تونس / تنمية: وعد من صندوق النَّقْد الدُّولي بالمساعدة ودعوة لمراجعة منوال التنمية
تجري من منذ مدّة مفاوضات بين تونس وصندوق النقد الدُّولي تتمحور حول برنامج مساعدة جديد بقيمة 1,5 مليار أورو يمكن أن يدخل حيِّز التنفيذ بدءا من 22 أفريل القادم إذا ما التزم الطرفُ التونسي بإعادة النظر في منوال التنمية وأخذ بعض الأولويات الكبرى بعين الاعتبار ضمن مخطط التنمية 2016 - 2020، كتنمية الجهات غير المحظوظة وصرف قدر أوفر من الرعاية لفئات السكان المحرومة والمهمشة.
ويعتبر صندوق النقد الدولي الذي تديره الفرنسية كريستين لاغارد أن للبلاد التونسية من الطاقات والإمكانيات والمقدُرات ما به تقوى على تغيير وضعها الاقتصادي الحالي المتأزم والخروج من عنق الزجاجة بعد انهيار السياحة بسبب تدهور الوضع الأمني، وسوء الأحوال الاقتصادية في منطقة الأورو التي تصنف تونس بين شركائها المميزين، وهو ما يؤهلها للتمتع بفرص جديدة للإستفادة من التعاون في شتى المجالات مع الاتحاد الاوروبي. لكن هذه الجوانب التي لا تخلو من إيجابية نسبية لا يمكن أن تحجب بعض السلبيات التي لم يتخلف الممثل الجديد للصندوق السيد روبار بلوتوفوجاز في الإشارة إليها، وتتمثل خاصة في الضغط المرتفع الذي تسلطه الوظيفة العمومية على مالية الدولة، وهو ضغط ظل في تزايد مستمر منذ سنة 2011، فيما تراجعت الاستثمارات. وقد حصل كل ذلك في ظرفية في منتهى الدقة والصعوبة. وفي ضوء كل ذلك، طلبت مؤسسة كريستين لاغارد من الحكومة التونسية أن تبادر إلى إعادة النظر في بعض برامجها وطرق عملها.
كل هذه العوامل مجتمعة حالت دون بلوغ التنمية في تونس معدلات ذات بال، فلم تتجاوز نسبة نموّالناتج الداخلي الخام في سنة 2015 0,8 بالمائة بحسب تقديرات المعهد الوطني للإحصاء، وهي نسبة تنضح زيتا، أو قل أنّها تفوح برائحة زيت الزيتون حيث فاقت الصادرات من هذه المادة خلال السنة الماضية التوقعات، وكانت عاملا أساسيا في بلوغ الناتج الخام هذا المستوى. فَلَو طرحنا الانتاج الفلاحي ( زيت الزيتون بالخصوص) وإنتاج الصيد البحري ولم نُدْخِلْه في حساب الناتج الداخلي الخام، فإنّنا نكون إزاء نسبة نمو سلبية مقدارها في حساب المحللين والخبراء الاقتصاديين 0,5 - ٪ ( إلا 0,5 بالمائة ). وهو ما يعني أن تونس لم تتجاوز بعْدُ مرحلة الانكماش الاقتصادي (récession) وأن النموذج التنموي التونسي في صيغته الحالية قاصر تماما عن أخذ اقتصاد البلد إلى حال من الانتعاش والعنفوان.
ومهما يكن من أمر، فإن تحقيق نسبة نمو بمقدار 0,8 ٪ في سنة 2015 ( مقارنةً بسنة 2014 ) يعتبر إيجابيا في الجملة، طالما أنّه يوحي بأن شبح تقلص النمو تماما أو استقراره عند حَدًّ الصفر أو عند حدِّ ما دون الصفر قد اختفى، وهو ما نستشفه بوضوح من خلال ارتفاع نوايا الاستثمار وانجاز المشاريع المصرح بها رسميا منذ بداية السنة الجارية، وتقدر نسبة الارتفاع بـ 37,5 ٪ + مقارنة بمستواها في مطلع السنة الماضية.
يوسف قدية
- اكتب تعليق
- تعليق