في ليدرز" الفرنسيّة لشهر نوفمبر، ملفّ عن وسائل الإعلام في تونس
أنجزت "ليدرز" في نسختها الفرنسيّة لشهر نوفمبر 2015 ملفّا مستفيضا وشاملا خصّصت من أجله كامل صفحتها الأولى لتكتب بالبنط العريض عنوانا عريضا :"كيف ننقذ وسائل الإعلام؟؟" حيث أفردت زهاء 31 صفحة، أشّرتها في مستهلّها بعنوان رئيسي: "المؤسسات الصّحفيّة في خطر : بإسم من تتحدّث وسائل الإعلام؟" إلى قطاعي الصحافة والإتصال في تونس ( ص 40 إلى ص 71 ) وسلّطت في مضمونها الضوء على راهن الصّحافة التونسية وواقع وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئيّة والإلكترونيّة وعن "الإشهار العمومي" وعن "الأجناس الصحفيّة" المعتمدة وعن "الصحافة الحزبيّة" وعديد المواضيع الهامّة ذات العلاقة مستعرضة معلومات قيّمة وتفاصيل مصحوبة بمؤشرات إحصائيّة وتواريخ ومشفوعة بشهادات وآراء أصحاب الشأن وأهل المهنة.
ملفّ يزاوج بين التّقرير والتّحقيق والرّيبورتاج ويراوح بين الأحداث والتطورات والتّواريخ والأرقام والشهادات ويتأرجح بين الموجود والمنشود مستبطنا عواهن الإعلام التّونسي ومتطلباته ومتناولا بالدّرس فسيفسائيّة الظواهر والتّطورات التي سارت إليها الصحافة التّونسيّة في الرّباعيّة الأخيرة التي تلت أحداث الثورة فضلا عن ملامسة إشكاليّات وطوارئ ابتلى بها الإعلام العمومي والخاصّ تدفع كلّ يوم في اتجاه الإقتراب نحو منزلقات في جوانب شتّى، أخطارها محدقة وتأثيراتها لا محالة وخيمة على كلّ الأطراف المتداخلة بلا ميز ودون استثناء.
كما اعتمدت المجلّة الشّهريّة مبدأ "الحينيّة" وسابقت إلى طرق باب الإتّصال الحكومي، وهوالذي يمرّ بفترة حسّاسة ويشكو اختلالا شهد به رئيس الحكومة السيّد الحبيب الصيد نفسه ،وطرحت على رئاسة الحكومة جملة من الإستفسارات المهمّة تفرض نفسها بقوة في مجال الإعلام الرسمي والإتّصال الحكومي أجملتها في خمسة تساؤلات محوريّة تخصّ توضيح جملة من المسائل هي محلّ استفسار الإعلاميين والإتصاليين وكلّ الفاعلين السياسيين والإقتصاديين والإجتماعيين، استفسارات يمكن تلخيص أبرزها في منهجيّة الحكومة في التسيير الإداري والقانوني والتقني لقطاع الإتّصال والآليات والوسائل المعتمد وكذلك إعادة تنظيم أجهزة الدولة لدعم المؤسسات الإعلاميّة وتقديم التسهيلات الجبائيّة وتذليل العقبات في ما يتصل بالإستثمار في القطاع وتعصيره فضلا عن أمور تهمّ الإعلام العمومي في علاقته بالإعلام الخاصّ ووسائل الإعلام المصادرة التي صارت ملكا للدولة والإستراتيجيّة الخاصّة بوكالة تونس افريقيا للأنباء.
هذا التّناول لملف الإعلام الرسمي والإتّصال الحكومي هو طرح ذكيّ و"ابن وقته" لا سيما وأنّه يأتي في ظرفيّة دقيقة تحوّل فيها القطاع من رافعة تعين على التقدّم والإنجاز إلى ساحب يجذب إلى الخلف وكبوة تعمل على التعطيل والتأخير، فنسبة الضّعف التي ما انفكّ يسجّلها الأداء الحكومي على مرّ الحكومات المتعاقبة بعد الثورة في الأداء الحكومي تعزى اليوم إلى فشل الإتّصال الحكومي.
و ما يستخلص من الإطّلاع على مضمون الملفّ أنّه اتّسم بثراء المعلومات المعروضة وتميّز بزخم من المعطيات الإحصائيّة تخصّ عددا من وسائل الإعلام التي كانت غير معروفة لدى الرأي العامّ وفي أوساط الصحفيين أنفسهم، كما أخذ الملفّ بآراء وشهادات المهنيين واستأنس بخبرات الأكاديميين ولمس الرؤية الإستشرافيّة لبعض مسيّري مؤسسات الصّحافة في البلاد، دون أن يغفل إشراك الفاعلين النّقابيين وفسح لهم المجال للإدلاء بدلوهم ممّا رجّح الكفّة نحو الإستواء وجعل الطّرح واضحا والصّورة تتجلّى متناسقة والمشهد مكتملا في ما يتعلّق بإنجاز عمل صحفي حقيقي يهتمّ بحقل الإعلام التّونسي على اتساعه وتنوّعه وتعقيداته.
المطّلع على محتوى الملفّ سيعثر على ضالته وسيتبيّن أنّ ما يطالعه قدّ بعناية وفيه بعد نظر واعتمد على مراجع ذات قيمة وجدواها كبيرة ويمكن أن تفيد جميع الفاعلين في مجال الصحافة والإعلام والإتصال وبالإستطاعة اعتبار ما أنجز "وثيقة مرجعيّة" للصحفيين ولأصحاب المؤسسات الإعلاميّة ولكلّ الهياكل المهنيّة من نقابات وجمعيّات حتّى طلبة معهد الصحافة وعلوم الأخبار بإمكانهم الإستفادة مما جاء في مضمون الملفّ وما حفل به من تواريخ وأرقام ومعلومات عن وسائل الإعلام في تونس، باعتبار الملفّ سار به معدّوه إلى فضاء التثقيف والتعريف والإعلام، أسلوب ذكيّ قطع مع السفسطة واللّغط وآثر الموضوعيّة والدقّة..اتجه فعلا نحو مواطن العلل واثار الإشكاليّات بمنطق وعقلانيّة وواقعيّة.
رأي يمكن دعمه وإسناده أو نفيه ودحضه فقط بعد الاطّلاع على محتوى الملف.
قيـس العرقــوبي
- اكتب تعليق
- تعليق