أخبار - 2025.03.29

العفو التشريعي العام في جريمة اصدار الشيك بدون رصيد: ماذا عن مشروع القانون الجديد؟

العفو التشريعي العام في جريمة اصدار الشيك بدون رصيد: ماذا عن مشروع القانون الجديد؟

بقلم الأستاذة نجاة البراهمي. المحامية لدى التعقيب .أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس -  المصادقة على مشروع العفو التشريعي العام في جريمة اصدار الشيك بدون رصيد أو أي مصير لكتب التسوية على معنى احكام الفصل 6 من القانون عدد 41 لسنة 2024؟

1- بتاريخ الرابع والعشرين من شهر مارس 2025 صادقت لجنة التشريع العام ولجنة النظام الداخلي بمجلس نواب الشعب على مشروع قانون يتعلق بالعفو التشريعي العام في جريمة اصدار الشيك بدون رصيد وأصبح بذلك التساؤل مشروعا حول مأل احكام التسوية على معنى احكام الفصل 6 من القانون عدد 41 لسنة 2024 خاصة بالنسبة لمن كانوا محل تتبع وانخرطوا في منظومة التسوية على معنى احكام الفصل 6 المذكور أعلاه.

2- ويكتسي هذا السؤال أهمية بالغة إذا ما علمنا بان شروط الانتفاع بالعفو التشريعي العام بخصوص جريمة اصدار الشيك بدون رصيد هي نفس الشروط التي تضمنها مشروع القانون الخاص بالعفو التشريعي العام.  ومفاد وحدة الشروط أن من جاز له الانتفاع بالتسوية على معنى احكام الفصل 6 من القانون عدد 41 لسنة 2024  يجوز له الانتفاع بالعفو التشريعي العام. و لعله من المهم التذكير في هذا المقام بأحكام الفصل 6 من القانون عدد 41 لسنة 2024 المتعلق بالتسوية قبل التذكير بمشروع القانون المتعلق بالعفو التشريعي العام في صيغته الحالية.

3- يقتضي الفصل 6 من القانون عدد 41 لسنة 2024 ما يلي: «ينتفع بالإيقاف المؤقت للمحاكمة او بالإيقاف المؤقت لتنفيذ العقوبة السجنية المحكوم بها حسب الحالة كل من كان محل تتبع قضائي لدى المحاكم او صدر ضده حكم من اجل جريمة اصدار شيك دون رصيد وحررت في شانه شهادة في عدم الدفع بمقر المصرف قبل تاريخ نشر هذا القانون بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية واستوفى الموجبات التالية:

أ- ابرام اتفاق مع المستفيد مؤجل الدفع بالحجة العادلة يتضمن التزاما بدفع كامل مبلغ الشيك او ما تبقى منه في اجل لا يقل عن تسعة أشهر ممضى من الساحب او وكيله او كفيله او المشترط لمصلحة الساحب.
ب- او خلاص عشرة بالمائة من مبلغ الشيك او ما تبقى منه على الأقل تامينه بالخزينة العامة للبلاد التونسية وتقديم التزام كتابي احادي الجانب بالحجة العادلة لفائدة المستفيد من الشيك يتضمن التزاما بخلاص باقي المبلغ في اجل أقصاه ثلاث سنوات من تاريخ تحريره.
ج- او تقديم التزام كتابي احادي الجانب بالحجة العادلة لفائدة المستفيد من الشيك يتضمن التزاما بخلاص مبلغ الشيك او ما تبقى منه في اجل أقصاه ثلاث سنوات عشرين بالماءة منه في السنة الأولى وباقي المبلغ في السنتين المواليتين.

الاتفاق او الالتزام الأحادي بالقوة التنفيذية متى استوفى الشروط يتمتع القانونية وتم اكساؤه بالصيغة التنفيذية ولا يقبل الطعن فيه الا بالزور"(1).
وينص مشروع القانون على 3 فصول فالأول فيتعلق بشروط الانتفاع بالعفو التشريعي العام والثاني بالمحافظة على حقوق المستفيدين من الشيك على حقوقهم المدنية في استخلاص معينات الشيكات والثالث فيتعلق بالإجراءات الخاصة بالعفو التشريعي العام. وبخصوص شروط الانتفاع بالعفو التشريعي العام فقد كانت المبادرة في صياغتها الأولى تقتصر على الشيكات التي لا يتجاوز معينها خمسة الاف دينار ثم وقع رفع هذا الحد وتجاوز التسقيف لتصبح المبادرة شاملة لجميع الشيكات.
وبقي السؤال مطروحا حول حقوق المستفيدين من الشيكات. وفي هذا الإطار يتنزل الاشكال الذي نثيره في هذا المقال والذي يتعلق بحقوق المستفيد من الشيك في صورة معارضته بكتب تسوية على معنى الفصل 6 من القانون عدد 41 لسنة 2024. وهل يعارض المستفيد من الشيك بعد دخول القانون الخاص بالعفو التشريعي العام بكتب تسوسه مبرم في إطار إجراءات التسوية على معنى القانون عدد 41 لسنة 2024؟

4- من الناحية القانونية البحتة، سيطرح السؤال حول قيمة كَتب التسوية بالنسبة لمن انتفع بالتسوية في الفترة الانتقالية لتطبيق القانون عدد 41 لسنة 2024 ورام الانتفاع بالعفو التشريعي العام. فاذا ما تم قبول مطلب العفو التشريعي العام، فهل يؤثر ذلك على الالتزامات التي تضمنها كتب التسوية على معلى الفصل 6 من القانون عدد 41 لسنة 2024
5- ومن ناحية فلسفة التشريع وأصوله يطرح مشروع القانون الجديد المتعلق بالعفو التشريعي العام، السؤال حول مدى انسجامه مع القانون عدد41 لسنة 2024 ومدى اعتباره قانونا مستقلا عنه أو متمما او منقحا لأحكامه. وفي كل الأحوال فان المشروع الجديد المتعلق بالعفو التشريعي العام   سيرتبط ارتباطا عضويا بالقانون عدد 41 لسنة 2024 لتعلقه بحقوق كل من الساحب والمستفيد.

