أخبار -
2016.05.16
راشد الغنّوشي: قنبلة موقوتة
كيف تنظرون إلى قضيّة عودة المقاتلين التونسيين من بؤر التوتر؟
هذه قنبلة موقوتة وتحد كبير للديمقراطية التونسية. كيف يمكن أن تعالج هذه الهوامش؟ هي من المواريث؛ وهذا التيار ليس من مواليد الثورة، إنما هو إرث لما قبلها. هذا جزء من حصاد الدكتاتورية التي اعتمدت مبدأ الإقصاء للآخر. عندما كانت النهضة في الساحة لم يكن لهؤلاء وجود. متى وجدوا؟ وجدوا عندما ساد وتحكم في البلاد فكر الإقصاء وأغلقت كل مجالات التدين، حين أصبحت أبسط مظاهر التدين تتهم بالتطرف والأصولية كالصلاة والحجاب وما إلى ذلك؛ ومكن تمكينا لفكر الإقصاء في التعليم وفي الإعلام وفي السياسة وفي البوليس. وبالتالي نشأت هذه البذور السامة في ظل ذلك الجو المتعفن.
تنامت هذه الظاهرة بوجود بيئة عربية مناسبة. لو لم تكن هناك ساحات في العراق وفي افغانستان وفي ليبيا وفي غيرها، لتمت محاصرة هذه الظاهرة بعد الثورة. وفي تقديري، مخطئ من يظن أنّ هذا التيار يمكن القضاء عليه بالوسائل الأمنية فقط؛ لأن هؤلاء يقدمون أنفسهم على أنهم أهل علم وأهل إيديولوجيا وأنهم يعملون في سبيل مثل عليا. ما لم تقع منازلتهم على هذه الساحة وعلى هذه الأرضية وإقناعهم بزيف أدلتهم وزيف تدينهم، فسوف يستمرون وسوف تتحول سجوننا إلى خلايا لتفريخ المزيد منهم.
لماذا نتعامل نحن التونسيون مع هذه الظاهرة وكأنها ظاهرة تونسية بحتة ؟ لماذا لا نتعظ بتجارب الآخرين. لماذا لا تتساءل النخبة التونسية عن عدم انتشار هذه الظاهرة في المغرب مثلا؟ الفقر في المغرب أكثر من الفقر في تونس. حادثة واحدة عرفت في المغرب، هي حادثة الدار البيضاء، ولم تتكرر. وأحد منظريها من المشايخ واعتقد أنّ اسمه الفزازي كان إمام جامع ومنظرا لهذه الظاهرة، وحكم عليه بوصفه منظرا لمجموعة الدار البيضاء وقضى في السجن ثلاث أو أربع سنوات، وتم الحوار معه ثم عفي عنه وأعيد إلى نفس الجامع الذي كان يخطب فيه ، وصلى وراءه الملك محمد السادس. هذه حقيقة دولة تعلم ماذا تفعل. لماذا لم تتفش هذه الظاهرة في المغرب؟ لأنه ليس من اليسير أن تقنع الشباب في المغرب بأن الدولة هناك دولة كافرة، أو دولة لا تحترم الإسلام؛ لأن رموز الدين كلها حاضرة هناك حول الملك الذي أحاط نفسه بأطواق من العلماء ومدارس وجامعات ونخبة. لأن العلماء هناك ذهبوا إلى السجون وحاوروا هؤلاء الشباب وفندوا أدلتهم وطهروهم من جراثيم التطرف.
من سيحاور هؤلاء عندنا؟ ما هي الطبقة العلمائية التي لنا في تونس؛ هناك تصحر للحياة الدينية في تونس ولم يعد لنا علماء. الشيخ مختار السلامي يقول انقطع السند العلمي في تونس؛ لم يعد هناك استمرارية للمدرسة العلمائية منذ القضاء على جامع الزيتونة. لذلك الظاهرة الإرهابية في تونس هي تفريخ أو منتوج لإقصاء العامل الديني كمقوم أساسي من مقومات نهضتنا وتراثنا.
لقراءة المزيد
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
- اكتب تعليق
- تعليق
أصداء المؤسسات