المعادلة التـونسـيــة كيــف نصنـع المستقبل؟ رؤية متكاملة 20/2030
«المعادلة التونسية» هو عنـوان لآخـر ما أصدر الكاتب الصافي سعيد عن منشورات سوتيميديا (أوت 2019)، يمثّل رؤيته لمستقبل تونس 20/2030. ويبدو أنّ الكتاب نسخة جديدة ومعدّلة من كتاب مماثل أصدره الكاتب قبل خوضه الانتخابات الرئاسية سنة 2014 كان من منشورات عرابيا في نفس السنة وبنفس العنوان تقريبا «المعادلة التونسية: كيف نصنع المستقبل؟ - الرؤية 25 / 30» طرح فيه أيضا رؤيته لمستقبل تونس .لكنّ الناشر لم يشر في تحديد طبعة الكتاب الجديد إلى أنّه نسخة ثانية من الكتاب السابق بل حدّد طبعته على أنّها الطبعة الأولى. وللصافي سعيد مؤلّفات أخرى (بلغت 21 مؤلّفا) تناولت شخصيات تاريخية وسياسية أو دراسات تتعلّق بقضايا أساسية تهمّ تونس والعالم العربي أو تحاليل سياسية واستراتيجية أو دراسات مستقبلية أو كانت روايات.
يقع هذا المؤلف الجديد الضخم في 513 صفحة موزّعة على مقدّمة وأربعة أقسام وهو يفتقر إلى خاتمة. تضمّ أقسامه 35 فصلا 8 منها في القسم الأول وخصّصه المؤلّف لتحليل الوضع القائم في بلدان الربيع العربي وخاصّة تونس وقدّم مقترحات لتغيير ذلك الوضع. وطرح المؤلّف في القسم الثاني الذي يشتمل على 11 فصلا فكرة الديمقراطية الجديدة وعلاقتها بالدولة واستعرض المظاهر التي تؤثّر في سلطة الدولة. أمّا القسم الثالث ذو الـعشرة فصول فركّز خلاله فيه رؤاه المستقبلية المتعلّقة بالديموغرافيا والدبلوماسية والتنمية والبيئة والإرهاب وثروات تونس الطبيعية وختم رؤاه بالإجابة في القسم الرابع الذي يحتوي على 6 فصول عن سؤالين مهمّين: هل أنّ تونس فقيرة فعلا؟ وما هي الآفاق بالنسبة إلى تونس 2030؟
صدّر المؤلّف كلّ فصل بملخّص لمحتواه في بضعة أفكار تيسَر قراءته وكانت 20 منها مشفوعة بنصوص مكمّلة أو داعمة أو شارحة لطروحات الكاتب وأغلب تلك النصوص من كتاباته السابقة والبعض الآخر لكتّاب مشاهير آخرين من العالم ولم يغفل عن إدراج نصّين يوثّقان مشاركته في ندوتين بدعوة من مؤسّسة عبد الجليل التميمي للبحث والمعلومات إضافة إلى وثائق إحصائية مختلفة. ويختم الكاتب كلّ فصل بقائمة المراجع التي اعتمدها في الفصل لتمثّل مرجعا للقارئ لكنّه لم يطبّق في تدوينها قواعد البيبلوغرافيا العلمية بدقّة.
ورغم أنّ عنوان الكتاب يشير إلى أنّنا أمام برنامج انتخابي مستقبلي لتونس إلاّ أنّه يصعب تصنيف الكتاب كذلك فقد تناول الصافي سعيد في هذا المصنّف الحالة التونسية من زاويتين متداخلتين، شخّصت الأولى السياق التونسي ضمن السياقات العربية والإقليمية والدّولية بناء على الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي عاشتها تونس وكيف أنّ القانون السائد فيها هو قانون الإفلات من العقاب حتّى أصبح الفساد وعدم العقاب ثقافة. وتناولت الزاوية الثانية استشراف مستقبل تونس إلى حدود سنة 2030 وما بعد ذلك. ومن خلال هذا التصميم يطرح المؤلف ما - أسماه - المعادلة التونسية التي من شأنها أن تنهض بتونس بعيدا عن الشعارات والتحزّب ويعرض رؤيته المستقبلية لتونس في علاقة بالقضايا الأساسية التي عاشها الشعب التونسي منذ ما قبل الاستقلال وصولا إلى فترة ما بعد ثورة 2011 وعلاقتها بالتحديات الوطنية والإقليمية والدّولية الراهنة مستثمرا في ذلك تجاربه الفكرية وحيرته الفلسفية ومغذّيا أفكاره بخلاصة تنقّلاته خارج تونس وزيارته عديد العواصم شرقا وغربا شملت البلدان النامية وكذلك البلدان الغربية المتقدّمة ومستلهما من كتاباته وحواراته الصحفية مع عديد الزعماء العرب مما أكسبه خبرة سياسية وثقافية وفكرية أطلقت العنان لتساؤلاته حول ماضي تونس وحاضرها ومستقبلها.
