إن هذا لشيء عجاب: عندما يُحَاسَب الموهوب ولا يُحَاسَب الواهب

في الرابع من شهر مارس الجاري نشرت صحيفة "منبر جنيف" (La Tribune de Genève) في صفحتها الأولى خبرا كشفت فيه عن أن ملك إسبانيا المتخلّي عن عرشه سنة 2014 لفائدة نجله الأمير فيليب السادس يمتلك حسابا سريا في بعض البنوك السويسرية أخفى فيه، من جملة ما أخفى، مائة مليون دولار تلقّاها كَهِبَةٍ من إحدى الممالك الخليجية في أوت 2008.

وقد هزّ هذا الخبر العرش الإسباني، وأثار ضجّة كبرى في إسبانيا حيث طالب الائتلاف الحاكم وفي نفس الوقت عدد من أحزاب المعارضة بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في مدى صحة هذا الخبر، وفيما يثيره من شبهات فساد حول الملك خوان كارلوس.

ومن ناحيتها، سارعت العدالة الإسبانية إلى طلب تدقيقات من الجهات السويسرية المعنيّة حول الحساب الملكي السري...

كل ذلك يعتبر أمرا عاديّا... إذ ليس عجيبا في دول تؤمن بأن لا أحد فوق القانون، وبأن المذنب، وإن علا شأنه، لا يمكن أن يعفى من المساءلة والمحاسبة...

أما العجب العجاب فهو أن يثير الخبر كل هذه الضجّة في بلاد الملك "الموهوب"، وألاّ يكون له أي صدى أو ردة فعل في بلاد الملك "الواهب" الذي يتصرّف في أموال الدولة والشعب بلا رقيب ولا حسيب وكأنها أمواله الخاصة...

لَكَمْ هي شاسعةٌ المسافة بيننا وبين "دولة الحق والمؤسسات" التي تتطلع شعوبنا إلى قيامها، ولكن يبدو "أن قيام الساعة موعدها".

محمد ابراهيم الحصايري