مذكّرات الدكتور حامد القروي

كان الدكتور حامد القروي المناضل الوطني والوزير الأول السابق يتمنّى أن تصدر مذكّراته في قائم حياته، غير أنّ الموت الذي غيّبه يوم 27 مارس الماضي عن سنّ تناهز 93 سنة حال دون تحقيق أمنيته.

قبل أيام من وفاته وإثر خروجه من المصحّة، اطّلع الفقيد على النسخة النهائية من الكتاب قبل توجيهه إلى المطبعة، غير أنّ الظروف الاستثنائية التي تمرّ بها البلاد جرّاء تفشّي وباء كورونا، متسبّبة في شلّ الحركة في معظم القطاعات، أجِّلت عمليّة الطباعة.

منطلق هذه المذكّرات عشرة تسجيلات على الفيديو أنجزها السيد توفيق الحبيّب صاحب مؤسّسة ليدرز بمعيّة الصحفي القدير السيد عبد اللطيف الفراتي وقد استعرض فيها الدكتور حامد القروي مختلف أطوار حياته ومراحل مسيرته النضالية والمهنية والسياسية الطويلة، قائدا كشفيا ومناضلا في صفوف الحزب الدستوري منذ شبابه وصلب الاتّحاد العام لطلبة تونس، فطبيبا مختصّا في الأمراض الصدرية في مسقط رأسه سوسة التي سيكون رئيسا لبلديتها لفترة طويلة ورئيسا للنجم الرياضي الساحلي ونائبا عن دائرة سوسة في مجلس الامّة قبل أن يدخل الحكومة، بإلحاح شديد من الحبيب بورڤيبة، وزيرا للشباب والرياضة في 7 أفريل 1986 ثمّ مديرا للحزب الاشتراكي الدستوري في 27 أكتوبر 1987 قبل أن يعيّن سنة 1988 وزيرا للعدل فوزيرا أوّل في 27 سبتمبر 1989 خلفا للهادي البكوش. وقد بقي رغم مغادرته هذا المنصب في سنة 1999 نائبا أولا لرئيس التجمّع الدستوري الديمقراطي إلى غاية 5 سبتمبر 2008. وباعتباره شاهدا على عصره، كشف الفقيد في هذه التسجيلات العديد من الأسرار حول أحداث تاريخية عاشها. 

وقد عهد الدكتور حامد القروي إلى ابن عمّه أستاذ اللغة والآداب العربية عبد الجليل القروي بالجامعة التونسية بترجمة ما ورد في التسجيلات إلى اللغة الفرنسية لصياغة المذكّرات. وطوال الخمسة أشهر التي استغرقها التحرير دأب الأستاذ عبد الجليل القروي على الالتقاء بانتظام بالراحل ليعرض عليه ما كتب، فكان الفقيد يصوّب ما وجب تصويبه ويدرج في النصّ إضافات بشأن وقائع لم يرد ذكرها في التسجيلات.

الكتاب الذي تولّى تقديمه ونقل مضمونه إلى الفرنسية الأستاذ عبد الجليل القروي يقع في 240 صفحة وعنوانه «حياة في السياسة» (Une vie en politique). الكتاب الذي سيصدر عن دار سيريس للنشر زاخر بصور فوتوغرافية التقطت للدكتور حامد القروي منذ فترة شبابه ، بينما تظهر صورة الغلاف الفقيد وهو يلقي خطابا في منتدى دافوس عندما كان وزيرا أوّل. سيصدر الكتاب عن دار سيريس للنشر.