أخبار - 2016.01.04

الحبيب الصيد: أًوْلوِياتي خلال سنة 2016

الحبيب الصيد: أًوْلوِياتي خلال سنة 2016

مقامُهُ في قصر الحكومة بالقصبة يحُولُ عليه الحَوْلُ بعد أسابيع قليلة؛ في 6 فيفري 2016، على وجه التحديد. هو »الناجي« أو، بلغة الإنجليز «The Survivor»، لا أحد كان يتوقَّع أن يرى في يوم ما الحبيب الصيد على رأس أوّل حكومة للجمهورية، بل وباقيا في المنصب لكلّ هذه المدّة، ماسكا بمقاليد الٲمور بكلّ ثبات وثقة في النفس، وسط الأنواء. وحصل ما حصل: اعتداءات دمويّة متتالية هنا وهناك؛ اقتصاد منهار، وضع مالي متدهور ومناخ اجتماعي مهتز. لكنه ظل محافظا على هدوئه وبرودة أعصابه، صامدا، متعاليا على صخب الفرقاء وتدافعات الٲحزاب والمتحزبين. دأْبُهُ الوحيد مواجهة الموج المتلاعب بالبلد، من موقعه على رأس ائتلاف حكومي، لا يلوي على شيء. «ينما تهب العاصفة الهوجاء، علينا أن نبحث عن الطريقة الأنسب للاحتماء منها...»، قول كان يردده على مسامعنا حينما التقيناه، ثم يضيف:» علينا أن نكون منطقيين وصادقين مع أنفسنا، وأن ننصرف إلى الأهم قبل المهم... « لا تفصلنا عن ساعة  كشف الحساب وتقييم ما أنجز بعد مرور سنة على بداية العمل الحكومي سوى أسابيع قليلة.

كيف ستتقبلون السنة الجديدة ؟ ما هي أولويّاتكم؟

الأمور الأمنية طبعا، والاقتصادية في المقام الأوّل، وكذلك الماليّة العموميّة، إلى جانب المسائل الاجتماعية... في كلّ هذه المشاغل الكبرى التي ترتبط بها بقيّة المشاغل، هنالك ما لا يمكن ضبطه على وجه الدقة، وهنالك ما ينبغي أن يقع تحت السيطرة. الدخول في مرحلة جديدة وبروز مقتضيات ضاغطة وعاجلة يستدعي بالضرورة الإتيان بكراس شروط جديد ومراجعة للهيكلة الحكوميّة. فذاك هو الاتجاه الذي سيطبع وفقه سعينا إلى إقرار هيكلة جديدة وتركيز فريق حكومي بعنفوان متجدّد.

وماذا عن التمشي الذي ستعتمدونه؟

الصعوبات ستكون كثيرة وكَأداء خلال السنة الجديدة. وستظل المخاطر الأمنية قائمة على الرغم من كلّ الاحتياطات التي اتخذناها والوسائل التي وفّرناها. وقد تأثر الاقتصاد بشكل بالغ بهذه المخاطر التي حفَّت بكل المجالات والقطاعات دون استثناء كالسياحة والصناعات التقليدية والنشاطات الأخرى المقترنة بها والاستثمار المحلي والداخلي واستحداث المنشآت ومواطن الشغل والنمو... مع كل ما يترتب عن ذلك من نتائج وتبعات على مستوى ميزانية الدولة والتوازنات الماليّة. وطبيعي أن نسلك في كلّ ذلك مسلكا ملائما يقوم على قاعدة الاستباق وتحسّس الأمور قبل حدوثها ودون انتظار، والبقاء دوما في حالة استعداد.

