الحكومة تقدّم مشروع إصلاح منظومة دعم المواد الأساسية
قدّم عمر الباهي وزير التجارة خلال الندوة الوطنية حول التوجهات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى لمشروع قانون المالية للعام المقبل التي انعقدت يوم الجمعة 14 سبتمبر 2018 مشروع إصلاح منظومة دعم الموادّ الأساسية.
ويتجلّى من خلال العرض الذي قدّمه الوزير أنّ نفقات الدعم شهدت تطوّرا هامًّا خلال السنوات الأخيرة لتمرّ من 730 مليون دينار سنة 2010 إلى 1500 مليون دينار سنة 2017 وهو ما يمثل حوالي 1,7% من الناتج الوطني الخام و5% من ميزانية الدولة و26% من نفقات التنمية (إضافة إلى خسائر المؤسسات العمومية).
وهذا التطوّر ناتج عن عديد السباب من أهمّها سياسات تجميد أسعار البيع للعموم للمواد المدعمة مع الارتفاع المستمر لكلفة مدخلات الإنتاج : المواد الأولية والأجور والطاقة.
وعرض عمر الباهي أمثلة للانحرافات الجانبية لمنظومات الدعم .فبخصوص منظومة دعم الحبوب ، لوحظ تفاقم ظاهرة التبذير (حوالي 900 ألف وحدة خبر في اليوم بكلفة 100 م د في السنة) واستعمال السميد المدعّم في التغذية الحيوانية أو في صنع المرطبات وبعض أصناف الخبز وإحلال في ما بينها إلى جانب التهريب.
وبيّن الوزير أنّ الإشكاليات الجوهرية للمنظومة الحالية تتمثل في وجود عديد من الأسعار بفوارق هامة لنفس المادّة أو مواد متقاربة، مما يفتح باب الاستعمالات الغير مرخَّص لها،، علاوة على أنّ الاستعمالات غير الأسرية للمواد المدعمة الأساسية قدرت بـ 23 بالمائة وأنّ نسبة 7 بالمائة من الدعم موجَّه إلى الفئات الميسورة حسب دراسة البنك الأفريقي للتنمية.
واعتبارا إلى أنّ الإصلاح بالزيادات التدريجية لا يسمح بتوجيه الدعم إلى مستحقيه وهو مسار يؤثر خصوصا في القدرة الشرائيّة للفئات الاجتماعية الضعيفة فإنّ التوجه المقترح هو إصلاح شامل لمنظومة الدعم يتمثّل في التخلي عن دعم أسعار المواد الأساسية والتوجه نحو نظام دعم المداخيل حتّى يوجّه الدعم إلى مستحقيه ويسهل الولوج إلى المنتجات الأساسية.
وذكر عمر الباهي أنّ من إيجابيات هذا الإصلاح تفادي التبذير والتقليص من استعمال المنتجات المدعمة في الأغراض المهنية وسحب البساط من مهربي المنتجات المدعمة والمساهمة في التحكم في العجز التجاري، على أن تبقى أسعار المواد الأساسية خاضعة إلى نظام التأطير وتتم المحافظة على ديمومة الدواوين (ديوان الحبوب، الديوان الوطني للزيت ...).
وأفاد الوزير أنّه طُلب إحداث لجنة حكومية للتعمّق في المقترح وتقديم تصورات عملية وفنية لتنفيذ هذا المقترح الذي صادق عليه مجلس وزاري مضيّق في 26 مارس 2016.
وتجدر الإشارة إلى أنّها المرّة الأولى في تونس التي تجرأ فيها الحكومة على اقتراح تغيير بمثل هذه التفاصيل لمنظومة الدعم التي هي محلّ تباين في وجهات نظر عديد الأطراف في مقدّمتها الاتحاد العام التونسي للشغل.
- اكتب تعليق
- تعليق