أخبار - 2019.06.08

أين تونس من مهن المستقبل؟

أين تونس من مهن المستقبل؟

يعتبر الباحثون أنّ التطوّر الهائل الذي سيعرفه عالم الشغل وبالتالي العالم الاقتصادي مستقبلا سيساهم في حلّ مشاكل التشغيل في العالم وسيحدّ من البطالة في عديد الدول رغم أنّه سيقضي على المهن التقليدية والمحدثة في السنوات الأخيرة. لكنّ هذا التطوّر بالنسبة إليهم سيكون له آثار سلبية في المجتمعات إذ أنّه لن يساهم في تقليص الفوارق بين الطبقات الاجتماعية بل سيستغل السياسيون التشبيك على الانترنيت وتلك الفوارق لتجنيد المناصرين لهم ممّا يساهم في تدنّي قيم مثل التسامح والتنوّع وقبول الآخر وظهور صراعات قد تؤثّر في نشر قيم حقوق الإنسان. كما ينتظر ارتفاع منسوب التوتر الداخلي بين أفراد المجتمع الواحد والخارجي بين الدول لتشعب الرهانات  وسيبرز تزايد مخيف لهجرة الكفاءات من الجنوب إلى الشمال إضافة إلى تطوّر التهديدات الالكترونية عبر شبكة الانترنيت ممّا يهدّد أمن الدول بفعل القرصنة والفيروسات. أمّا المشكل المطروح منذ الآن والذي يزعج العلماء فهو ناجم عن الخوف من سيطرة الروبوتات على الإنسان في المستقبل وخروجها عن سيطرته.

أين نحن في تونس من هذا التطوّر؟

أمام هذا التطوّر الحديث والمستقبلي الهائل في سوق الشغل يطرح سؤال مهمّ بالنسبة إلى الناشئة في تونس وهو كيف يمكنهم الاندماج والنجاح في هذا المحيط الجديد؟

نظرا إلى أنّ البطالة هي صورة لعدم التوازن الحاصل بين التعليم وسوق الشغل بات من الضروري إعادة هذا التوازن من خلال الاستعداد الجيّد للمهن الجديدة المستقبلية التي تمثّل فرص عمل أخرى للشباب التونسي وذلك بتطوير تكوينهم المعرفي حتّى يتماشى مع التحوّلات الجديدة لسوق الشغل والتطوّرات المتسارعة التي يعيشها. وهذا يدعو إلى الإجابة عن سؤال نطرحه على أنفسنا اليوم في تونس هو: كيف نريد أن تكون مواردنا البشرية سنة 2050؟ وماهي الكفايات الحياتية والتكنولوجية والمعرفية التي يحتاجونها؟

الكفايات والمهارات المطلوبة للتأقلم مع المهن الجديدة

يستوجب عالم المهن الجديدة إرساء تغييرات في التكوين الشخصي للطفل التونسي الذي سيجد نفسه في سوق الشغل سنة 2050. يستوجب ذلك إكسابه كفايات ومهارات تساعده على التأقلم مع المحيط الجديد للعمل باعتبارها السمات الشخصية الضرورية للنجاح في أي عمل. وقد حدّدت قمّة دافوس في جانفي 2016 في تقرير لها حول «مستقبل المهن» عشر مهارات حياتية أساسية لا بدّ أن تتوفّر للمتعلم أثناء تكوينه وهي: القدرة على حلّ المسائل المعقدة والإبداع والتمتع بالفكر النقدي والمرونة في علاقة بالمعرفة والتواصل مع الآخر والاستقلالية والذكاء الوجداني والقدرة على اتخاذ موقف أو قرار والقدرة على التفاوض والاستقلالية وهناك مهارات أخرى من الضروري توفّرها نظرا لأهميتها كالقدرة على العمل ضمن فريق والعمل التشاركي والإصغاء وحبّ المنافسة والقدرة على التكيّف ودقّة الملاحظة والقدرة على التكوين الذاتي. ويتطلب اكتساب هذه المهارات الحياتية مرافقة المتعلم بتكوين معرفي ملائم للمهن المستقبلية ينطلق منذ التعليم الابتدائي والعمل على توجيهه إلى الشعب المدرسية والجامعية التي تتلاءم مع نتائجه وكذلك مع ميولاته ورغباته واهتماماته وسماته الشخصية وعالم المهن المستقبلي. وهذا يتطلّب:

  • بعث شعبة هندسة الروبوتات في التعليم العالي. كما تصبح مادّة الروبوتية إلزامية في الشعب العلمية المدرسية لأنّها مقياس تقدّم الشعوب في المستقبل،
  • تعميم تدريس الطاقات المتجدّدة منذ الابتدائي،
  • تطبيق نموذج جديد لاكتساب المعرفة لا يعتمد على الكم وإنّما يركّز على نوعية المعرفة المقدمة ويضع اكتساب كفايات التكنولوجيات الحديثة أساسا للتعلّم،
  • تطبيق مبدإ الكفاءتين معا أو المقاربة متعدّدة الاختصاصات في تكوين الطالب في التعليم العالي كأن يتلقّى الطالب تكوينا ليصبح مهندسا ومتصرفا في الوقت نفسه بما يجعله متمكّنا من التقنية ومن القيادة والتسيير وقادرا على التكيّف والتجديد في محيطه المهني.
  • فرض الإعلامية كمادة رسمية تدّرس فعليا بكلّ فروعها منذ التعليم الابتدائي بما في ذلك البرمجة وتمكين التلميذ من شهادة قيادة الكمييوتر المعمول بها في عدّة منظومات تربوية،
  • مراجعة الشعب المدرسية وتغييرها بما يتوافق مع المهن الجديدة،
  • تعديل مسارات التوجيه الجامعي بإحداث شعب جديدة تتماشى والتطوّرات المتسارعة الحاصلة في سوق الشغل،
  • اعتماد التصنيف الوظيفي للمهن عموما والمهن الجديدة خصوصا،
  • دعم التعليم التكنولوجي الذي يؤهّل لبكالوريا تؤدّي إلى كليات الهندسة أو المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية.

خالد الشّابي

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.