وماذا عن أجندة العمل؟

سيكون شهر جانفي شهر الاستعدادات الكبرى لمواجهة متطلبات بقية العام. تقع عليَّ مهمة مزدوجة تتمثل في الإشراف على أول انتخابات بلديّة بعد الثورة، وتركيز المؤسسات الدستورية الجديدة وتفعيلها، وهي مهمّات مستجدة لم تكن محمولة على الحكومات المتتالية منذ الثورة؛ إضافة إلى إنجاز قانون الاستثمار الجديد والقانون المتعلق بالشراكة بين القطاعين الخاص والعام وغيره من النصوص التشريعيّة الصادرة عن مجلس نوّاب الشعب، إلى جانب الانطلاق في تنفيذ مخطّط التنمية والمضيّ قدما في مختلف الإصلاحات الهيكلية الكبرى. ستكون سنة 2016 بحق سنة التحديات الكبرى، ونحن عاقدون العزم على رفعها بنجاح .

وماذا عن الانتخابات البلديّة وعن طريقة تنظيمها؟

هي انتخابات غير مسبوقة من حيث السياقات الجديدة التي ستجري فيها، ومن حيث الأشكال التي ستتخذها. وبهذا الاعتبار ستكون ذات شأن وأي شأن. الانتخابات البلدية هي السبيل إلى تجذير الديمقراطية المحلية وترسيخ الحوكمة على المستوى الجهوي وإقرار اللامركزية واللامحوريّة. وبهذا المعنى ستكون في منتهى الأهمية. وقد تعهدت بإجرائها في موفى شهر أكتوبر وبداية شهر نوفمبر القادمين وسأكون حريصا على تهيئة المناخ الملائم والظروف المناسبة حتى تجري بشكل جيد. وفي هذا النطاق، سينصرف السعي إلى اتخاذ جملة من الإجراءات العاجلة كسنِّ القانون الأساسي الجديد  للانتخابات البلدية والمصادقة على المجلة الانتخابية وإصدار جملة النصوص القانونية ذات الصلة، مع الحرص على الانتهاء من النظر في كلّ هذه النصوص ومناقشتها والمصادقة عليها وتفعيلها قبل موفى شهر أفريل القادم، دون إهمال الجانب  اللوجستي. فنحن إزاء ورشة عمل ضخمة تتواصل على قدم وساق بشكل جيد منذ بداية السنة الماضية. وفي اعتقادي الشخصي، وفي اعتقاد التونسيين جميعا، تشكل هذه الانتخابات البلدية هدفا أساسيا، وإني لعلى يقين بأن تونس ستكسب رهان هذه الانتخابات وسيتكلل سعيها بنجاح باهر جديد يذكر فيحسب ويقتدى به.

هل سيتم تفعيل هذه الهيئات الدستورية؟

ستُفَعَّلُ كلها وبشكل كامل. من مزايا الدستور الجديد أنه نص على إنشاء مؤسسات جديدة. وسيكون ترسيخ الديمقراطية مرتبطا إلى حدّ كبير بإيجاد هذه المؤسّسات ودخولها طور العمل بأسرع وقت ممكن. وعدم تدخل الحكومة في تركيبها لا يحول دون قيامها بواجب توفير ما تحتاجه من معدات لوجستية ضرورية ووسائل العمل والميزانية. وينبغي ٲن تنطلق هذه المؤسّسات الدستورية الجديدة في ٲعمالها خلال سنة 2016، فذاك أمر مهم جداً بالنسبة إلى الديمقراطية، وأساسي بالنسبة إلى تونس الجديدة.

وفي ما يتعلق بالأعمال والمسؤوليات الأخرى المحمولة على الحكومة، أيها سيقع القيام بها بداية؟

