وثيقة هامّة: مقوّمات الدفاع الوطني وآفاق سنة 2025 (فيديو)
أكّد وزير الدفاع الوطني السيد خالد السهيلي ضبط خطّة استراتيجيّة للوزارة تمتدّ على عشر سنوات (2021-2030) في إطار رؤية استراتيجيّة تنبني على تسعة محاور اهتمام رئيسيّة.
وبيّن لدى تقديمه لمهمّة الدفاع الوطني لسنة 2025 بمناسبة مناقشة ميزانيّتها أمام أعضاء مجلس نوّاب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أهمّ ملامح عمل التّشكيلات العسكريّة وجاهزيّتها، واستعرض بالمناسبة عديد التدخّلات التي تمّ القيام بها إلى غاية مُوَفّى شهر أكتوبر 2024.
وفيما يلي النصّ الكامل للكلمة:
بسم الله الرحمان الرحيم
السيّد رئيس مجلس نواب الشعب والسيّد رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم،
السيدات والسادة النواب المحترمين، أعضاء المجلسين الكرام،
حضرات السيدات والسادة،
إسمحوا لي في بداية كلمتي، أن أتوجه إليكم بالشكر الجزيل على اهتمامكم بالمؤسسة العسكرية وتفاعلكم الإيجابي مع مشاغلها ووعيكم العميق بقضايا الأمن والدفاع وبالتحديّات الأمنية التي تعيشها بلادنا.
ولاشك أنّ تَفَاعُلُكُم مع مشاغل المؤسسة العسكرية وحاجياتها يلتقي مع حرصنا على مَزيد تطوير جاهزيّتها وقدراتها العمليّاتية وإيلاء الجانب الإجتماعي والمعنوي للأفراد الأهمية القصوى. لذلك انصرف جهد الوزارة إلى وضع استراتيجية على المدى المتوسط والبعيد للرفع من قدرات قوّاتنا المسلّحة وتأهيلها وتجهيزها وتدريبها بما يمكّن من استباق المتغيرّات الداخلية والخارجيّة على المستوى الإقليمي والدولي.
حضرات السيدات والسادة،
إن الظروف الإقتصادية التي تمرّ بها بلادُنَا لها تَدَاعِيَاتُها على ميزانية الدّولة، إلا أن ذلك لا يُمكن أن يمثّل عائقا أمام تطوير قدرات المؤسسة العسكرية عبر اقتناء منظومات أسلحة دفاعية تَضْمَن ديمومة مرفق الدّفاع الوطني والإرتقاء به إلى مستوياتْ تَكفلُ مجابَهَةَ التهديدات الأمنية الداخلية والإقليمية وتمكّن المؤسّسة العسكرية من القيام بمهامها على الوجه الأفضل في حماية الوطن ومكافحة الإرهاب، فضلا عن المهمّات التكميلية والظرفية التي تؤدّيها.
السيدات والسادة النوّاب،
وتماشيا مع هذه الظروف الإقتصاديّة وسعيا منها للتّصدّي لكلّ المخاطر وتأمين حماية التّراب الوطني وتطوير قدرات الجيش الوطني والرّفع من مؤهّلاته، قامت وزارة الدّفاع الوطني بضبط إستراتيجيّة تمتدّ على عشر سنوات (2021-2030) في إطار رؤية استشرافيّة إعتمدت على تقييم موضوعي للواقع وإستشراف لدور المؤسّسة العسكريّة في أفق 2030 وتنقسم إلى تسعة محاور اهتمام رئيسيّة تتمثّل في:
1. تطوير القدرات القتاليّة للجيوش والرّفع من جاهزيّتها،
2. تطوير المنظومة القانونيّة والإداريّة بما في ذلك إعادة تنظيم الوزارة،
3. حوكمة التّصرّف في الموارد البشريّة،
4. إحكام الإحاطة بالموارد البشريّة،
5. النّهوض بالبنية الأساسيّة العسكريّة،
6. تطوير حوكمة التّصرّف الإداري والمالي ورقمنته،
7. تعزيز الدّور التّنموي للمؤسّسة العسكريّة وتطويره،
8. دعم البحث العلمي والتّصنيع العسكري،
9. تعزيز إنفتاح المؤسّسة العسكريّة على محيطها ودعم إشعاعها على المستوى الوطني والدّولي.
