لقاء علمي ببيت الحكمة حول الدولة والمعرفة في تونس من ابن خلدون إلى مصلحي القرن التاسع عشر
غالبا ما نفسّر المبهم بما هو أكثر غموضا والفضفاض بما هو أكثر التباسا لاعتبارات معرفيّة بالأساس حسب قول الأستاذ عبد الحميد هنيّة في لقاء علمي حول الدولة والمعرفة، نظّمه مؤخّرا قسم العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة بالمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون "بيت الحكمة"، وقدّم خلاله الباحث هنيّة محاضرة بعنوان " الدولة والمعرفة في تونس من ابن خلدون إلى مصلحي القرن التاسع عشر" باعتباره أكاديميا مهتما بالبحوث والكتابات ذات الصلة بقضايا العلوم الإنسانية مثلما قدّمه الأستاذ محمود بن رمضان.
أبرز المحاضر التباس مفهوم الدولة في عديد الدراسات والاستخدامات على غرار الأطروحات التي يتداخل فيها السياسي مع عبارة "دولة"، ليصبح كل نمط حكم هو بالضرورة ترجمة لسياق دولة ما، لذلك نردّد مقولات "دولة بني العباس" و"دولة بني أميّة" ...، ويسود الاعتقاد بأن الدولة سائدة في كل الحقب التاريخيّة . لكن المقاربات المعرفيّة تقطع مع التأويلات الغائيّة والمفاهيم الفضفاضة معتمدة المقاييس الصارمة لتحديد نشأة كيان وأسس الدولة بوصفها شكلا من أشكال الحكم، لا الحكم أو السلطة في معناها المطلق.
وفي هذا السياق تتنزّل برأي المحاضر مقاربة ابن خلدون التي سعت في القرن الرابع عشر إلى مفهمة لفظ الدولة وتعريف مكوّناتها ، ولعل هذا ما برّر للفلسفات السياسيّة الإقرار بأن "الدولة هي الشكل الحديث للسلطة" على الرغم من حضورها في المعاجم الفلسفيّة والسياسيّة القديمة، وخاصة في الفلسفة السياسيّة لدى أرسطو وجمهوريّة أفلاطون . لقد مثّلت المقاربة الخلدونيّة منطلقا لعلم الاجتماع السياسي وللفكر الإصلاحي اللاحق، وهو ما عبّر عنه المحاضر بجينيالوجيا الدولة ، أي التدقيق في مفاهيم "السلطة" و"الملك" و"العصبيّة "..، وبناء الدولة في تونس من القرن الرابع عشر إلى القرن التاسع عشر حسب قراءات مختلفة لفاعلين اجتماعيين وسياسيين، منحدرين من خلفيات متنوّعة تحتّم تنوّع الرؤى بشأن مقوماتها وخارطة نفوذها ومشروعيّة سلطتها.
- اكتب تعليق
- تعليق