تقديم كتاب "الحلم والمنعرج الخطأ" في بيت الحكمة
ينظّم المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون "بيت الحكمة" يوم الجمعة 30 نوفمبر 2018 على الساعة الرّابعة بعد الزوال بالاشتراك مع دار الجنوب للنشر لقاء يقدّم خلاله الأستاذ عادل كعنيش كتاب "الحلم والمنعرج الخطأ" للأستاذ عبد السّلام القلّال.
ويفصح الأستاذ عبد السلام القلّال عن سرّ هذا الكتاب الذي يجمع بين السرد والتحليل.
وخلافا للمنحى الذي نحاه عدد من أعضاد "المجاهد الأكبر" الذين كتبوا مذكراتهم، لا يكتفي المؤلف باستعراض مسيرته - على ثرائها وتميّزها - واليا على الكاف ثمّ على القصرين بعد مهمّة في مسقط رأسه صفاقس واضطلاعه بمسؤوليات في إدارة الحزب الاشتراكي الدستوري بل يخصّص جزءا كبيرا من كتابه لتناول الخيار السياسي والاقتصادي الذي اعتمده النظام البورقيبي في ستينات القرن الماضي ليميط اللثام عن جوانب ظلّت معتمة إلى حدّ اليوم، ونقصد الاشتراكية الدستورية.
يعود الأستاذ عبد السلام القلّال خمسين سنة بعد تطبيق هذا الخيار لتبيان الظروف التي حفّت بفشل تجربة التعاضد. وتكتسي شهادته بالغ الأهمية باعتباره كان مسؤولا جهويا يتمتّع بنفوذ واسع وشاهد عيان على أحداث عاشها أثناء لقاءات جمعته ببورقيبة والباهي الأدغم وأحمد بن صالح حيث يلقي أضواء ساطعة على تلك الفترة المفصلية في تاريخ تونس الحديث، كاشفا عن حقائق تذكر لأوّل مرّة.
ويقول الأستاذ الشاذلي القليبي في تقديم الكتاب: " والأستاذ القلّال في كتابه يشير إلى عديد القضايا الأساسية محلّلا، بنظرات ثاقبة جوانب منها، لم تكن معروفة بهذه الدقّة، وأخصّ منها "قضيّة التعاضد"، وما حفّ بها من أسباب جانبية، أدّت إلى تعقيدها وآلت بها إلى إعلان فشل التعاضد. والحقيقة يبيّنها سي عبد السلام: لم يفشل التعاضد ولكنّ قرار التعميم هو الذي أفشل هذا الإنجاز الهامّ وأفضى به إلى ما لا تحمد عقباه ".
ولأنّه أبى الانضمام إلى الزمرة التي انقلبت على أحمد بن صالح طلب عبد السلام القلّال إعفاءه من مهامه كوال على القصرين ليستعيد حريته ويمارس من جديد مهنة المحاماة.
في الجزء الأول من الكتاب يروي المؤلف بأسلوب شيّق طفولته في برج وسط جنان بصفاقس وأيام شبابه بالمعهد الصادقي ونضاله السياسي في صفوف الحزب الاشتراكي الدستوري ثمّ في صفوف الاتحاد العام لطلبة تونس.
وينقلنا الكاتب إلى أجواء لقاءاته ببورقيبة المفعمة بالحميمة والدفء الإنساني ومحادثاته المطوّلة مع الزعيم فيكشف عن ملامح من شخصية بورقيبة وأوجها من فكره لم تكن معروفة من قبل. وإذ يقف القارئ على قوّة الحجج التي يوردها الكاتب للدفاع عن وجهة نظره بخصوص الاشتراكية الدستورية فإنّه يجد متعة في اكتشاف أحداث ووقائع تاريخية كنشأة الاتحاد العام لطلبة تونس والوضع السياسي السائد في سنوات الاستقلال الأولى وزيارتيْ بورقيبة الرسميتين إلى يوغسلافيا واليونان واللتين رافقه فيهما المؤلف وإقامة "المجاهد الأكبر"في عدّة مناسبات بالكاف، فضلا عن تطرّقه إلى ما ينبغي اتّباعه من أسلوب في مصاحبة الرئيس وتبادل الحديث معه وإقناعه بجدوى قرار يتعيّن اتّخاذه.
يبقى القارىء مشدودا إلى الكتاب من بدايته إلى نهايته، فالكاتب يجمع بين البراعة في السرد وعمق التحليل وجزالة اللفظ ومتانة الأسلوب . وهذه المؤلَف يبرز بجلاء الجانب الأدبي في تكوين الأستاذ عبد السلام القلّال، وهو الحاصل على الإجازة في اللغة والأداب العربية، علاوة على حصوله على إجازة في الحقوق وعلى شهادة في اقتصاد التنمية.
- اكتب تعليق
- تعليق