إن هذا لشيء عجاب: عندما تأتي الدعوة إلى إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية من... موسكو عبر روما
في الثالث والعشرين من شهر نوفمبر 2018، أي قبل ما يقارب الأسبوعين، دعا سيرغي لافروف وزير الشؤون الخارجية الروسي، في الكلمة التي ألقاها في مؤتمر "حوار المتوسط" الدولي المنعقد في العاصمة الإيطالية روما، إلى إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، معتبرا أن تجميد عضويتها في الجامعة كان "خطأ فادحا".
وقد توقّعت، من باب "تفاءلوا بالخير تجدوه" أن تلقى هذه الدعوة صدى لدى الجامعة ولدى بعض الدول العربية، غير أنها قوبلت بالصمت شبه المطبق،حتى لقد انطبق على موقف العرب منها قول الشاعر "لقد أسمعت لو ناديت حيّا، ولكن لا حياة لمن تنادي".
وانطلاقا ممّا شهدته سوريا، في الفترة الأخيرة،من تطورات، وما عرفته الساحة العربية عموما ومنطقة الشرق الأوسط خصوصا من متغيرات،فإنّني أعتقد، كالعديد من المهتمّين بالشؤون العربية، أن الوقت حان للقيام بعملية مراجعة للمواقف التي تم اتخاذها وللسياسات التي تم انتهاجها إزاء الأزمة السورية على امتداد السنوات الثماني الماضية.
وفي رأيي، فإن تونس مدعوة إلى أن تكون على رأس الدول العربية التي ينبغي أن تنخرط في عملية المراجعة، لعدة أسباب منها خاصة الخطأ الفادح الذي ارتكبه "رئيسها المؤقت"حين لم يكتف بفتح أحضان تونس لمؤتمر "أصدقاء / أعداء سوريا"، بل عمد أيضا إلى اتخاذ قرار طرد السفير السوري منها، رغم أنه لم يكن فيها، ساعةَ طرده.
ولأن الاعتراف بالخطأ فضيلة، فإنه من المهم الابتعاد في معالجة هذا الملف عن المكابرة والعناد، ورمي المسؤولية على الطرف الآخر.
إن إعادة العلاقات التونسية السورية إلى سالف عهدها استحقاق ينبغي تلبيته إن عاجلا أو آجلا، والأفضل أن يكون عاجلا لأن في ذلك مصلحة مؤكّدة لبلادنا التي تحتاج إلى التّوقّي من ذيول الحرب التي شنتها سوريا على تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" وغيره من التنظيمات الإرهابية التي التحق بصفوفها "دخلاء" من شتى أنحاء العالم ومن مختلف الجنسيات، ومنهم تونسيون، ينبغي أن نعلم إلى اين سيؤول من بقي منهم حيا...
وعلى هذا الأساس، وبما أن بلادنا على أبواب احتضان القمة العربية الثلاثين، فقد يكون من المناسب التفكير في "التكفير" عن الخطإ المرتكب في حق سوريا بالعمل على إعادتها إلى الصف العربي، بهذه المناسبة.
ولقد أشار وزير الشؤون الخارجية في حديث أدلى به الأسبوع الماضي إلى صحيفة "الصباح نيوز"إلى أن تونس، في إطار الاستعداد للقمة المنتظرة، بصدد القيام بتحركات بالتنسيق مع الرياض، باعتبارها رئيسة القمة السابقة، والامل كبير في أن تكون مسألة عودة سوريا الى جامعة الدول العربية أحد مواضيع هذه التحركات...
محمد إبراهيم الحصايري
- اكتب تعليق
- تعليق