حضرات السيدات والسادة،
أغتنم هذه المناسبة، للتأكيد على دور المؤسسة العسكرية وجهود أفرادها من عسكريين ومدنيين من مختلف الرتب والأصناف منذ ثورة الحريّة والكرامة، في مكافحة الجريمة المنظمة وعمليّات التهريب والتصدي للهجرة غير النظاميّة والمساهمة في دعم المجهود التنموي وتعزيز أمننا القومي، إلى جانب تأمين مختلف الإستحقاقات الوطنيّة التي مرّت بها بلادنا.
واسمحوا لي أن أقدم لكم ومن الزاوية التي تعنينا كدفاع وطني، بسطةً حول الوضع الأمني بالبلاد وملخصًا لمجمل الأنشطة التي قام بها الجيش الوطني سنة 2024 في إطار مهامه الأساسية والتكميلية والظرفية.
يتسم الوضع الأمني العام بالبلاد بالهدوء الحذر، وذلك بفضل تنسيق وتظافر المجهودات التي تبذلها القوات العسكرية والأمنية وفق العمليات الإستباقية في مجال محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة.
وتُواصِلُ التشكيلات العسكرية تنفيذ عمليات متنوعة بصفة يومية بالمناطق العسكريّة المغلقة وفي المرتفعات لتعقّب ما تبقّى من العناصر المشبوهة وإخضاعها للضغط المتواصل وملاحقتها وشلّ تحركاتها.
وبالرغم من حالة الإستقرار التي تعيشها البلاد حاليا، فإن الوضع يستدعي البقاء على درجة من اليقظة والحذر لتثبيت وتدعيم الإستقرار، في ظل تنامي أنشطة التهريب والجريمة العابرة للحدود وموجات الهجرة غير النظاميّة، كلّ ذلك رغم المجهودات المبذولة والنتائج الإيجابية المحققة.
I. تدخلات الجيش الوطني إلى حدود 31 أكتوبر 2024
لقد اتسمت تدخّلات الجيش الوطني إلى حدود 31 أكتوبر 2024 بالتعدد والتنوع في عدّة مجالات:
1. في مجال محاربة الإرهاب
• تمّ تنفيذ 990 عملية بالمناطق المشبوهة بمختلف ولايات الجمهورية منها عمليّات واسعة النّطاق في المرتفعات، شارك فيها أكثر من 19.500 عسكري.
• النتيجة: كشف لمخيّمات قديمة، وتحطيم وإبطال مفعول 62 لغما يدوي الصنع وحجز تجهيزات ومواد مختلفة.
2. التصدي لعمليات التهريب
• تم منذ جانفي 2024 إيقاف 659 مهرّبا وحجز 304 سيارة وشاحنة تهريب وقُرابة 375 ألف قرص مخدر و03 مليون علبة سجائر بالإضافة إلى 121 ألف لتر من المحروقات.
3. في إطار مجابهة الهجرة غير النظاميّة
• الوحدات البرية
تمّ حتّى أكتوبر 2024، إيقاف 4102 مجتازا من أصول افريقية وعربية، 3250 منهم عبر الحدود الجنوبية الشرقية و852 عبر الحدود الغربية.
• الوحدات البحرية
نفذت 120 عمليّة إنقاذ وإحباط لمحاولات هجرة غير شرعية، أغلبها من منطقة الجنوب (103 محاولة إنطلاقا من السواحل التونسيّة و17 أخرى انطلاقا من دول الجوار)، وأغاثت وأنقذت 3189 فردا (1147 تونسيا و2042 أجنبيّا) كما انتشلت 25 جثّة.
ويتمّ في كلّ هذه العمليّات تسليم الأفراد والمحجوز إلى المصالح المعنيّة لاتخاذ الإجراءات الضروريّة في شأنها طبقا لمقتضيات التشريع النافذ.
4. في مجال مجابهة الكوارث الطبيعية (سنة 2024)
في مجال مقاومة الحرائــق: تدخلت الوحدات العسكرية في 07 مناسبات للمساهمة في إخماد الحرائق بمختلف المناطق بتوفير التجهيزات اللازمة والموارد البشريّة.
