بعد كارثة الانتخابات الرئاسية...هل تستخلص العائلة الديمقراطية بعض الدروس في التشريعية؟
لقد تميزت الانتخابات الرئاسية بتشتت مهول للعائلة الديمقراطية جعل العديد منا- وقبل أسابيع من موعد الانتخابات- يقوم بمبادرات مختلفة ( مقالات- نداءات ممضاة من طرف مآت المواطنين ...) يطلق صيحة فزع و "يناشد" المترشحين من عائلتنا السياسية و الفكرية إلى تغليب المصلحة الوطنية ونكران الذات والاتفاق على مرشح واحد من بينهم أو على أقصى تقدير مرشحين اثنين لتتجمع اصواتنا حوله فتتوفر له حظوظ حقيقية للمرور إلى الدور الثاني ونضمن بذلك حضور ممثل عن المشروع الوطني التونسي وحتى الفوز برئاسة الجمهورية.
وكما يعلم الجميع فإن نداءنا وكذلك مبادرات غيرنا لم تسمع وأصر المترشحون على الإبقاء على تعدد الترشحات فتشتت أصواتنا بينهم مما أدى إلى النتائج الكارثية التي أسفر عنها الدور الأول ووقوع العائلة الديمقراطية اليوم في مأزق لا تحسد عليه و المتمثل في بقاء مترشحين أقل ما يقال عنهما أنهما لا ينتميان البتة إلى عائلتها ..
وبالنسبة للانتخابات التشريعية التي ستجرى يوم الأحد القادم فقد تميزت هي أيضا بالارتفاع المشط لعدد القائمات حيث بلغ عددها أكثر من 1500 قائمة بين حزبية وائتلافية ومستقلة مما يهدد ببروز برلمان مبعثر ليس فيه أغلبية قادرة على تشكيل أغلبية حكومة مستقرة تستند الى أغلبية برلمانية.
كما أن ظاهرة التشتت طغت أيضا لدى القوى الديمقراطية فتعددت قائماتها وتوزعت بين قائمات حزبية وائتلافية ومستقلة -دون أن يكون ذلك تعبيرا عن اختلافات جوهرية بينها- مما قد يؤول مرة أخرى إلى تشتت أصوات ناخبي العائلة الديمقراطية بين هذا الكم من القائمات وألى الحد من إمكانية تشكيل كتل ديمقراطية منسجمة و فاعلة داخل المجلس.
وأمام هذا الوضع المهدد لحضور قوي وفاعل لنواب يمثلون عائلتنا الديمقراطية والتقدمية في المجلس القادم ولمستقبل الانتقال الديمقراطي بأكمله فإننا نتوجه بدعوة أخيرة إلى القوى الديمقراطية بمختلف مساراتها التاريخية وتوجهاتها السياسية الى الوعي بأن ما يجمعها أمام التحديات الوطنية التي تواجهها بلادنا- خصوصا على ضوء نتائج الانتخابات الرئاسية- أهم بكثير من الاختلافات الحزبية والفئوية والشخصية التي تفرق بينها و أن تقر بأن الواجب الوطني كان يفرض عليها العمل على تلافي هذا التشتت القاتل.
أما اليوم -وفي صورة اعتبارها أن امكانيات التفاهم والتنازل قد تضاءلت أو انتفت - فإنها مطالبة على الأقل ببعث رسالة الى ناخبيها للتخفيف من تخوفاتهم و تطمينهم بأنها واعية بضرورة التقارب والعمل المشترك مع بعضها وذلك بالتزام من يتم انتخابهم من المترشحين التزاما جديا بتكوين كتلة ديمقراطية موحدة داخل البرلمان سواء لتشكيل أغلبية حكومية أو للقيام بمسؤولية المعارضة الناجعة على أرضية واضحة أساسها الدفاع عن المشروع الوطني التونسي الديمقراطي والتقدمي والاستجابة فعلا لا قولا لمطالب شباب الثورة.
هشام سكيك
جامعي ومواطن من العائلة الديمقراطية التقدمية
- اكتب تعليق
- تعليق