أخبار - 2019.03.07

من خفايا الطاقة في تونس: ما حقيقة الثـروة البترولية والغازية المهدورة؟

من خفايا الطاقة في تونس: ما حقيقة الثـروة البترولية والغازية المهدورة؟

شهدت الموارد الطاقية في تونس في السنوات الأخيرة تراجعا ملفتا وانخفض الإنتاج الوطني من المحروقات ممّا أثقل كاهل الميزانية العمومية وأثّر سلبا في التوازنات المالية للدولة. وأثار هذا القطاع العديد من التساؤلات وجدلا مجتمعيّا كان سببا في اعتصامات واحتجاجات شعبيّة ومزايدات على أساس أنّ الإمكانات وفيرة لكنّها مهدورة وظلّ المواطن في حيرة من أمره يبحث عن الحقيقة أمام هذا الجدل. وللكشف عن الوضع الطاقي في تونس، دقّقنا النظر في معطيات رسمية واستهدينا بتقييمات قدّمها لنا بعض الخبراء من خلال تشخيصهم للوضع. فما هي حقيقة الثروات البترولية في تونس؟ وهل هي مهدورة فعلا؟ ولماذا تدنّى الإنتاج في السنوات الأخيرة؟ وما هي إمكانيات التطوير المتاحة في القطاع؟ وماهي البدائل للحدّ من العجز الطاقي؟

لقد انطلق إنتاج النفط في تونس منذ سنة 1966 بحقل  البرمة الذي ساهم في توفير 46% من الإنتاج الوطني تلاه فيما بعد حقل عشتار وساهم في 22% منه أمّا بقيّة الآبار فكلّها صغيرة ويقارب عددها الخمسين بئرا من ذلك أنّ 27 منها لم تساهم إلاّ في 5% من الإنتاج الوطني. وإذا أضفنا إلى تلك المعطيات الأرقام التي مدّنا بها أحد الخبراء الجدّيين في القطاع (عديدون هم من يدّعون الخبرة بالقطاع دون وجه حقّ) وبالمقارنة مع مضامين الوثيقة الهامّة التي أصدرتها مجموعة من الخبراء التونسيين بتنسيق مع  الجمعية التونسية للنفط والغاز آخر سنة 2018 وتناولت تاريخية قطاع الطاقة في تونس، فإنّه  يمكننا أن نجزم وبالأرقام أنّ تونس ليس لديها طاقات بترولية ( نفط وغاز) بالحجم الذي يدّعيه البعض وبالتالي فالتراب التونسي لا يسبح تحت بحيرة من النفط كما يدّعون. فتونس  التي كانت تنتج حوالي 70 ألف برميل من النفط الخام في اليوم سنة 2010 تراجع إنتاجها حاليا وأصبح حوالي 38 ألف برميل  في اليوم في حين لا يتجاوز إنتاج الغاز حاليا حوالي 40 ألف طن يوميّا. وقد أصبحت تونس - العضو السابق في المنظمة العربية للدول المصدّرة للنفط - دولة مستوردة للنفط منذ أكثر من 20 سنة إذ تستورد حوالي ثلثي احتياجاتها من الطاقة ونصف استهلاكها من الغاز.

هل هي عقلية الغنيمة؟

جعل هذا التراجع إنتاج البترول والغاز موضع عديد التساؤلات نظرا لأنّه قطاع من المفترض أن يوفّر عائدات هامّة للبلاد لكنّ تلك التساؤلات أتت في الواقع من أشخاص يقول عنهم الخبراء في المجال بأنّهم نكرات في القطاع يدّعون معرفة لا يملكونها. كما صدرت التساؤلات عن ناشطين سياسيين لأغراض شعبوبيّة وعن أصحاب مصالح وراءها مجموعات ضغط. ونظرا لغياب الشفافية حرّكت تلك التساؤلات الشارع وزيّنت للمواطن واقعا طاقيا مزيّفا دون معرفة بالحقائق وظهرت مقولات مثل «تونس تسبح تحت بحيرة من البترول» وأطلقت حملة «وينو البترول؟». واعتبر كل ما يصدر من إجابات عن المؤسّسات العمومية الرسمية مزيّف فوجّهت الاتّهامات بشأن حوكمة قطاع المحروقات ونظّمت حملات ضدّ الفاعلين فيه إلى درجة هزّت ثقة المواطن بالمسؤولين عن القطاع. وتحرّكت بعض المجموعات بموجب عقلية الغنيمة وعلى أمل الفوز بالعقود إن ثبت أنّ لتونس بترولا.

مقارنة الإنتاج بليبيا والجزائر

فلماذا لا تملك تونس إذن طاقات إنتاجية شبيهة بالجزائر وليبيا باعتبار أنّ المناطق التي يستخرج منها النفط في البلدان الثلاثة متاخمة لبعضها البعض فالجزائر تنتج أكثر من مليون برميل في اليوم (مليون و 348 ألف برميل يوميا حسب إحصائيات سنة 2016) وليبيا تتجاوزها في الإنتاج (أنتجت مثلا 385 ألف برميل في اليوم سنة 2016 رغم ظروف الوضع في ليبيا)؟ يأتينا الجواب من أحد الخبراء الذين تحدثنا إليهم والذي بيَن أنّ إنتاج النفط يحسب مقارنة بالمساحة التي يوجد فيها. فنسبة الإنتاج قياسا بالمساحة تقدر بـ 27% وهي نفس النسبة في كلّ من تونس والجزائر وليبيا وبما أنّ مساحة الصحراء الجزائرية تمثّل 14 ضعف مساحة الصحراء التونسية ومساحة الصحراء الليبية تمثّل 26 ضعفا مساحة الصحراء التونسية فإنّ إنتاجهما من النفط والغاز وفق  المساحة يكون أكبر بكثير من إنتاج  تونس  رغم أنّ منطقة إنتاج واحدة تربط بين الدول الثلاث وتسمّى حوض غدامس المشترك ولا تمثّل المساحة التونسية المستغلّة سوى 10% من مساحة الحوض بينما للجارين مناطق إنتاج أخرى مهمّة . لذلك  ونظرا لضعف المخزون من المحروقات تراجع اهتمام غالبية الشركات البترولية الكبرى بتونس منذ ثمانينات القرن الماضي ودعّم ذلك «تقرير روبرتسون» الصادر سنة 2005. وغادرت شركات عالمية مثل شال وطوطال وإيلف... كما أنّ نسبة النجاح عند حفر الآبار في الصحــراء التــونسية تقـدّر بـ 15% و بـ 7% في الشمال.

خالد الشابي

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
1 تعليق
التعليقات
Mohamed ELLOUZE - 19-03-2019 09:58

كيف لنا ان نصدق تحاليلكم و نحن نعلم ان 60 في المئة من الاستثمارات تذهب لقطاع الطاقة منذ عقود فهل الشركات البترولية اصبحت مراكز خيرية تستثمر في قطاع لا ينتج البترول او الغاز ؟

X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.