الأميّة والتطرّف في تونس

إنّ مقاومة الأمية ليست هدفا في حدّ ذاته ولكنّها وسيلة لإعداد فرد يكون له دور فاعل في تنمية بلده لذلك خصّص المؤتمر الدولي لوزراء التربية في العالم مؤتمره لسنة 1965 لبحث سبل القضاء على الأمية لتأثيرها في التنمية. لذلك يجد الأمّي نفسه مهمّشا في المجتمع، يصعب التواصل معه لعجزه عن المشاركة في الحياة السياسية والثقافية بالكفاءة المطلوبة. وإذا لم تتم الإحاطة به يصبح في عديد الوضعيات فريسة لشبكات التطرّف والانحراف التي تختار عددا من ضحاياها منهم. وإذا أضفنا إلى ذلك انعدام الثقة بالنفس والعجز عن تثمين الذات في المجتمع يصبح الأمّي خطرا على مجتمعه.فمثلا وحسب المختصّين تعمل الشبكات الإرهابية على بناء هوية جديدة للشاب الذي يتمّ تجنيده تعيده إلى حضن مجموعة كان افتقدها بانعزاله عن المجتمع لصعوبة تواصله معه. كما ترفع الشبكة من شأنه وتثمّن كل ما يقوم به ويصبح عضوا له دور في المجموعة. وهكذا تتوفّر له فرصة للرد على تهميشه وتلبية الرغبات التي حرمه منها الفقر والأمية ثم يتعرّض إلى عمليّة غسل للدّماغ في الأخير على أساس أنّه سيحارب الظلم الذي يعتقد أنه كان ضحيّته بتهميشه في المجتمع. إنّ خطورة آفة الأميّة تكمن في أنّها حاضنة للتطرف والإجرام والكراهية.

إنّ أمام الدولة كما المجتمع تحدّيا لا بدّ من رفعه وهو عدم حرمان كل الشباب من تعلّم يمكّنهم من المهارات القرائية ومن المهارات الحياتية الأساسية الأخرى. إنّه تحدّ للأمية من أجل القضاء عليها بمنظومة متعدّدة الأبعاد تضمّ تعليما نظاميا جيّدا ومدرسة مفتوحة للجميع ومنظومة تعليم مدى الحياة قائمة الذات. ولا يحمي أطفالنا من الارتداد إلى الأمية إلاّ كسب هذا التحدّي في فترة زمنية معقولة بتضافر جهود الجميع بما في ذلك المجتمع المدني والقطاع الخاصّ لأنّ المشكل مجتمعي وليس فرديا ولذلك فالحلّ جماعي لكن تبقى تونس أرضا خصبة لانتشار الأمية ما دامت أسبابها قائمة وما دمنا لم نع خطورتها.

خالد الشّابي

قراءة المزيد:

الأمية في تونس: الواقع المفزع (ألبوم صور )

خصائص الأميّة في تونس

مقاومة الأمية في تونس: الاستراتيجية والخطط