أخبار - 2025.09.13

من هو فقيد السياحة التونسية والثقافة والفنون، محمد العموري

من هو فقيد السياحة التونسية والثقافة والفنون، محمد العموري

بقلم د. رضا القلال

السيد محمد العموري:
خدمات رعاية الفنون، ترفع السياحة الثقافية إلى عنان السماء
عاد من ستراسبورغ متشبّعا بتجربة فرنسية، ومتسلّحا بعصارة تجربة ألمانية بريطانية

محمد العموري رجل عبقري لا لأناقته وتواضعه وطاقته الفولاذية في العمل...هذه كلّها كانت من أسباب نجاحه. العبقرية الحقيقية لمحمد العموري في رؤيته الشجاعة، ومغامراته الاستثمارية...ثم في وضعه بصماته الواضحة في القطاع السياحي والتي تحول بفضل ذلك من صاحب رؤية إلى منظّر استراتيجي ....ومن الاشتغال بالإنتاج والتسويق السياحي، إلى تقديم الرعاية من القطاع الخاص للفنون(Mécénat)  ...وبالتالي نال شرف الانتساب إلى قطاعين عزيزين: السياحة والفن.......ولا أظن أنه قد مرّ على تونس رجل له منظور سياحي- فني مثل محمد العموري. لقد سجّل محمد العموري مراحل تطور تاريخ تونس في السياحة بشكل رائع من خلال هذا السرد الكرونولوجي.

عايش إرهاصات بداية السياحة التونسية في فجر الاستقلال وتنقّل بين المدن والوحدات السياحية، نزل ''النخيل'' بالمنستير، ثم نزل ''الرباط'' بنفس المدينة. تحوّل بعد ذلك إلى نزل ''مبروك'' بصفاقس، مسقط رأسه. رحل بعد مدة وجيزة إلى عين دراهم ليتولى إدارة نزل ''الصنوبر'' والفيلات الاستعمارية القديمة الملحقة به. من عين دراهم عاد على عجل إلى المنستير في أواخر سنة 1963 ليدير هذه المرّة ''اسبلاناد'' و''الرباط''. واتجه في السنة الموالية إلى جربة لإدارة ''ايليس بلاس''و'تانيت''.  وفي خضم حركة التعاضد أدار لفترة قصيرة ''ميرمار'' سنة 1965 و"تانيت" الحمامات سنة 1966. رأى محمد العموري في التعاضد تراجعا لجودة السياحة ونوعية السياح. وبهذا الخصوص ذكر لي ''ان ما فعلوه أنهم أفقدوا التاريخ السياحي تلك الهالة الرومنسية التي كانت تحيط به،  دون أن يقدموا له مذاقا مختلفا.''

ولكن الفشل-بالنسبة له-لوحة كتب عليها ''ليس من هذا الاتجاه'' في حين يقرؤها البعض توقف! فقرّر العودة إلى الشركة السياحية التونسية (SHTT)مديرا للاستغلال، هنا سيكون ناضجا مكتملا ليجد مسارا سياحيا-ثقافيا-فنيا اقترن بشراء لوحات تشكيلية لنزل الشركة.

وبعد 3 سنوات استقال ليؤسس مع شقيقه عمران العموري نزل ''الحمائم'' بالحمامات الشمالية، وضخ أوكسيجين جديد في ''رحلات 2000'' التي يملكها شقيقه منذ سنة 1962.كما تكفّل بإدارة الفنادق(gestion): "شاطئ الحمامات ''، ''شمس'' بقابس، ''دار النزل'' ببرج السدرية...
سنة 1978أسس شركته السياحية الخاصة ''شركة الاستغلال السياحي''(SET)، كانت طموحاته منذ البداية في هذا الاتجاه. يقول المثل الشعبي'' لا نَبَات صَانعك لا تَبَات عَرفي'' وبدأ بهذا المشروع، ومن ثم طوّره وكبّره. عاد بعد إلى إدارة الفنادق: نزل ''الكروان'' بسوسة، ''المدينة'' بجربة، ''نيابوليس'' بنابل... وجاءت الفرصة الذهبية عند انطلاق مركب مرسى القنطاوي، هذا المشروع أجّج ضوءا جديدا: ففي نهاية 1981 ظهر له نزل صدر بعل الأول بسوسة، وحدة 4 نجوم و474 سرير.

