مواقف وآراء -
2018.12.31
المشهد الشاميّ المنعش... إن هذا لشيء عجاب
بقلم: محمد إبراهيم الحصايري - لأني أريد أن أودّع سنة 2018 في يومها الأخير وأستقبل سنة 2019 في يومها الأول، بمقال فيه شيء، ولو يسير، من التفاؤل، فإنني سأتوقف عند المشهد المنعش الذي عشناه يوم الخميس الماضي، وأعني بذلك مشهد الوفد السياحي السوري الذي حملته "أجنحة الشام" إلى مطار المنستير، في أول رحلة مباشرة بين سوريا وتونس بعد انقطاع تواصل ما يناهز الثماني سنوات...
ولقد أسعدني هذا المشهد مثلما أسعد جميع التونسيين (إلا من في قلبه مرض)، فهو يشكل إحدى بوادر عودة المياه إلى مجاريها، على الصعيد الشعبي، بين بلدين ما كان لهما أن يختلفا أو يتخالفا لولا أخطاء بعض أدعياء السياسة والسياسة منهم براء، وهو ربما يبشر بقرب عودة العلاقات التونسية السورية إلى طبيعتها على الصعيدين السياسي والدبلوماسي...
أقول ربما لأنني أشعر بأن موقف سياسيينا من هذه المسألة ما يزال يتسم بالتردد والتذبذب، وليس أدل على ذلك من تحجّج وزير الشؤون الخارجية مؤخرا بأن قرار عودة أو إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية هو قرار جماعي وليس قرارا فرديا...
ومع أنني لا أجادل في ذلك، فإنني أرى أن لا شيء يمنع بلادنا من أن تبادر مع مطلع سنة 2019، على الصعيد الثنائي وبقرار سيادي محض لا دخل لأحد فيه، برفع تمثيلها الدبلوماسي في دمشق إلى مستوى السفير، كخطوة على طريق تنقية العلاقات التونسية السورية من الشوائب التي علقت بها في السنوات الماضية، وكمساهمة في الدفع نحو عودة سوريا إلى احتلال مقعدها في جامعة الدول العربية، بمناسبة القمة العربية الثلاثين التي تستعد بلادنا لاحتضانها في أواخر شهر مارس القادم...
أجل إن تونس يمكن أن تتحرك من أجل تسريع اتخاذ قرار هذه العودة في أقرب وقت ممكن وقبل قمتها المنتظرة حتى تتسنى دعوة سوريا إليها، (وليس أثناءها كما أشار إلى ذلك وزير الشؤون الخارجية)، ذلك أن رئيس الدولة سيشارك في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الرابعة التي ستلتئم يومي 19 و20 جانفي 2019 بالعاصمة اللبنانية بيروت، وسيكون بإمكانه، إن توفرت لديه إرادة الفعل اللازمة، أن يدفع، بالتنسيق مع يقاسمه نفس الإرادة من قادة الدول العربية، في هذا الاتجاه الذي بات حتميا، إن عاجلا أو آجلا ولا شك أنه من الأفضل أن يكون عاجلا وأن يكون لتونس يد في استعجاله.
لذلك فإنني آمل حقا أن تذهب تونس إلى قمة بيروت وهي عازمة على "اقتلاع" قرار عودة سوريا إلى الجامعة، لا فحسب من باب تصحيح الخطإ المرتكب في حقها، وإنما أيضا من باب الوعي بالمتغيرات التي شهدها ويشهدها يوما بعد يوم السياق العربي والإقليمي، وهو ما تجلى مؤخرا في الزيارة التي قام بها الرئيس السوداني الى دمشق، وفي إعادة فتح سفارة دولة الامارات العربية المتحدة بالعاصمة السورية، وفي مبادرة دول عربية أخرى بفتح فنوات الاتصال مع سوريا علانية أو في السر.
وخلاصة القول، عندي، أن المناخ بات ملائما لابتداء طور جديد في العلاقات التونسية السورية خاصة وفي العلاقات السورية العربية عامة... وسيكون جميلا أن نرى سوريا تعود الى مقعدها في جامعة الدول العربية وأن تحضر قمة تونس حتى يكون لهذه القمة الفضل في إغلاق قوس غيابها أو في الحقيقة تغييبها العبثي واللامعقول عن ساحة عربية هي في قلبها حضاريا وجغرافيا وتاريخيا، وستظل كذلك حاضرا ومستقبلا...
محمد إبراهيم الحصايري
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
- اكتب تعليق
- تعليق
أصداء المؤسسات