وفي إطار رفع وتحطيم مخلفات الحرب: تدخل مختصّو الهندسة العسكرية في 138 مناسبة بمختلف المناطق لـرفع وتحطيم 434 قذيفة كلّها من مخلّفات الحرب العالمية الثانية.
5. تأمين النقاط الحساسة ومواقع الإنتاج الحيويّة ومحطّات الإرسال المستغلّة من طرف وزارة الدفاع الوطني والجهات المدنيّة
• يتمّ تسخير أكثر من 2000 عسكري بمعداتهم لتأمين 39 موقع لإنتاج الطاقة (غاز وبترول) بتشكيلات عسكريّة قارة ودوريات متنقلة وتأمين 17 نقطة حساسة، و16 محطّة إرسال إذاعي وتلفزي.
6. دعم المجهود التنموي
يواصل الجيش الوطني إثبات نجاعته في مساندة البرامج التنموية ومعاضدة السلطة المدنية في المحافظة على المكاسب الوطنية، وبرز كعنصر أساسي في تأمين الاستحقاقات الوطنية في شتّى المجالات. فتفاعل كعادته إيجابيا مع متطلّبات المرحلة وعاضد مجهودات الدولة في دفع عجلة التنمية.
وبالإضافة إلى مدّ الطرقات والجسور بالمناطق الوعرة والمرتفعات والمناطق الصحراويّة وبناء االمصحّات الطبيّة وصيانة بعض المعالم الوطنيّة والتاريخيّة وترميمها، استثمرت الوزارة في مشاريع التنمية المستدامة ذات الطابع الحضاري والنموذجي من خلال إحياء المناطق الصحراويّة العميقة وبعد نجاح مشروع رجيم معتوق تمّ الإنطلاق في تركيز مشروع جديد مماثل بمنطقة المحدث من معتمديّة الفوّار. إلى جانب دورها في تكوين الفئات الشبابيّة عبر 14 مركز تكوين مهني عسكري آخرها مؤسّسة التكوين المهني في الغوص بجرجيس، دون أن ننسى مشروع التكامل في مجال صناعات الدفاع مع القطاع الخاص على غرار القطع البحريّة المصنّعة بكفاءات عسكريّة ومدنيّة تونسيّة.
وتمثّل هذه المشاريع قاطرة نموّ في عديد المجالات، باعتبار مساهمتها في تنمية الموارد البشريّة عبر منظومة التكوين المهني العسكري، ومعاضدتها من جهة أخرى للمجهود الوطني في ميدان التشغيل والتقليص من البطالة ومن ظاهرة هجرة الأدمغة إلى الخارج والإستفادة من مؤهّلات وقدرات الشباب التونسي من حاملي الشهادات في كلّ الإختصاصات والمجالات وترشيد النفقات العموميّة والمحافظة قدر الإمكان على الاحتياطي الوطني من العملة الصعبة.
II. مواصلة دعم القدرات العمليّاتيّة للجيش الوطني
رغم محدودية الموارد المالية تسعى هياكل الوزارة لاقتناء المعدّات والتجهيزات الضّروريّة للتّصدّي للتّهديدات والمخاطر، وتهيئة فضاءات التدريب والتكوين وميادين الرمي لتطوير قدرات العسكريين في مجال استخدامها، وفق مقاربة مدروسة توفّق بين ترشيد الإقتناءات والجدوى المطلوبة منها.
وترتكز هذه المقاربة على:
• إعادة تنظيم وانتشار الوحدات، وفقا لمتطلبات التوسّع العمراني ولمجابهة التهديدات والتعاطي معها.
• تعزيز قدرات الوحدات بمختلف إختصاصاتها بالمعدات والتجهيزات بما يمكنها من تحقيق الدفاع الذاتي والعمل في كلّ الظروف.
كما تم سنة 2024:
• إستلام طائرات استطلاع نوع " C208"،
• إستلام 2 طائرات نقل نوع "C130"،
• الشروع في تأهيل البنية الأساسيّة لمدرسة الطيران ببرج العامري،
• مواصلة تصنيع قطع بحرية بالتكامل مع القطاع الخاص،
• وتهيئة أرصفة بالمواني البحرية العسكرية،
• والقيام بعمليات صيانة للطائرات والخافرات البحرية.