سنة 1990 شيّد صدر بعل الثاني بجربة 5 نجوم وطاقة إيواء 430 سرير، فكان أكثر فخامة وأكثر ذوقا. وفي سنة 1999 ظهر نزل صدر بعل 3 بياسمين الحمامات. وبه أكبر جناح فاخر ''سويت'' في العالم سجّله كتاب ''قيناس'' للأرقام القياسية آنذاك. النزل بكامله مؤلف من أجنحة فاخرة بها 430 سريرا،    يمتد النزل على أكثر من 64 هكتارا،  التحق بسلسلة النزل الرائدة في العالم ''Tthe leading Hotels of the World'‘. إنه حقا يأسر العين والقلب.

رفع محمد العموري سقف طموحاته إلى الأعلى في هذه الفنادق الفخمة، واستحقّ صفة رجل أعمال ناجح، وعرف عنه أنه ''عندما يضع يده في التراب يتحول إلى ذهب''، هو من هؤلاء الأشخاص الذين لديهم هذه الملكة وهذه الموهبة.

هذه الوحدات السياحية ليست أعمالا متفرّقة، بل حلقات في مسلسل سياحي طويل جسّد فيه الخبرة السياحية الطويلة، والعشق الفني، وحكمة العمر والسنين. كلّ واحد من هذه الإنجازات تؤرّخ لمرحلة فصليّة من أجندا تاريخه السياحي، متزامنة طبعا مع متغيّرات الحركية الاقتصاديّة والفعاليّات الفنيّة في بلادنا. إنّه عمله الطويل في السياحة، ومغامراته الاستثمارية، وخبراته المتراكمة، وقصة وقوعه ''صريع'' اللوحات التشكيلية منذ سنة 1972 وقبل ذلك، كما لقب الشاعر العباسي مسلم بن الوليد لكثرة شعره بالغزل.

محمد العموري ليس عبقريا فقط، بل توليفة من العبقريات.... شهيّته للعمل لا يمكن إشباعها!

بدأ حياته من مسقط رأسه صفاقس،  ففي هذا المكان الجغرافي الذي تلفحه ملوحة البحر الأبيض المتوسط ولد،  حيث تدرّب على الحياة الثقافية والفنية في معصرة علي الزواري وارحيّم بن جماعة. كانا يفتحانها سنويا لأبناء مركز حلق الوادي بعد ''مَيسَرة الزيتون'' لتتحوّل إلى دار ثقافة، شعر ومسرح وطرب وكتب.... من هنا عرف الشعراء العرب امرؤ القيس، وعنترة، والمتنبي،... وأحسن اللغة الفرنسية حيث يقرأ جريدة ''لابراس'' وعمره لا يتجاوز 15 سنة، والكلّ يتذكّر أنه كان أنيق المظهر الخارجي. وعندما فتح فرع الاتحاد الثقافي بمركز كمون، لعبت المنافسة دورها بين أطفال وشباب المركزين. 
وبالمعهد الثانوي للذكور درس الفلسفة عند الأستاذ محمد الكراي، الذي أصبح لاحقا الخبير المحاسب لشركته. ولا شك أنه أحب الطريقة التي تعمل بها العقول الفلسفية حيث الدقّة والانضباط والصرامة. ولهذا فضّل في حياته المهنية العقول الجيّدة التي تعمل دون تعب أو كلل، وكان لا يريد أحدا يأتي ''للثرثرة''. إن شهيته للعمل –يبدو-لا يمكن إشباعها !

