محمد إبراهيم الحصايري: أهلا وسهلا بدعوة الملك محمد السادس إلى حوار مغربي جزائري
في الخطاب الذي ألقاه العاهل المغربي الملك محمد السادس، يوم الثلاثاء 06 نوفمبر 2018، بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء الثالثة والأربعين، أكّد، بكل وضوح ومسؤولية، كما قال، "أنّ المغرب مستعدّ للحوار المباشر والصريح مع الجزائر الشقيقة، من أجل تجاوز الخلافات الظرفية والموضوعية، التي تعيق تطوّر العلاقات بين البلدين"، وأضاف أنّه يقترح على أشقائه في الجزائر "إحداث آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور" تكون مهمّتها "الانكباب على دراسة جميع القضايا المطروحة، بكل صراحة وموضوعية، وصدق وحسن نية، وبأجندة مفتوحة، ودون شروط أو استثناءات"، كما يمكن "أن تشكل إطارا عمليا للتعاون، بخصوص مختلف القضايا الثنائية، وخاصة فيما يتعلق باستثمار الفرص والإمكانات التنموية التي تزخر بها المنطقة المغاربية".
وبالإضافة إلى ذلك يمكن أن "تساهم في تعزيز التنسيق والتشاور الثنائي لرفع التحديات الإقليمية والدولية، لاسيّما فيما يخصّ محاربة الإرهاب وإشكالية الهجرة".
ومن المفارقات الغريبة أنّ العديد من الجهات والأطراف الدولية رحّبت بهذا الاقتراح المغربي، بينما لاذت أغلب الدول العربية ومنها بلادنا، بالصمت، واقتصرت ردود أفعالها على "شطحات" بعض وسائل إعلامها أو بعض المحللين الذين جنحوا، في الغالب، الى التثبيط والتحبيط من خلال التشكيك في إمكان تجسيمه...
وفي رأيي، فإنّ هذا الاقتراح جدير كل الجدارة بالترحاب لا فحسب لأنّه يمكن أن يفضي إلى تحسين العلاقات بين الرباط والجزائر، بعد عقدين ونصف من الجمود، ولكن أيضا لأنّه قد يساعد على وضع حدّ لما سمّاه الملك محمد السادس "واقع التفرقة والانشقاق داخل الفضاء المغاربي، في تناقض صارخ وغير معقول مع ما يجمع شعوبنا من أواصر الأخوة، ووحدة الدين واللغة، والتاريخ والمصير المشترك".
والحقيقة أنّ بلادنا التي يُنْتَظًر أن تستضيف القمة العربية الثلاثين بعد أربعة أشهر، كان حريّا بها، لا أن تكون في مقدمة المرحّبين بهذا الاقتراح فقط، بل أيضا أن تكون في طليعة المتحركين من أجل المساعدة على تجسيمه لأنّ إحلال الصفاء والوئام بين المغرب والجزائر من شأنه أن يساعد على توفير ظروف أفضل لنجاح القمة المنتظرة...
وليس هذا فحسب، ففي هذا الزمن العربي الرديء الذي بات فيه العرب أعدى الأعداء لأنفسهم ولبعضهم البعض، صار طيّ صفحة أي خلاف أو نزاع بين بلدين عربيين، مصلحة وطنية لكليهما، وفي ذات الوقت مصلحة عربية من شأنها أن تساعد على دفع بعض الأخطار المحدقة بالأمة العربية من كل حدب وصوب.
وغني عن البيان أنّ فتح صفحة جديدة من العلاقات المغربية الجزائرية، سيكون من ثماره فتح الحدود البرية المغلقة بين البلدين منذ عام 1994،أي منذ خمس وعشرين سنة كاملة، وهو ما من شانه أن يساعد على إعادة الحركية للمبادلات بشتى أشكالها بينهما وبين البلدان المغاربية عامة.
على أنّ الأهمّ من ذلك، أنّ تجسيم هذا الاقتراح سيكون بمثابة خطوة تمهيدية للإقبال، جماعيا وفي كنف التنسيق المحكم بدلا من التنافس العقيم، على التصدي للإشكاليات القائمة في منطقتنا المغاربية، والتأهب لمعالجة الإشكاليات القادمة إليها، لا محالة، من جوارها القلق المضطرب، وذلك بدءا بالوضع في ليبيا التي تركنا، مع الأسف، أمر معالجته لمن تسببوا في خلقه وفي تعقيده، وتعفينه... ووصولا إلى ظواهر الإرهاب والتهريب والهجرة والجريمة العابرة للحدود التي ما انفكت تتفاقم مع استمرار حالة عدم الاستقرار وتفاقم الاختلال الأمني من حول بلداننا ومنطقتنا...
محمد إبراهيم الحصايري
- اكتب تعليق
- تعليق
مقال رائع بما أورد صلحبه السفير محمّد ابراهيم الحصايري من تحليل موضوعي منطقي فشكرا جزيلا للمؤلف وأمنيتي أن نرى قريبا اللأشقاء في كلّ من المغرب والجزائر حول مائدة التفاوض لما فيه الخير للشعبين الشقيقين ولشعوب الاتحاد المغاربي وللعلاقات بين بلداننا وبلدان الضفّة الشمالية من المتوسط,