• إقتناء مستشفيات ميدانيّة،
وستسعى المؤسّسة العسكريّة خلال السنوات القادمة إلى إستكمال إجراءات إبرام بعض الصفقات الخاصّة باقتناء عدد من المروحيّات متوسّطة الحجم ومواصلة تأهيل البنية الأساسية لبعض المنشآت العسكريّة على غرار مدرسة الطيران ببرج العامري وأرصفة بعض القواعد البحريّة، إضافة إلى تحقيق الإسناد الضروري لمنظومة المراقبة الالكترونية للشريط الحدودي مع السعي لإتمام انجاز الجزء الثالث منها في الجزء الرابط بين منطقتي بئر الزار وبرج الخضراء (177 كم)، ما سيمكن من توفير ظروف أفضل لمراقبة الشريط الحدودي بهذه المنطقة.
كما ستواصل وزارة الدفاع الوطني جهودها لتعزيز الرصيد البشري من خلال تكوين رجال الجيش وضبّاط الصفّ والضبّاط بمختلف المدارس العسكريّة ومؤسّسات التعليم العالي العسكري، فضلا عن تحقيق الإنتدابات اللّازمة من القضاة العسكريّين حتّى يواصل القضاء العسكري الاضطلاع بدوره في تمتين مناعة القوّات المسلّحة والمحافظة على مقوّمات الانضباط وجاهزيّة الجيش الوطني.
حضرات السيدات والسادة، النوّاب الأفاضل.
لقد تمّ ضبط تقديرات ميزانيّة مهمّة الدّفاع الوطني لسنة 2025، في حدود 4445 م.د بإعتبار كافّة مصادر التّمويل مقابل طلبات تمّ التعبير عنها من قبل مختلف برامج المهمّة في حدود 4732 م.د، وبالتّالي فإنّ نسبة تغطية الحاجيات بلغت 94%.
إجمالا، تبلغ نفقات التّأجير 2942 م.د وذلك بنسبة %66,65 من الحجم الجملي للإعتمادات المرسّمة، كما تمّ إفراد نفقات الإستثمار بإعتمادات قدرها 900,166 م.د دفعا، أي بنسبة %20 من المبلغ الجملي المقترح والتي تبقى عموما دون المأمول بالنّظر إلى التحدّيات والرّهانات والمخاطر والتّهديدات التي قد تواجهها البلاد التّونسيّة حاضرا ومستقبلا. أمّا بقيّة النّفقات المتّصلة بمجالي التّسيّير والتّدخلات، فقد تمّ ضبط مجملها في حدود 586م.د أي ما يُعادل نسبة 13%.
السيدات والسادة النوّاب المحترمون،
على الرغم من الزيادة في الحجم الإجمالي للميزانية بما يعكس درجة الإهتمام الذي توليه الدولة لمهمّة الدفاع في ظل الظرف الإقتصادي الراهن، إلّا أنّ ما نستنتجه من هذه الأرقام المقدّمة هو:
أولا، إستئثار نفقات التسيير والتأجير بالنصيب الأوفر من الميزانية.
ثانيا، إن الإقتناءات الكبرى ظلّت على مدى عقود مبرمجة على ميزانية الوزارة على حساب نفقات التسيير والصيانة والتدريب وغيرها.
ثالثا، إن صفقات الوزارة بخصوص الإقتناءات الكبرى تتميز بطول الإجراءات والتعقيد الفني حيث تستدعي القيام بدراسات تقنية معمقة لإختيار التجهيزات الأنسب والأكثر تلاؤمًا مع التهديدات الراهنة، ممّا يستدعي إجراءات خصوصية يتجاوز تنفيذها الإطار التقليدي السنوي.
لذلك فإن دعمكم التشريعي للمؤسسة العسكرية وتفاعلكم مع مشاغلها المتصلة بتوفير المعدّات الخصوصية المستجيبة لطبيعة التهديدات بمختلف أشكالها وبتحسين ظروف عمل وعيش العسكريين، يساهم في مزيد الرفع من معنوياتهم وتعزيز القدرات العملياتية للمؤسسة العسكرية بما يمكنها من مواصلة القيام بمهامها على الوجه الأفضل في حماية الوطن ومكافحة الإرهاب والتصدّي للجريمة المنظّمة والاتّجار بالبشر حفاظا على أمننا القومي.
أشكركم جميعا على حسن الإنتباه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- اكتب تعليق
- تعليق