ماذا يمكن أن نضيف عن مسقط رأسه؟

حبّه لصفاقس.... إلى حدّ ما ذهب إليه ابن حزم الاندلسي في ''طوق الحمامة في الألفة والألاف'' سنة 1027م، تلك المدينة الملهمة التي هي جزء من دمه ولحمه وروحه. فقد تعلّم من السّجل الصفاقسي القادم من زمن البربر والقرطاجنيين والرومان والبيزنطيين والأغالبة تقدير نور الشمس الساطعة (اتجاه القبلة عند بناء المنزل الصفاقسي) ومتعة المنظر الجميل (الجنان في غابة صفاقس) والموقع الافضل (المشربيات في المدينة العتيقة البارزة إلى الخارج مثل مقدمة السفينة). وبحكم قوة الشدّ المستمر التي تربط بين الماضي والمستقبل، كانت مشاريعه السياحية إشباعا نفسيا للنور والجمال والامتياز....

مرحلة أكاديمية تخصصية بفرنسا... وعصارة تجربة ألمانية إنجليزية

مع نضج عمري ودراسي وإثر حصوله على البكالوريا رحل محمد العموري في سن 17 من عمره ليجلس على مقاعد الدراسات العليا في السياحة. كان ذلك سنة 1957/1958بالمدرسة السياحية بستراسبورغ(فرنسا) التي أبهر بها، بعد أن انقطع بمحض إرادته في نهاية السنة الأولى عن المدرسة السياحية بتولوز، فقد وصف لي التعليم بينهما بالمسافة بين الأرض والسماء، وكانت-بالنسبة له-الشرارة الأولى التي أشعلت جذوة الموهبة. ومنها استمد العناصر التي قامت عليها مقارباته الفكرية ونظراته إلى عالم السياحة.  بعد سنتين تحصّل على الشهادة السياحية الأكاديمية التخصصيّة، وعمّقها بتربّصات في مدينة (بادن بادن) بألمانيا الفيدرالية آنذاك فتكلّم الألمانية إلى جانب العربية والفرنسية، والانجليزية بالمملكة البريطانية، وأشبع فيهما فضوله واكتشافه. عاد من ستراسبورغ متشبّعا بتجربة فرنسية، ومتسلّحا بعصارة تجربة ألمانية بريطانية، ومعه حقيبة صغيرة من مواد الرسم!

عندما عاد محمد العموري إلى أرض الوطن كانت تونس قد انعتقت من ربقة الاستعمار، وبدأت تنهض معلنة عن نفسها وهويّتها وآمالها العريضة في تنمية قطاع سياحي حديث. واقتحم جيل من روّاد الفن التشكيلي -خطوة خطوة – في التعبير عن جماليات بلادنا، حيث شهدت الحركة الفنية ازدهارا مطّردا بعد الاستقلال. محمد العموري أول من شجع الفنان رضا بالطيب، أول فنان تجريدي، واشترى منه 20 لوحة موضوعة إلى اليوم في نزل ''الحمائم''،  ذهب بمالهم إلى حي الفنون بباريس.

الربط بذكاء... بين جسر شاطئ السياحة وسماء الفنون

وبدافع من حبّ اللّون المختزن للجماليّات، وبصفته عاشقا للفن،  واصل محمد العموري بصبر ودأب ومثابرة -على مدى سنوات-إثراء مجموعته الفنية المنتقاة من الأعمال التشكيلية لرواد الفن في تونس ولكبار الفنانين التشكيليين من العراق والجزائر.... لتكون الحصيلة مئات اللوحات. هذا العمل دليل ساطع على حرصه في الحفاظ على هذا النبوغ الفني المتميّز. وتبعا لذلك أصبحت وحداته السياحية نزلا-متاحف، ولتكون مدرسة مرجعا بصريّا دقيقا لمرحلة تاريخية فنية عظيمة. إنها عملية توثيقيّة تشكّل بحق مخزونا حيّا للذاكرة البصرية يمكن أن ترتوي من مناهلها أجيال وأجيال، على مدى السنوات والعقود القادمة، ليصبح هذا العمل التوثيقي، لروّاد الحركة الفنية ببلادنا، ولبعض كبار الفنانين التشكيليين العرب، بدوره جزءا من ذاكرة التاريخ.