لقد انطلق الكاتب في تحليله الوضع القائم من الإطار الجيوسياسي الذي ساهم في ولادة الربيع العربي وأسباب ذلك وعلاقته بالصراع في الشرق الأوسط وبتحدّيات الإسلام السياسي واستنتج أنّ مراهنة الغرب على الإسلام السياسي أفرز حقيقة هي أنّ الإسلاميين «غير جاهزين ولا ناضجين للحكم» وأنّ الثورة بالنسبة إلى الحالة التونسية لم تقطع مع الماضي وتمّ الغدر بها فلم يؤل الأمر إلى قيام دولة جديدة ولا نظام سياسي جديد وأنّ السياقات الجديدة كشفت «عن توتر العلاقة بين النخب والشعب» في تونس وفي بلدان الربيع العربي واستنتج أنّ الثورة في تونس «ثورة بيضاء أنتجت دولة عرجاء....فشلت بسبب وصول تيّارات محافظة السلطة»، وأنّ الشعب اكتشف «أنّ الدستور قد لا يغيّر شيئا لأنّه كتبته الأحزاب... ولأنّه لا يرى نفسه فيه» واعتبر أنّ الدستور «بدون استفتاء شعبي يبقى كومة من الألغاز والأفخاخ» واقترح الكاتب تنقيح الفصل الأوّل من الدستور على أساس أنّ تونس دولة مدنية مستقلّة نظامها جمهوري وشعبها دينه الإسلام . وأشار الكاتب إلى حاجة تونس إلى زعيم منقذ ونخب حكيمة وإلى ضرورة القيام بثورة سياسية ودعا النقابات إلى التخلّي عن التذمّر والاحتجاج وحثّها على التشجيع على بعث المشاريع الكبرى ذات الصبغة الاستراتيجية. لينتهي به المطاف إلى طرح المعادلة التونسية التي يقترحها لمستقبل أفضل لتونس.
يعرفها بأنّها معادلة السلم الأهلي والاستقلال السياسي والتنمية المتوازنة والمتدامجة والمسار الديمقراطي والعدالة الاجتماعية. وتتمّ المعادلة حسب الكاتب بإعادة الاعتبار للمعنى الموضوعي للوسطية الجغرافية لتونس ولموقعها الجيوسياسي المحوري ممّا يسمح للدولة بنظرة جديدة لكيفية استخدام الثروات وإعادة توزيعها بشكل عادل على المناطق باعتماد ما أسماه الكاتب التقسيم الإداري العرضاني (6 أقاليم مطلّة على البحر) وشدّد الكاتب على أنّ تونس تعاني من عجز في التحكّم في ثرواتها الطبيعية المتاحة والتي تبقى مجهولة الحجم بسبب غياب خارطة واضحة لها ودعا إلى أن تستردّ تونس سيادتها على ثرواتها الطبيعية والباطنية وأن تصبح مصدرا متقدّما في إنتاج الطاقة النظيفة كما دعا إلى اعتبار السياسة الخارجية رؤية مستقبلية للرهانات الكبرى التي تواجه تونس لبناء الأمن القومي الكبير مؤكّدا أنّ جيشا فعّالا ومحترفا هو العمود الفقري لقوّة الدولة ومناعتها. وأشار الكاتب إلى أنّ النظام الجمهوري مكسب لا بدّ من تحصينه ضدّ الاستبداد وشحنه بقيم الديمقراطية والعدالة وتطبيق اللامركزية في العمل لتصبح السلطة متقاسمة بين الأقرب والأبعد عن المركز. واقترح أن تتوجّه تونس إلى التنوّع الاقتصادي وإلى تحرير الإدارة من البيروقراطية وإلى إعادة تنظيم العاصمة وتأهيلها لتصبح قادرة على استيعاب تحوّلات المستقبل.
