أخبار - 2018.05.22

ريـاض المــوخّـر: الوزيــر السيــاســي بــامتيــاز (فيديو)

ريـاض المــوخّـر: الوزيــر السيــاســي بــامتيــاز

رياض الموخّر هو واحد من الوجوه السياسية التي سطع نجمها على الساحة الوطنية بعد ثورة 14 جانفي 2011. اكتشفه التونسيون من خلال المنابر الحوارية، الإذاعية والتلفزية، متحدّثا لبقا وسياسيا فطنا لا تخلو نبرات صوته من حماس واندفاع وهو يبسط وجهة نظره تجاه القضايا المطروحة في سياق الانتقال الديمقراطي الذي تعيشه البلاد أو يدافع عن مواقف حزب «آفاق تونس» الذي كان أحد مؤسّسيه، إلى جانب ياسين إبراهيم ومناضلين ومناضلات آخرين، جمعتهم نفس الرؤى والتوجّهات. في صلب الحزب، تبوّأ هذا الطبيب -المتخصّص في التبنيج والإنعاش أصيل مدينة صفاقس والذي سيكمل عامه الخامس والخمسين في جويلية القادم موقعا قياديا بارزا إذ ترأّس مجلسه الوطني. وفِي الانتخابات التشريعية لسنة 2014 كان من بين مناضلي الحزب الثمانية الذين فازوا بمقعد في مجلس نوّاب الشعب، عن دائرة تونس 2 ممّا مكّنه من أن يخبر خصائص العمل النيابي وأن يمسك بناصيته، في مناقشة مشاريع القوانين ومختلف أبواب ميزانية الدولة ومشاريع قانون المالية، علاوة على مسائل أخرى، فتعمّقت بذلك تجربته السياسية وتوسّع مجال رؤيته للشأن العام.

وعندما عُيّن يوسف الشاهد في أوت 2016 رئيسا للحكومة، كان من بين مرشّحي حزبه للانضمام إلى ائتلاف حكومي يضمّ حركة نداء تونس وحركة النهضة والاتحاد الوطني الحرّ وحزب آفاق تونس. توقّع البعض أن يكون وزيرا للصحّة في التشكيلة الجديدة، غير أنّ يوسف الشاهد خيّر أن يولّيه مقاليد وزارة الشؤون المحلية التي كان على رأسها مدّة سبعة أشهر، مع إضافة قطاع البيئة إليها.

ومن بين الملفّات الهامّة التي ورثها رياض الموخّر عن سلفه في الوزارة، الملفّ المتعلّق بمشروع الجماعات المحلية الذي كان يوسف الشاهد تقدّم فيه أشواطا. فكان على الوزير أن يوليه بالغ الاهتمام  ليحال إلى البرلمان للنظر فيه، اعتبارا إلى أنّ المصادقة على المجلّة  قبل الانتخابات البلدية ليوم 6 ماي 2018 تمثّل بداية مسار نقل صلاحيات أوسع للبلديات والجماعات المحلية الأخرى، تكريسا للحكم المحلّي الذي نصّ عليه الباب السابع للدستور. وقد استطاع الوزير، بمنهجية، واعتمادا على كفاءة الفريق المحيط به - ولا سيّما رئيس الهيئة العامة للاستشرف ومراقبة مسار اللامركزية بالوزارة السيد مختار الهمّامي - أن يتعامل بذكاء مع مختلف المراحل التي مرّ بها مشروع المجلّة التي شهدت فصولها قرابة 530 تعديلا من طرف النواب قبل أن تصادق عليه الجلسة العامة للمجلس النيابي يوم 26 أفريل الماضي. وبذلك أثبت رياض الموخّر أنّه وزير سياسي بامتياز سواء في إدارته لهذا الملفّ الحسّاس الذي كان يثير تخوّف عدد من التونسيين من تصدّع وحدة الدولة، المفضي، في تقديرهم، إلى «تفتيت المفتّت وتجزئة المجزّأ» أو في مباشرته لملفّات أخرى لا تقلّ خطورة لا سيّما في مجالات البيئة وحماية المحيط. لم يفقد رياض الموخّر التركيز وهو يدافع في مجلس النواب ثمّ في وسائل الإعلام عن مشروع مجلّة الجماعات المحلية الجديدة وعن سائر ملفّات وزارته بعد أن آثر الاستقالة من حزبه الذي اختار الخروج من اتّفاق قرطاج احتجاجا على تدهور أوضاع البلاد في سائر الميادين بسبب «التوافق المغشوش بين النداء والنهضة»، وفضّل الموخّر عدم الاستجابة إلى دعوة وجَّهها حزب «آفاق تونس» إلى وزرائه قصد مغادرة الفريق الحكومي.

بالمصادقة على المجلّة يبدأ عمل كبير يتمثّل في إصدار الأوامر التطبيقية المتعلّقة بها وتنفيذ الاستراتيجية الرامية إلى تأهيل الموارد البشرية العاملة في الحقل البلدي، بالتّوازي مع استكمال برامج عمل المؤسّسات التابعة بالنّظر للوزارة ولا سيّما الديوان الوطني للتطهير والوكالة الوطنية لحماية المحيط والوكالة الوطنية لحماية الشريط الساحلي والوكالة الوطنية للتصرّف في النفايات. لا جدال في أنّه دفتر أعباء ثقيلة شرع رياض الموخّر في تحّملها، فاكتسب في النهوض بها رؤية تؤسِّس لسياسات عموميّة في مجالي الشؤون المحلية والبيئة . فما هي المدّة التي يتوقّع أن يبقى فيها في الحكومة بعد أن فقد السند الحزبي؟ وكيف ينوي مواصلة هذا المجهود؟

عن هذين السؤالين، يجيب رياض الموخّر قائلا: «لا تتوقّف الوزارة ولا برامجها على شخص رياض الموخّر، وأيّ وزير أو مسؤول على رأس مؤسّسة يتوقّف عليه العمل هو شخص لا يحسن التصرّف، لا شكّ أنّ الـدفع السياسي يتغيّر... ليس غايتي أن أكون وزيرا وأن استمرّ في المنصب.. المهمّ، في نظري، هو تقديم إضافة ضمن مجموعة ما وامتلاك رؤية واجتناب البقاء في وضع تبعية لمنصب من المناصب، بالإمكان خـدمة البــلاد من أيّ موقع». لكن عن أيّ موقع يتحدّث؟ هــل يكون ذلك في المجتمع المدني؟

يردّ رياض الموخّر باقتضاب: «كلّ شيء ممكن بما في ذلك العودة إلى العمل كطبيب».

وبخصوص أهمّ تجربة حصلت له في اضطلاعه بمهامّه الوزارية، يقول رياض الموخّر إنّه تعلّم الصبر والأناة لأنّ الأمــــور لا تسير وفق ما كان يشتهيه، خاصّة وأنّه أتى من القطاع الخاصّ حاملا لطريقة عمل وتفكير مختلفة تماما عمّا هو موجود في القطاع العمومي.

هل يرضى رياض الموخّر بموقع خارج دائرة الضوء، إذا ما خرج من الحكومة، وهو الذي استهواه العمل السياسي بقوّة؟ هذا ما ستكشفه الأيّام.

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.