محمد العموري صاحب أكبر عملية تجميل...  في جغرافية السياحة الثقافية ورعاية الفن التشكيلي

كان رفقائي رؤوف العموري ورضا العموري وخليل قويعة مفاتيحي الذهبية إلى أسرار ألف لوحة ولوحة،  خلال رحلة الغبطة المتصلة التي قمت بها بين أروقة نزل "أزدريبال" وداخل فضاءاته بالحنامات. ومن خلال هذه الزيارات تأكّدت لي نظرة محمد العموري الجمالية ورؤيته الفكرية، وكيف تكون الفنون البصريّة مكوّنا رئيسيا جديدا للحياة السياحية. وتلاقي نزله اليوم استحسانا كبيرا كوجهة سياحية -ثقافية -فنية تحظى بتقدير زوّارها من مختلف الأنحاء الداخلية والخارجية، وعلى نحو استثنائي، حيث تختلط فيها متعة الإقامة والمشاهدة بمتعة الدّهشة. ومن ناحيته يعمل ابنه رؤوف على إعطاء هذا المشروع أبعادا إنسانية أوسع، إذ يروم الربط بين الفن كنتاج خاص، والناس كمتلقين فاعلين له، لأنه يدرك أن الفن لا يكون مؤثّرا إلا بتقليص المسافة بينه وبين الجمهور. لهذا يعمل على عرض إرث العائلة الفنّي خارج فضاءات النزل، ويتوق إلى نقله أكثر فأكثر عبر معارض متنقّلة على كامل تراب الجمهورية لتحقيق الجذب الجماهيري، وهذا مشروع ثقافي بدأ يطفو على السطح سنة بعد سنة. ورؤوف العموري هو أيضا صاحب رأي في الفن وجدواه، بعد أن ارتبط بعلاقات صداقة مع مجموعة من الفنانين والنقاد، وفّرت له المعرفة بالثقافة البصرية ومذاهب الفن ومدارسه واتجاهاته.

ورضا العموري الذي رحل في 2025، هو ابن شقيق السيد محمد العموري،  وهو الذي عمل على تطوير المجموعة الفنية داخل فندق ازدريبال بدعوة فنانين مشهورين من العراق وفرنسا والمغرب، وفنانين كبار من تونس أيضا، الذين كان لهم نصيب الأسد في المجموعة الفنية مثل علي بن سالم ومحمود السهيلي وعبد الرزاق الساحلي وعادل مقديش وغيرهم. وعمل على الترويج لهذه المجموعة الفنية الخاصة، والأكبر من نوعها في تونس وحتى المغرب العربي. إذ هي ليست مجموعة لوحات فقط، بل هي منظومة تسعى إلى الحداثة في العالم العربي وتجلياتها، من خلال الابداع. لذلك ترى ان الفقيد رضا العموري ركز على العلاقة ما بين الفنون في تدخلاته السنوات التي وقع فيها تأسيس "جمعية صدر بعل للثقافة والفنون، محمد العموري"

ألا يحسب لمحمد العموري أنه لم تجتمع لمستثمر سياحي تونسي واحد غيره – ومن منظور متأخر للأحداث-مثل هذا السبق؟

يمكن لأيّ كان تكوين فكرة عن تاريخ السياحة التونسية بمجرد الاطلاع على سيرة حياة محمد العموري التي امتدت على أكثر من 40 عاما. و''لا نجاح بلمح البصر'' كما همس لي مرة ونحن ندخل مصعد شركته بالبحيرة 2 بتونس العاصمة.

وإذا أردنا اختيار عمل واحد ليعبّر عن مسيرته الفذة، فهو قدرته على ربط جسر السياحة الراقية بالفن الرفيع وهو درس – في حدّ ذاته- من معيار الذهب. إنه عمل متوهّج أثّر توهّجه بالتأسيس الفعلي للسياحة الثقافية ببلادنا، بمعنى المبادرة بتشييد النزل-المتحف، والانخراط في التدفقات الخيرية لرعاية الفنون(Mécénat)، ومسك محمد العموري بمفتاح القوّة في مناصرة الفنون (تشكيليا وموسيقيا) ورعايتها من أجل تعزيز الذائقة البصرية العامة، وإلهام مزيد من الناس لكي يصبحوا فاعلين في هذا المجال. وبذلك نالت (شركة الاستغلال السياحي) حظوة الشركة الراعية للفنون، ودون تأثيرات سلبية على الحريات الفنية. دون أن ننسى أنه كان مديرا للجامعة التونسية للنزل، ثم سكرتيرها العام، وتزامنت هذه الفترة ببناء مقر الجامعة الذي يقع في نهج إيران عدد 63.