وانتقد المؤلّف الديمقراطية الحزبية ووصفها بأنّها تبعث على ترهّل أركان الدولة وعلى ظهور الإرهاب. وقال إنّ على تونس أن تعتني بالديمقراطية وتطورها وتحافظ عليها وتشحنها بالعدالة الاجتماعية وأن تتمسك بالقانون والمؤسّسات. وعرّج على فهم التونسيين للديمقراطية فقال إنّهم فهموها بطريقة خاطئة وبالتالي طبّقوها بطريقة خاطئة وسبب ذلك حسب رأيه أنّ كلّ الذين يسيّرون تونس حاليا ليسوا أبناء الثقافة الديمقراطية وأنّ من أتوا للحكم لم يأتوا في أغلبهم بطريقة ديمقراطية لكن أتوا بالتعيينات والقرابة والولاءات والتنظيم الحزبي. وأشار الصافي سعيد إلى أنّ تونس توجد اليوم في منعطف تاريخي دقيق وعليها أن تختار طريقها نحو المستقبل قبل أن تسير في الاتّجاه الخاطئ ممّا يحتّم عليها معرفة محيطها الإقليمي والدولي وكذلك إمكاناتها وثرواتها وموقعها مِؤكّدا أنّ مستقبل تونس سوف تؤثّر فيه «الصدف والكوارث والمواسم الجيدة ومستوى الحوكمة والتخطيط والجيران والأصدقاء والأعداء والتحوّلات العميقة في الداخل والخارج ومدى الاستعداد لها والتكيّف معها مثل التحوّلات التكنولوجية والطلب المتزايد على الغذاء والماء والطاقة حتّى تكون تونــس ما سوف تكون عليه بالإضافة إلى «تناثر الدولة التي قد تجد نفسها في صدام جديد مع الطبقة الوسطى في العقدين القادمين».
وحثّ المؤلّف الدبلوماسية التونسية، وفي إطار دفاعها عن مصالح الدولة، على أن تجعل من التعارضات أرضا للتسويات واعتبر الدبلوماسية الحقيقية هي تلك التي تخدم التنمية والأمن القومي. ودعا الحكومات التونسية المقبلة إلى أن تراجع علاقاتها مع أوروبا وتترك التبعية لفرنسا وأن تتّجه إلى روابط اقتصادية أخرى نحو الشرق (الصين وماليزيا والهند) ونحو الجنوب (إفريقيا) ببناء تعاون ثلاثي مع ليبيا والجزائر أطلق عليه تحالف الجغرافيا والطاقة والخبرة والمال، مشيرا إلى أنّ تونس تستطيع أن تصبح أكبر مواني جنوب المتوسّط وأن تبني أكبر مطار ترانزيت في شمال إفريقيا لتحصل على حصّتها من السياحة والتجارة في المتوسّط. وحذّر الكاتب من الديموغرافيا وأثر الكثافة السكانية على النموّ في تونس ودعا إلى البحث عن منوال جديد للتنمية بإعادة الاعتبار للقطاع الفلاحي ومضاعفة الاستثمار فيه لإنتاج الثروة والحفاظ على الأمن الغذائي والثروة المائية (الذهب الأزرق)، معتبرا أن تونس ليس لديها ماء ولكن لديها الشمس التي يمكن بها توليد الماء. كما تحتاج تونس حسب رأيه إلى الطاقة النووية لتحلية المياه وإلى وضع سياسة سدود. وأشار إلى أنّه لا تنمية بدون بيئة نظيفة. ووصف الديون بأنّها طاعون التنمية لأنّه ليس هناك تنمية تبنى على القروض التي يعتبرها طريقا للاستعمار والتحكّم في مستقبل البلاد .ولمواكبة التطورات التكنولوجية دعا الصافي سعيد إلى أن تنتقل تونس إلى نموذج مدن المعرفة والذكاء وجعله جزءا لا يتجزّأ في سياسات التنمية واقترح مدينتي قرطاج والقيروان لتحويلهما إلى مدينتين للمعرفة وإنتاج الذكاء في المغرب العربي عن طريق تشجيع الإبداع والتشارك والتجديد والتحديث بالتفاعل مع مواطنين من مدن أخرى.
