أقولها ... وأمضي

هنالك سؤال لا مندوحة إطلاقا عن طرحه، أو قُلْ هي أسئلة عديدة تشغل بال التونسيات والتونسيين في العمق، يطرحونها باستمرار منذ أن اعتلى حزب حركة النهضة سدة الحكم في البلد، إثر انتخابات أكتوبر 2011 التأسيسية. ويشدد خصوم النهضة كلما ضرب الإرهاب في البلد على أن  هذا الحزب الإخواني لم يكف طيلة الفترات التي تلت الثورة عن مهادنة بعض الحركات الدينية السلفية المتشددة كتنظيم أنصار الشريعة، وأخذها باللين حينا والتودد حينا آخر : هل أقلعت النهضة بالفعل عن رفع شعارات تقع في صميم نصوصها التأسيسية وفي جوهر الأدبيات العامة لمنظري جماعة الإخوان من قبيل " وحدة- وحدة إسلامية" و"الإسلام نظام شامل للحياة" و"الإسلام دين ودولة" و"الإسلام هو الحل" و"الخلافة السادسة في البال" و"لا فصل بين الدين والسياسة"... رغم أن بعض قياديي حركة النهضة يعتبرون أن بعض هذه الشعارات لا تعبر عن قضايا مطروحة داخل الحركة، ولا يُرجَّح أن تطرح في مؤتمرها القادم.

هل أن النهضة مقرة العزم بحق، كما يقول رئيسها الشيخ راشد الغنوشي، على العمل تحت سقف دستور البلاد، وأنها متعلقة بقوة بالهوية التونسية بكل مواصفاتها وخصوصياتها، وتؤمن بعلوية القانون والدولة، وليست بالحزب الديني؟ هذا هو خطاب بعض القياديين البارزين في الحركة منذ انتخابات أكتوبر 2014 التي فاز فيها حزب نداء تونس وتلاه حزب حركة النهضة، لكنه يبقى مجرد خطاب يأتي على لسان بعض القيادات النهضوية لدواعي عديدة منها ما هو معلن، ومنها ما لا يخرج للعلن ...

" وما لم تبادر هذه الحركة الساعية بقوة إلى لعب الأدوار الأولى في البلد، وإلى أن يكون لها فيه النصيب المهم والأوفر في قيادته وتسيير شؤونه، إلى الإعلان بصورة رسمية وعلى الإشهاد وفي غير لف ودوران عن عزم أكيد عن تبنيها خيار الفصل الصريح بين الدين والسياسة، وتبني المنهج الذي تعلو فيه قيم المواطنة والحداثة، ويحل فيه المجتمع العصري الحديث الواقع داخل التاريخ، والقادر على مجاراة التطور في فاتحة الألفية الثالثة، والقائم على المواطنة والتساوي بين الأفراد دون تمييز أو تفرقة،  وعلى حرية الرأي والمعتقد،  مَحَلَّ المجتمع القروسطي القديم المتشبث بقيم وتقاليد وسلوكيات بالية، فإن خطابها يبقى مجرد كلام تذروه الرياح قبل أن تنطق به الألسن. "

يوسف قدية