ألا يبدو محمد العموري أنه ليس أحد نجوم السياحة فقط بل مجرّة من النجوم؟

جلست إلى  سي محمد العموري، واستمعت إليه بكل انتباه. الرجل يأسرك بأخلاقه وتواضعه واحترامه للآخرين، وحكمته وخاصة حبه لوطنه. تجربته بعمر، ومحطات هذا الشخص محلّ ثناء عطر، وإعجاب كبير لفطنته وسرعة بديهته وذكائه. وهو محلّ تقدير ممّن عرفوه حقّ المعرفة. مازال إلى اليوم لديه وجهات نظر عن بعض الأشخاص والأحداث والمواقف التي لا أظن أنها تتغير بسهولة، وقال لي: '' يتحدثون عن القمر، ولا يعرفون أين هو موجود، أو أين يسكن''. 
وكلّما دار بذهني الجهد المتفاني الذي قام به محمد العموري أردّد في نفسي: رحم الله هذا الرجل الرائع،  وجعله منارة وعطاء، فهو صاحب أكبر عملية تجميل في جغرافية السياحة الثقافية ورعاية الفن التشكيلي.

ألا يشكّل علامة فارقة في نمو السياحة والثقافة والفن منذ السبعينيات من القرن العشرين؟

كيف فات الكثير أن يؤرخ لهذه الشخصية النموذجية؟ محمد العموري الذي يعرف حدود اللياقة والتعامل الإنساني، والذي كافح من أجل أفكاره وأهدافه، واضطر للتضحية بأشياء كثيرة مثل وقته مع أفراد عائلته وعلى حساب راحته.  رجل شعاره'' فاز بالملذّات من كان جسورا''. وهذا يعني الإنسان لا بد أن تكون لديه روح المخاطرة، ليكتشف أفق نجاح أبعد ممّا كان يتوقّعه. وهاهو اليوم يأخذ ابنه رؤوف، مع شقيقتيه ريم ودرّة مقاليد ''إمبراطورتيه''
وكيف فات الكثير أن يكرموه لجهوده، وتقديرا لمساهماته وإنجازاته في عالم السياحة. فقصّة نجاحه جزء من قصّة نجاح السياحة التونسية، ونجاح الدولة التونسية من خلال شخصيته القيادية ورؤيته الاستراتيجية.

يحقّ لتونس فعلا -وبالخط العريض-أن تفتخر بابنها محمد العموري باعتباره رمزا للفخر الوطني. ويستحقّ أن يكون شخصية العام وكلّ الأعوام. إن عمله النضالي يرشّحه ليكون مرجعية وحافزا لأهل القطاع والمهنة، لأنه مرادف للأعمال المذهلة، ولأن الإتقان في العمل بالنّسبة له عقيدة أسطورية، ولأنه شخصيّة غير عادية، وحالة فريدة، وتجربة نادرة قلّ نظيرها، تجربة ظلت ومازالت تثير الدهشة والإعجاب لكلّ من يقترب منها. وله أياد بيضاء على رتل كبير من الناجحين، مازالوا يستعيدون قبسا من روحه الوثّابة.

لقد دخل محمد العموري أرشيف قصص النجاح، وصار وشما على الذاكرة، وأيقونة ثابتة في عالم السياحة-الثقافية التونسية.

وإذا "استطاع التاريخ أن يصمت فهناك آلاف من الحجارة ومئات من اللّوحات الفنية التشكيلية في سلسلة صدر بعل بياسمين الحمامات، ومرسى القنطاوي سوسة، وحومة السوق جربة شاهدة'' كما يقول الشاعر الألماني غوته، للنظر في رجل أثقله الوقوف على الأرض والخوف الدائم من السقوط ليبقى دائما طائرا محلّقا عبر الزمان والمكان.

د.رضا القلال 

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.