وخلص إلى مقولة «تونس تستطيع» تحقيق ذلك لكنّ الحكومات السيّئة ومستوى الثقافة المتدنّي وعدم امتلاك الرؤية وسياسة الحدّ من الطاقات المبدعة هو الذي قاد إلى العجز والفشل الذي تعيشه تونس وجعلهـا لا تستطيع.كما أنّ تونس حسب رأيه قادرة على أن تقلع وتنهي علاقتها بخرافات الماضي لأنّها بالنسبة إليه ليست دولة فقيرة ولكنّها غنيّة بموقعها وثرواتها.
تتقاطع في هذا الكتاب ملامح الصافي سعيد السياسي والروائي والصحافي والمفكّر إلاّ أنّك بعد قراءته تجد صعوبة في تصنيفه فهو في نفس الوقت مؤلّف أدبي في لغته وأسلوبه الجذّاب وخياله وكتاب فلسفة في أفكاره وكتاب تاريخ الحضارة الإنسانية في مرجعياته وكتاب اقتصاد في طروحاته الاقتصادية وكتاب استراتيجيا في إسقاطاته وتصوّراته المستقبلية لذلك لم يكن مضمونه جافّا وإنّما امتزج بما يمتع القارئ ويثقّفه عندما يسافر به الكاتب ذهابا وعودة بين استنطاق الماضي وقراءة الحاضر في حكايات يكشف له فيها خفايا الأحداث ويريحه في النهاية من تعب تلك الرحلة بانجلاء المشهد المستقبلي الذي يصوّره له رغم أنَ المؤلّف لم يبوَب رؤاه ولا مضمون كتابه وفق مجالات محدّدة تفصل بين الواقع والمنشود لنجد تداخلا في المجالين في جلّ فصول الكتاب مع التركيز على الرؤية المستقبلية في القسمين الأخيرين. ولعلّ ذلك التراشح بين الأقسام كان سببا في عدم عنونة المؤلّف أقسام كتابه.
كما يشهد هذا الكتاب للصافي سعيد بثقافة موسوعية يرهق القارئ تتّبعها لكنّها تمتعه وتثري معارفه لتجعل من الكتاب وثيقة مرجعية مهمّة ووجيهة لكلّ سياسي يريد وضع برنامج مستقبلي لتونس فهو بمثابة النبراس الذي يضيء له الطريق إلى عوالم لا مهرب من دخولها لفهم الواقع دون أن نغفل انتماءاته وخياراته الأيديولوجية ألم يقل يوما: «أنا خلطة تمزج بين العروبة والإسلام والوطنية والاشتراكية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان».
ونصل إلى انطباع في النهاية أنّ معادلة الصافي سعيد ثرية المضمون ينقصها التبويب المنهجي العلمي واقتراح طرق التطبيق على أرض الواقع الذي كان سيجعل منها وثيقة فكرية ومنهجيّة أيضا.
ورقـات من كتاب
ما دمنا نفكّر بطريقة تقليدية في التنمية وبطريقة قطاعية في التشغيل وبطريقة أكاديمية في احتساب نسب الاحتياطي النقدي بطريقة ديماغوجية في الديون الخارجية وبطريقة رعوانية في التجارة الخارجية، وما دمنا ننظر للدولة على أنها الأم الراعية وإلى بعض القطاعات كالسياحة والزراعة على أنها تابوهات لا يمكن الاقتراب منها فإنّنا نكون قد حكمنا على بلادنا بالتخلّف المؤبّد. (ص 108 - 109)
إن نجاح أية تنمية يعتمد على البحث العلمي والبرامج الكبيرة والمشاريع الكبرى والإدارة الفعالة والمستوى العالي للموظفين وتطوير نظام التعليم وتنويع فروع الاقتصاد والذهاب إلى إنتاج اقتصاد الذكاء اللامادي، والبحث عن شركاء جدد وأسواق جديدة وضبط ساعات العمل والإنتاج والقدرة على التوقع وامتصاص الازمات المصدرة من الخارج وتعصير القوانين وتحيين الإصلاحات. وهذا كله من شأنه أن يرفع مرتبة تونس من الطبقة الوسطى في شريحتها الثانية في سلم بلدان العالم الثالث إلى الشريحة الأولى من الطبقة الوسطى عالميا في مدة زمنية لا تزيد عن ربع قرن من الآن... وبلغة المؤشرات والأرقام من المحتمل أن تحقق نسبة نمو سنويا تزيد عن 8 % ليبلغ الدخل الفردي نحو 10 آلاف دولار. وهذا ما يؤهلها لكي تكون بلدا ينتمي إلى فئة البلدان التي تجمع بين الديمقراطية المستقرة والرفاهية المستمرة. (ص 371)
