الصراع في السودان يحتدم و يهدد بحرب اهلية واسعة النطاق
بقلم نورالدين المازني المتحدث السابق باسم الاتحاد الإفريقي في اديس ابابا - استئناف التحركات الدبلوماسية المكثفة، قمتان هذا الأسبوع، الاولى بدات اليوم في اديس ابابا والثانية يوم الخميس في القاهرة...
تبدو كل السيناريوهات مفتوحة في السودان امام غياب الحسم العسكري و خطر توسع هذا النزاع المدمر ليشمل اقاليم اخرى إلى جانب العاصمة وكل من دارفور وكردفان، صحيح أن الجيش السوداني يحقق تقدماً، ولو بطيئا، على الأرض بفضل استخدامه لسلاح الطيران الحربي، لكن يبدو أن قوى دولية وإقليمية ترى أن الإنتصار "الصريح" للجيش قد يكون على حساب التحول الديمقراطي الذي من المفترض أن يعيد الحكم كاملا الى المدنيين حسب ما نص عليه الاتفاق السياسي الاطاري الموقع في ديسمبر من العام الماضى، لذلك تحاول هذه القوى التحرك قبل فوات الأوان، وهو ما يفسر استئناف الأنشطة الدبلوماسية والسياسية في هذه الاونة...
لا اشاطر تماما هذا الراي لاعتقادى ان الدافع الرئيسي لاستئناف هذه التحركات، هو وجود مخاوف جدية لدى دول الجوار بصفة خاصة، من انفجار حرب اهلية شاملة تنعكس على أمنها واستقرار المنطقة باكملها و تجبر مئات الالاف من اللاجئين الجدد على اجتياز الحدود واللجوء اليها خوفا من اشتداد القتال.
مما لاشك فيه ان هذه التطورات العسكرية و الانسانية ستشكل ابرز المواضيع التي بدا في مناقشتها اليوم باديس ابابا، اللقاء الأول رفيع المستوى للجنة الرباعية حول السودان المنبثقة عن منظمة "ايغاد" وهو لقاء قاطعته الخرطوم لتحفظها على رئاسة كينيا لها بدعوى دعم الرئيس الكيني لقائد قوات الدعم السريع وتحالفه معه، و اتوقع شخصيا ان لجنة" ايغاد" لن تكون قادرة على تحقيق نتائج تذكر رغم حضور دولي واقليمي واسع، وذلك بسبب موقف الحكومة السودانية المبدئي الرافض للرئاسة الكينية و لخارطة الطريق التي وافقت عليها قمة "ايغاد" في الشهر الماضي وتبناها فيما بعد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، وتتضمن هذه الخارطة من بين أمور اخرى، اعلان الخرطوم بمدنها الثلاث منطقة منزوعة السلاح ونشر قوات أفريقية لحراسة المؤسسات الإستراتيجية بها وعقد لقاء مباشر بين قائدي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع دون شروط مسبقة، و هذا ما اغضب الحكومة السودانية(*) التي اعتبرت ان نشر قوات أفريقية على اراضيها بمثابة الاحتلال....
لذا قد تشكل نقاشات و مخرجات اجتماع اديس ابابا أرضية ملائمة من شأنها ان تساعد مؤتمر قمة دول الجوار الذي تحتضنه العاصمة المصرية بعد ثلاثة ايام من الان، في احراز اختراق مثل الحصول على موافقة طرفي النزاع على وقف دائم لوقف اطلاق النار من خلال اتصالات مباشرة وفورية مع قياداتهما، تلي ذلك مفاوضات فنية مباشرة لبحث التفاصيل العملية الخاصة بإيقاف شامل للقتال على الأرض، و هذا ما رسمته القمة المذكورة من أهداف تم الإعلان عنها بالأمس في القاهرة و اهمها بحث "سُبل إنهاء الصراع الحالي والتداعيات السلبية له على دول الجوار، ووضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار، لتسوية الأزمة في السودان بصورة سلمية، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى".
و مهما كانت محصلة هذه التحركات الإقليمية والدولية فإن مصير السودان سيظل بأيدي السودانيين أنفسهم، و عليهم في هذا الظرف الخطير الذي يواجهه بلدهم ان يغلبوا المصلحة العليا للوطن على اي اعتبار اخر ،، الخيار العسكري طريق مسدود باجماع الجيران الذين جربوه من قبل و كل الأطراف الاقليمية والدولية المتابعة للشان السوداني و تكلفة هذا الخيار باهضة جدا جدا...
* عضوية السودان معلقة في الاتحاد الافريقي منذ اكتوبر 2021 بسبب "الانقلاب" الذي قام به الجيش ضد الحكومة الانتقالية المدنية التي كان يقودها عبدالله حمدوك ..
نورالدين المازني
المتحدث السابق باسم الاتحاد الإفريقي في اديس ابابا
- اكتب تعليق
- تعليق