التمديد إلى غاية منتصف شهر جانفي في تفعيل الميزانيات المصادق عليها بعنوان السنة الماضية دون أن يتمّ استهلاكها بالكامل والشروع مباشرة في تفعيل ميزانيات 2016. وتوجد اعتمادات متبقية بعنوان ميزانيات 2015 سنستعملها لا محالة، لأن برامجنا الاستثمارية لا تسمح بالتفريط في أي مورد مالي مهما قَلَّت قيمته. أما بالنسبة إلى الٲعمال التي سنبادر إلى القيام بها في إطار تنفيذ ميزانيات سنة 2016، فلن يقتصر الأمر على الإذن بفتح اعتمادات الميزانيات بدءا من يوم 4 جانفي دون انتظار مرور أسابيع كما جرت العادة سابقا، بل سنأذن بفتحها إلى حدِّ 80 % بحيث يمكن لكلّ وزارة أن تبدأ عملها حالا وأن تتحصل على أوفر نصيب من الاعتمادات دون اضطرار إلى الانتظار مدّة أشهر قبل إطلاق برامجها بالكامل وتمويلها، فيكون بوسعها تسريع نسق إنجاز رصيدها من المشاريع المصادق عليها.

وماذا عن الانتدابات في الوظيفة العمومية؟ وآجال الانتداب الطويلة، وإلاجراءات المعقدة؟

على هذا المستوى، نحرص كذلك على تحسين الأداء والذهاب في ذلك إلى أبعد حد، سعيا وراء اختصار الآجال وتأمين نجاعة العمل. كلّ الانتدابات التي صودق عليها في نطاق ميزانيّة الدولة يمكن أن يشرع في إنجازها بدءا من شهر جانفي الحالي. وبوسع كلّ وزارة المبادرة إلى إطلاقها حالا دون حاجة إلى الرجوع الى مصالح رئاسة الحكومة للحصول على التراخيص اللازمة. وبما ٲنّ هذه الانتدابات اعتبرت ضرورية وعاجلة لتعزيز سلك الموظفين، فلا مانع إطلاقا في إنجازها دون انتظار في إطار من الشفافية واحترام الإجراءات القانونيّة الجاري بها العمل. وعلى كلّ وزير أن يمارس مسؤولياته وينصرف إلى عمله. وما دام مجلس نواب الشعب قد صادق، فإن ذلك يعني أن الضوء الأخضر قد أرسل وأن موافقتي حاصلة.

كيف ترون سنة  2016؟

هي سنة تثبيت الأسس وتقوية البناء، وهذا ينطبق على سنة 2017 كذلك. سنة 2016 ستمهد لنا السبيل إلى الإقلاع صوب سنة 2018. علينا أن نخرج سريعا من الحالة التي نحن فيها، وأن يبلغ نسق العمل مداه في سنة 2018.

ٲلتزم ...

التزم بـ:

  • دعم الأجهزة الأمنيّة ودفع الاقتصاد وتأمين توازن المالية العموميّة
  • إطلاق مخطط التنمية وتطبيق مجلّة الاستثمار وقانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وكافة القوانين الأخرى التي صادق عليها مجلس نوّاب الشعب
  • مواصلة إنجاز الإصلاحات بشكل مكثف
  • إجراء الانتخابات البلدية في ظروف ملائمة وبالوسائل اللوجستية والتجهيزات اللازمة في موفى أكتوبر وبداية نوفمبر القادمين.
  • عدم تبديد الاعتمادات المصادق عليها بعنوان 2015  ولم تستهلك بالكامل حتى لو كان إضافة مقدارها دينارا واحدا.
  • توفير الوسائل اللازمة لتركيز المؤسسات الدستورية الجديدة وتفعيلها.
  • فتح كل الاعتمادات المدرجة في الميزانية بداية من مفتتح جانفي 2016 في حدود 80% .
  • الترخيص للوزارات في إنجاز الانتدابات في الوظيفة العمومية انطلاقا من شهر جانفي دون حاجة إلى الرجوع إلى مصالح الوظيفة العمومية.

معنويات فولاذيّة

أنا متفائل بطبعي... في كل الأحوال ... وما كنت لأقبل المهمة التي حُمِّلْتُها لو لم أكن متفائلا بطبعي. تونس ستنجح، لا يتملكني أي شعور بالإحباط والانكسار ... حتى في الأوقات الصعبة.

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.