مخرجات وتوصيات منتدى المستقبل
شدّد منتدى المستقبل على ضرورة التوصل إلى وفاق واسع النطاق حول الخيارات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى لدعم المسار الديمقراطي في تونس وإرساء مسار جديد للتنمية الشاملة قادر على الترفيع من نسبة النمو واستحثاث نسق نمو الإنتاجية.
وأفضت أشغال المنتدى التي انعقدت مؤخرا بتونس ببادرة من الجمعية التونسية للاقتصاديين وجمعت ممثلين عن أبرز الفاعلين والباحثين، إلى اتفاق حول جملة من الخيارات الأساسية تخص العدالة الاجتماعية والإدماجية ودور القطاع الخاص والتنمية الجهوية وإصلاح مؤسسات الدولة والعلاقات الشغلية. وجاء ذلك في إعلان أصدره المنتدى وقدمه كما يلي كل من السيدين مصطفى كمال النابلي ومحمد الهدار:
- ضرورة التوصّل إلى وفاق واسع النطاق حول الخيارات الاقتصاديّة والاجتماعية الكبرى،باعتباره دعامة بل شرطا لا حياد عنه لمواصلة المسار على درب الانتقال الديمقراطي. وتكون هذه الخيارات محل وفاق من طرف كل الفاعلين السياسيين والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين والمجتمع المدني وترسم الخطوط العريضة لمعالم طريق الإصلاح والإقلاع الاقتصادي والرقي الاجتماعي.ويبقى المجال كاملا للتنافس السياسي بين الأحزاب في إطار هذه الخيارات المتفق عليها.
- إرساء مسار جديد للتنمية الشاملة للترفيع في نسب النمو الحالية إلى مستويات أعلى ويتطلب ذلك الأخذ بعين الاعتبار التحوّلات الديمغرافيّة التي تحتم الرفع في نسبة مشاركة المرأة في سوق الشغل من 28 %حاليا إلى 40% أو أكثر في حدود 2040.
- الرفع في نسق نمو الإنتاجية مما يستوجب زيادة هامة في حجم الاستثمار الوطني وإصلاحات عميقة على مستوى المؤسسات العمومية والخاصة من جهة، وتحسين أداء المجتمع ومؤسساته في الاستخدام الأمثل للقدرات والإمكانات المتاحة بالبلاد من جهة أخرى. وفي غياب ذلك فستبقى نسبة النمو الجملي ضعيفة ولن تتعدى في أحسن الأحوال % 3,0-2,5.
وقد أفضت النقاشات إلى حصول اتفاق حول الخيارات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التالية:
في خصوص العدالة الاجتماعية والإدماجية
1. اعتبار تدعيم المقاربات الإدماجية كأولوية أساسية فيما يخص التشغيل اللائق ولا سيما تلك الموجهة للمرأة والشباب والجهات لتحقيق الأهداف المتعلقة بنجاح المسار الديمقراطي وتحقيق الاستقرار السياسي والارتقاء بنسب النمو.
2. اعتماد مقاربة جديدة للقضاء على الفقر ورفع الأمية في مدة زمنية معقولة عبر إعادة هيكلة وتجميع مختلف البرامج الاجتماعيّة التي تعوزها النجاعة للوصول إلى الفئات المستهدفة (نفقات الدعم وبرامج المساعدات الاجتماعية وبرامج التنمية الجهويّة). ويعتمد هذا الإصلاح على مقاربة تحويليّة للحماية الاجتماعيّة هدفها التمكين الاقتصادي والخروج من الفقر للعائلات المنتفعة ببرامج المساعدات الاجتماعيّة مع التصدّي في ذات الوقت لعدد من الظواهر الاجتماعية كالانقطاع المدرسي وعمل الأطفال والتشغيل غير المنظم.
3. اعتبار دعم الموارد البشريّة واعتماد هدف تكافؤ الفرص في النفاذ إلى خدمات المرافق الصحية والتعليم والتكوين والرفع من مستواها وجودتها كأساس عند بلورة السياسات في هذه القطاعات.
4. إعادة توزيع الضغط الجبائي بين الفاعلين الاقتصاديين لتكريس مبادئ العدالة الاجتماعية والإنصاف باعتبار بلوغ الضغط الجبائي مستويات مرتفعة نسبيا مع مواكبة ذلك بإعادة هيكلة الإدارة الجبائية وإضفاء الفعالية والنجاعة المطلوبتين على تدخلاتها.
في خصوص دور القطاع الخاص
5. حتميّة تطوير دور القطاع الخاص من أجل دفع النمو الاقتصادي الجملي بمضاعفة نسبة الاستثمار الخاص من الناتج الداخلي الخام إلى أكثر من 25 % وذلك عبر مزيد حفز المبادرة الخاصة وتسهيل الأعمال ورفع العوائق العديدة وتوسيع مجالات تدخله فضلا عن تنويع وإحكام مصادر التمويل.
6. تطوير القطاع الخاص فيما يخص حجم المؤسسات وطرق تسييرها وتعاملها مع مختلف الأطراف لجعله أكثر تنافسية وديناميكية، بما يعزز الابتكار ويساهم في خلق الثروة ويوفر مواطن الشغل اللائقة في كنف احترام القوانين الاجتماعية والواجبات الجبائية.
في خصوص التنمية الجهوية
7. بعث أقطاب حضرية مندمجة قادرة على استقطاب الاستثمار والكفاءات وتوفير كل المرافق اللازمة في جميع المجالات في نطاق سياسة متكاملة وجديّة للتهيئة الترابية انسجاما مع مقتضيات الباب السابع للدستور.
8. إرساء مقاربة مشتركة بين الدولة والقطاع الخاص والشركاء الاجتماعيين للتوصل إلى تحقيق التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعيّة في مناطق التمييز الايجابي بوضع صيغ وآليات للتدخل لدفع نسق بعث المؤسسات ذات القدرة التشغيليّة العالية بالعلاقة مع الوضعية الاجتماعية المتأزمة بهذه الجهات.
في خصوص إصلاح مؤسسات الدولة
9. إعطاء أولوية كبرى لمراجعة جذريّة لمنظومة الإدارة العموميّة في كنف احترام مبادئ الحوكمة الرشيدة وفي اتجاه تعزيز نجاعة تدخلاتها في خدمة المواطن والمؤسسة مما يستوجب تقليص بل حتى حذف كل ما أمكن من مجال السلطة التقديرية للإدارة.
10. تحديث منظومة الوظيفة العمومية بإضفاء المرونة اللازمة عليها والاعتماد أساسا على الجدارة في تحديد المسار المهني والأجر.
11. إيجاد التوازن المطلوب بين حياد الإدارة والإرادة السياسيّة حتى يتسنى القيام بالإصلاحات الاقتصادية والمؤسساتية مع تأمين فعاليّة منظومة تنفيذ وتقييم السياسات العموميّة.
في خصوص العلاقات الشغلية
12. تأسيس إطار للحوار المباشر والمصالحة بين الأطراف الاجتماعيّة يتكفل بإدارة العلاقات الشغليّة لتحقيق السلم الاجتماعية ووضع الآليات الكفيلة بتحقيق ذلك.
ويوصي المشاركون بضرورة تبني الحوار الاقتصادي والاجتماعي وتركيزه من طرف كل الفاعلين السياسيين والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين والمجتمع المدني لمواصلة بلورة الخيارات الاقتصاديّة والاجتماعية الكبرى في هذه المرحلة الدقيقة. وتعبّر الجمعيّة التونسية للاقتصاديين عن استعدادها للمشاركة في أي مبادرة تندرج في هذه الأطر.
- اكتب تعليق
- تعليق