عبدالقادر المعالج: هل سيكون لنا في تونس ملوك طوائف؟
بقلم عبدالقادر المعالج - التاريخ لن ينسى أنّ العرب حكموا الأندلس طيلة ثمانية قرون لكن لسوء الحظ انتهى الأمر بطردهم وكان آخر أمير عربي الأمير عبدالله الذي أخرج من غرناطة سنة 1492 وعندما كان يستعد لمغادرة إمارته انهارت الدموع من عينيه مدرارا، نظرت إليه وقالت له "ابك مثل النساء على ملك لم تحافظ عليه مثل الرجال". لسائل أن يسأل ما معنى هذا الكلام الآن وما فائدته؟
الذي دفعني إلى هذا الكلام هو التصريح الناري الذي أدلى به مؤخرا الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين، هذا النقابي هدّد الحكومة بأنه سيغلق تطاوين و يوقف فيها العمل بكل الإدارات وجميع المؤسسات الاقتصادية وفي مقدمتها الشركات النفطية إن لم تستجب الحكومة بتوجيه وفد وزاري إلى تطاوين وفي جعبته حلول لكل مطالب المعتصمين بل إنّه نفذ تهديداته فعلا.
عقدت الحكومة مضطرة مجلسا وزاريا مضيقا واتخذت من القرارات ما يمكن لها أن تنفذه، ودون الدخول في تفصيل تلك القرارات فمن نافلة القول إنها لا تلبي كل المطالب التي تقدمت بها تنسيقية الاعتصام والاتحاد الجهوي للشغل الذي ركب على الحدث للتكفير عن المجافاة التي حصلت بين الجانبين أثناء اعتصام 2017، وكما يقول مثل فرنسي معروف فإنّ أجمل فتاة في الدنيا لا يمكنها أن تقدم إلا ما لديها، وحسبما ما سمعنا من التصريحات التي أدلى بها الطرفان فإن الموقف سائر نحو مزيد من التصعيد، وربما تضطر الحكومة إلى اللجوء لاستعمال العنف لأن غلق ما بقي من المنشآت النفطية هو انتحار للاقتصاد التونسي وقد يكون من المستحيل استعادة الأنفاس بعده.
أخطر ما يمكن أن ينجر عن تواصل الاعتصام بالكامور هو انتشار العدوى إلى مناطق أخرى مثل قفصة وسيدي بوزيد والقصرين ومدنين و بن قردان وغيرها من المناطق، وسيطالب المعتصمون في تلك المناطق كما حصل في اعتصامات قفصة المتتالية بنسبة من المداخيل المتواضعة التي توفرها الحقول النفطية في جهتهم، وهذا جرم في حق الوطن لأنّ ما في بطن أرض جهة من الجهات هو ملك للشعب التونسي بأسره وليس ملكا لجهة ما.
إنّ هذه العدوي لو حصلت لا قدر الله سينجرّ عنها بروز مناطق خارجة عن القانون، وقد تستعمل بعض الدول الأجنبية المتربصة بتونس وبأمنها هذا المعول التخريبي وستجابه تونس لا قدر الله وضعا شبيها بحال ملوك الطوائف في الأندلس التي ذهبت جفاء كما يذهب الزبد. أملنا أن لا ينحدر الوضع في تونس إلى هذا الدرك حمى الله بلادنا من كل شرّ.
عبدالقادر المعالج
- اكتب تعليق
- تعليق