6- وعلى اعتبار وان مشروع القانون مثلما وقعت المصادقة عليه من طرف لجنة التشريع العام ولجنة يتكون من ثلاثة فصول فحسب فالأول ويتعلق بشروط الانتفاع بالعفو والثاني والثالث بالجهات التي تتعهد بمطلب العفو فقد اتجه التأكيد على ضرورة تخصيص احكام إضافية تتعلق بأثار الانتفاع بالعفو التشريعي الغام على سبق الانتفاع بأحكام التسوية على معنى احكام الفصل 6 من القانون عدد 41 لسنة 2024. 

7- وبغاية مزيد التوضيح اتجه التذكير بان العفو التشريعي العام في جريمة اصدار الشيك بدون رصيد لا يشمل الا الجريمة التي تمحى اثارها بواسطة العفو. أما الحق الشخصي للمستفيد من الشيك فيبقى قائما ويجوز لهذا الأخير ان يقوم لدى القضاء المدني لاستخلاص معينات الشيك الذي لم تتوفر مؤونته والذي انتفع ساحبة بالعفو التشريعي العام.  وقد يحصل ان يكون من أصدر الشيك بدون رصيد قبل 2 فيفري 2024 قد سبق وانتفع بالتسوية على معنى احكام الفصل 6 من القانون عدد 41 لسنة2024. ويطرح السؤال حينئذ حول مدى جواز ممارسة المستفيد لحقه في التقاضي على معنى احكام الفصل 408 من المجلة التجارية الذي يخوله استصدار أمر بالدفع وتنفيذه في ظرف 24 ساعة. أم تراه سيكون غير قادر على ذلك لمجابهته من طرف الساحب بالقوة الثبوتية لكتب التسوية على معنى احكام الفصل 6 من القانون عدد 41 لسنة 2024. 

8- وعلى اعتبار أهمية هذه الوضعية التنازعية التي سيكشف عنها التطبيق في صورة عدم افرادها بأحكام خاصة بها صلب مشروع القانون الخاص بالعفو التشريعي العام المتعلق بجريمة اصدار الشيك بدون رصيد، فقد اتجه التنبيه اليها وتنظيم كيفية فصلها. فإما ان يحافظ المشرع على القوة الثبوتية لكتب التسوية واتجه لذلك التذكير به واما ان يتجاوزا لمشرع كتب التسوية ويترك للمستفيد الحق في ممارسة حقوقه المدنية والتجارية وخاصة ما تعلق منها باستصدار امر بالدفع ينفذ في بجر 24 ساعة على معنى احكام الفصل 408 من المجلة التجارية، وعلى المشرع كذلك في هذه الصورة أن يقرر حكما خاصا بتطبيق الفصل 6 من القانون عدد 41 لسنة 2024. 

9- وفي رأينا لا مجال لإغفال تنظيم هذه الوضعية لما قد يسفر عليه صمت المشرع من تضارب في المواقف وخاصة في عمل المحاكم.  وقد يجد الباحث في التاريخ القريب لتطبيق الفصل 6 من القانون عدد 41 لسنة 2024 سندا على هذا القول. فقد سبق وسجلنا العديد من الإشكاليات التطبيقية بخصوص الوضعية التنازعية التي يطرحها تطبيق الفصل 408 من المجلة التجارية في صورة تمسك ساحب الشيك بكتب تسوية مؤشر عليه من طرف وكيل الجمهورية(2).
من شك في ان تنظيم هذه الوضعية سيدعم مبدأ الأمن القانوني(3) وما من المبادئ التوجيهية التي ينبغي على جميع المتداخلين في الشأن القانوني ومن بينهم المشرع احترامه.و قد يكون من المهم التذكير في هذا المجال باللائحة التوجيهية الصادرة عن رئيس الحكومة في 11 مارس 2025 وموضوعها" مبادئ توجيهية حول كيفية صياغة القوانين"(4).

فقد تضمنت هذه المبادئ بالخصوص ضرورة التزام واضعي مشاريع القوانين بالدقة والوضوح والامن القانوني بمعنى ضرورة انسجام مختلف التشاريع مع يعضها البعض. و الامل ان يكون هذا القانون الجديد ضامنا لهذه المبادئ.

نجاة البراهمي
المحامية لدى التعقيب
أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس

(1) حول قراءة تحليلية ونقدية لاحكام الفصل 6 من القانون عدد 41 لسنة 2024 تراجع: نجاة البراهمي، الجديد في اجكام الشيك قراءة تحليلية ونقدية. الاحكام الجزائية-الاحكام الانتقالية. دار الكتاب ص 67.
(2) حول هذه المسالة، تراجع نجاة البراهمي الجديد في احكام الشيك (قراءة تحليلية ونقدية) دار الكتاب 2025. ص 165
(3) حول الامن القانوني تراجع نجاة البراهمي : هل يحمل القانون في طياته بذور وفاته الليدرز باللغة العربية بتاريخ 20 نوفمبر 2021.
(4) يراجع تعليقنا حول هذه اللائحة المنشور بموقع الليدرز باللغة العربية بتاريخ 17 مارس 2025 تحت عنوان "متى وكيف تصاغ القوانين قراءة في المبادئ التوجيهية حول احكام صياغة مشاريع النصوص القانونية الصادرة عن رئيس الحكومة




 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.