من مصارف وشركات وهمية.
وكتب الاتحاد على موقعه الالكتروني أنّ "شركاء لبوتين زورا مدفوعات وغيروا تواريخ وثائق وحصلوا على نفوذ لدى وسائل اعلام وشركات صناعة سيارات في روسيا".
وبحسب الاتحاد فان "الوثائق تظهر أنّ البنوك ومكاتب المحاماة وأطراف أخرى تعمل في الملاذات الضريبية غالبا ما تنسى واجبها القانوني بالتحقق من أنّ عملاءها ليسوا متورطين في اعمال اجرامية".
أسماء من عالم الرياضة
ولا تنحصر الاسماء الواردة في التسريبات بعالم السياسة بل تتخطاه إلى عالم الرياضة وتحديدا الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" الذي لم يستفق بعد من الفضائح المتتالية التي هزت أعلى هرمه في الاشهر الاخيرة.
وفي هذا الاطار فان أربعة من الاعضاء الـ 16 في الهيئة التنفيذية للفيفا استخدموا، بحسب الوثائق المسربة، شركات أوفشور أسسها مكتب موساك فونسيكا.
ووردت في هذه الوثائق أيضا اسماء حوالى 20 لاعب كرة قدم من الصف الأول بينهم خصوصا لاعبون في فرق برشلونة وريال مدريد ومانشستر يونايتد، وفي مقدم هؤلاء ليونيل ميسي.
ومن نجوم عالم الكرة الواردة اسماؤهم في الوثائق برز ايضا اسم ميشال بلاتيني الذي استعان بخدمات مكتب المحاماة في 2007 ، العام الذي تولى فيه رئاسة الاتحاد الاوروبي لكرة القدم, لتأسيس شركة في بانما.
ولا تنحصر اسماء الرياضيين الواردة في الوثائق على عالم كرة القدم بل تتعداه الى رياضات اخرى مثل الهوكي والغولف, بحسب الاتحاد.
وتشمل الوثائق معاملات جرت على مدى اكثر من اربعة عقود (1977-2005) لشركات تولى تسجيلها مكتب المحاماة البانمي, ومن بينها معاملات أجراها يان دونالد كاميرون والد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والذي توفي في 2010 أخرى أجراها موظفون مقربون من الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز.
تحقيقات في شتى أنحاء العالم
وقد فتحت السلطات في شتى أنحاء العالم تحقيقات بشأن أنشطة الأثرياء وأصحاب النفوذ بعد نشر "وثائق بانما".وبدأت دول مثل فرنسا وأستراليا ونيوزيلندا والنمسا والسويد وهولندا تحقيقات بينما قالت بعض الدول الأخرى مثل الولايات المتحدة إنها تبحث في الأمر.
وفي تونس أذن يوم الثلاثاء وزير العدل لوكيل الجمهورية لدى محكمة الاستئناف بتونس بمتابعة هذا الموضوع وبإجراء التحقيقات اللازمة عند الاقتضاء
- اكتب تعليق
- تعليق