إنّ سقف (8 مليارات أو 10 مليارات دينار) يمكن بلوغه عن طريق تفعيل قانون الضرائب (3 مليارات دينار) وإعادة تأهيل ومراجعة النظر في عقود الفوسفاط والغاز والبترول (نحو 5 مليار دينار). كما أنّ مكافحة التهريب بإمكانه أن يوفّر للدولة دخولات تتجاوز الـ 3 مليار دينار. أما التأشيرات على دخول الأجانب ورفع ضريبة الإقامة بالنسبة إلى الأجانب فمن شأنها أن توفر للدولة أكثر من 4 مليارات دينار (يمكن إعطاء التأشيرة في المطار كما تفعل معظم الدول بعد الدفع). أما الخدمات وخاصة الصحّة والتعليم فيمكن مضاعفة أسعارها بالنسبة إلى الأجانب المقيمين كما تفعل معظم الدول. على أنّ تنشيط التجارة الإقليمية وتنشيط السياحة والرفع من أسعارها يمكن أن تحقق أرقاما كبيرة تتجاوز الـ 4 مليارات دينار. كما أنّ إعادة النظر في صندوق التعويضات والدعم باتت ضرورية . أما إعادة النظر في كيفية وجدولة سداد الديون الخارجية فقد أصبح «مهمَة نضالية». فتعليقها لمدة تتراوح بين الـ5 و 7 سنوات أو تأجيل مواعيد سدادها بدون احتساب الفائدة أو إعادة دمجها في الاستثمارات من شأنها أن تجعل الحكومة التونسية تتنفس الصعداء من أجل وثبة كبرى في تحقيق التنمية .. (ص 385 )
إنّ مستقبل تونس السياسي هو الذي سيحدّد في النهاية مدى ديناميتها على الساحة الدولية. فإذا سارت التجربة الانتقالية نحو ديمقراطية تشاركية قويّة فإنّ البلاد قد تصبح قطب جذب نحو الاستقرار في منطقة تمتدّ من بلدان جنوب الصحراء إلى بلدان غرب آسيا أمّا إذا تحوّلت الديمقراطية التونسية إلى بازار كاذب فإنّها لن تستطيع أن تخرج من الشرنقة أو تحمي نفسها من الفوضى، علينا أن ندرك جميعا أنّ تجربة الإسلام السياسي قد مضت ومضى معها كلّ تعصّب وأنّ ما يسمّى بالإسلام السياسي قد بات مرفوضا من خلال التجربة سواء في الجزائر أو تونس أو مصر أو ليبيا أو سوريا أو حتّى فلسطين. لقد لعب الإسلام على الطبقات الدنيا من المجتمع إلاّ أنّ الطبقة الوسطى قد تصدّت له وأسقطته بأشكال عدّة. إنّ البراغماتية السياسية هي التي ربحت في بلاد الربيع العربي (ص 435)
إنّ الاكتفاء بعلاقات باردة مع بلدان المغرب العربي والنأي بالنفس عن الشرق الأوسط وعدم الذهاب إلى إفريقيا ودول «البريكس» وعدم مراجعة علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي أو فرنسا فيما يتعلّق بالهجرة والإرهاب والمبادلات والديون. كلّ ذلك لا يشجّع على القول بأنّ تونس ستنطلق أو ستقلع باقتصادها وتنميتها. كما أنّ عدم إصلاح البنوك وعدم إصلاح قوانين الاستثمار وعدم فتح الملف الزراعي أو السياحي وعدم المساس بمنهجية التعليم ومضامينه هو أيضا لا يعطينا أيّ انطباع بأنّ هناك من سوف يتجرّأ على فتح كلّ هذه الملفات المحرّمة.... إن سيناريو الدولة الراكدة هو أن تعتقد أنّك تسير بينما أنت واقف فيما العالم الآخر هو الذي يسير ويتقدّم. (ص 506)
خالد الشابي
- اكتب تعليق
- تعليق