الصحبي الوهايبي: أيــن نحــن الآن؟
في سلّة منطاد يطير كان هناك بعض الرّجال لا يعرفون إلى أين يذهبون؛ فلمّا لمحوا رجلا على الأرض نزلوا بالمنطاد قريبا حتّى لامسوا فنن الأشجار، وصاح أحدهم يسأل الرّجل: «عذرا. هل تستطيع أن تساعدنا؟ لنا موعد هامّ! تأخّرنا كثيرا ولا نعرف أين نحن الآن؟»، فرفع الرّجل رأسه إليهم وأجاب: «أنتم الآن في سلّة منطاد على ارتفاع عشرة أمتار عن الأرض تقريبا؛ وبالضّبط 10 درجات وتسعة أعشار شرقا و36 درجة وثمانية أعشار شمالا»؛ فقال الرّجل راكب المنطاد: «لا بدّ أنّك مهندس، هذا ظاهر من إجاباتك العلميّة؛ ولكنّها لن تفيدنا في شيء؛ فنحن مازلنا لا نعرف أين نحن بالضّبط»؛ فقال الرّجل الواقف على الأرض: «صحيح أنا مهندس؛ وأنتم لا بدّ أنّكم أعضاء حكومتنا الجديدة»؛ فردّ راكبو المنطاد في اعتزاز وكبرياء: «صحيح. كيف عرفت ذلك؟»، فقال الرّجل: «بسيطة! لأنّكم لا تعرفون أين أنتم ولا إلى أين تذهبون! وصلتم إلى موقعكم هذا بتسخين الهواء وخلطه وخضّه! تضربون موعدا ولا تعرفون كيف تصلون ومتى تصلون وتعوّلون الآن على النّاس في الأسفل ليدلّوكـــم إلى الطّريـــق الصّواب! الآن تحمّلوننا نحن تحتكم مسؤولية سيركم وطيرانكم».
متى يصل الرّخاء؟
في بلاد عجيبة تنتصب بناية شاهقة بأربعين طابقا (في تــونــس ليس لنا، بعدُ بناية بأربعين طابقا)، هي البناية الأسمق في تلك البـلاد؛ ويقول النّاس هناك: «إنّ أسعد رجل في المدينة هـــو حـارس تلك العمارة، مهمّته بسيطة، يجلس في أعلى نقطة يستكشف الآفاق البعيدة منتظرا وصول الرّخاء إلى تلك الرّبوع ليزفّ الخبر إلى المسؤولين فيخرجوا لاستقباله وفق ما يليق بالمقام!»؛ غير أنّ الرّخاء لم يصل! وكان الموسم السّياحيّ كئيبا ذلك العام، لولا مجموعة من السّياح الأمريكان زاروا تلك البناية التي كانت مبعث فخر الحكومة؛ وصعد السّيّاح إلى الطّابق الأربعين حيث الحارس السّعيد يقول لهم إنّه يستكشف منتظرا وصول الرّخاء إلى بلاده وإنّ أجرته في الشّهر مئة وعشرون دينارا؛ فقالوا له: «تعال معنا إلى أمريكا إلى أعلى بناية عندنا تستكشـــف لنا وصــول الأزمة ونحن نمنحك ستّة آلاف دولار في الشّهر!»، ففكّر الرّجــل مليّا ثمّ قال لهم: «لا، لا أستطيع، سيكون العمل معكم وقتيّا وقصيرا، أمّا هنا فأظنّه سيدوم طويلا، طويلا جدّا!».
الصحبي الوهايبي
- اكتب تعليق
- تعليق